شيخوخة / قصّة قصيرة
بقلم /محمد المسلاتي – ليبيا
. . كاد يسقط، تلقفته بكلتا ذراعيها . . ترنحت قليلًا ثمَّ تماسكت . . التقطت التقارير المبعثرة، وشظايا نظارته الطبية . . قال :
- تهشمت ؛ لن أرى من دونها .
- سنشترى أخرى .
- ماتبقى من نقود بالكاد يكفي متطلبات الفحوصات و الأدوية .
- ستتدبر .
- تذكري أيضًا تكلفة الإقامة إلى حين العودة .
تنهد بحسرة : - و سداد ما اقترضناه فور رجوعنا . . معاشي التقاعدي لا يغطي كل هذا .
غيّرت مسار الحديث قائلة : - اتَّكِئ على كتفي .
ارتسمت على شفتيه ابتسامة باهتة :
عرفت سرّ انبعاثها . . لابد أنه تذكر . . الجملة نفسها؛ تلك التي سمعتها تخرج من بين شفتيه. . أول أيام شهر العسل . . بعد وصولهما إلى القاهرة . . قبالة الأهرامات . . انطلقت مهرة جذلى . . همّت بركوب الجمل . . الريح داعبت جدائل شعرها . . انزلقت قدمها . . قبل أن تسقط؛ باغتها بساعده القوي . . المصوّر الجوال حنّط اللحظة . . طوال اليوم ينظران إلى الصورة . . يتندران بالموقف . يقهقهان بجنون . . يا للزمن . .
انتبهت حين تمتم من وراء لهاثه الضعيف : - لا أستطيع مواصلة السير .
- تماسك قليلًا . . وصلنا إلى المقهى . فلنجلس لنرتاح .
قرّب رأسه منها . . همس : - قشعريرة . . كأن بللًا طال بنطلوني.
- لا تقلق ياعزيزي، عامل التنظيفات يغسل الأرضية . . أنا أيضًا اعترتني البرودة .
- مسّدت يده بحنو . .
أدارت رأسها . . شرعت تصيح : - أغرقتنا يا رجل . . احترس . . اجذب الخرطوم إلى الناحية الأخرى .
لفت صوتها انتباه الجالسين، تطلعت إليهما الأعين . .
لم يكن هناك أحد يرش الماء .
–
التعليقات مغلقة.