صباحية مباركة يا عريس بقلم / محمد على حماد
رواية كردهار صباحية مباركة يا عريس
بقلم / محمد على حماد
الفصل الثاني من رواية كردهار بقلم/محمد علي حماد
الرواية حاصلة علي رقم ايداع و تحت النشر
-“صباحية مباركة يا عريس.”
خرجت هذه الكلمات مصحوبة بضحكة غجرية مثيرة مهما كتبت لن أستطيع أن أصفها لكم إلا أن تسمعوها
-“يلا يا سيد علشان ورانا مشاوير كتير.”
خلف عجلة القيادة مركزا بصرى على الطريق و تلك النسمات المنعشة تداعب شعرى الاسود الفاحم فى طريقنا الى محجر الرخام ، ما بين اللحظة و الأخرى كنت أتناول قليلا من زجاجة الماء و التي أذبت فيها ثلاث شرائط من حبوب الترامادول المخدرة ، بالتأكيد لن يخطر ببال أى رجل شرطة أن زجاجة كهذه تحتوى على كل هذا الكم من الحبوب المخدرة….
فى المحجر تحولت الهانم الى إمراءة فولاذية صلبة تأمر و تنهى و تعطى أوامر و تحاسب فى قسوة، إمراءة أخرى غير تلك الجارية المرمرية الغنوج اللدنة التي أنهكتني و دغدغت مشاعر و جسدي طوال الليل.
حتى أنا بعيدا عن الفراش مجرد سائق لا أستطيع أن أرفع عيناي فى وجهها.
أصابني شيء من الملل فقررت أن أتجول غير بعيد فى أرجاء المحجر…
-“سيد!!!!!!”
فاجأني ذلك الصوت القادم من الخلف فألتفت نحو مصدره فى دهشة،انه عنتر عفيفي ،رفيق الدراسة….
جمعتنا ظروف متشابهة منذ مجيئنا الى الدنيا و حتى حصولنا على شهادة الدبلوم الفنى، كلانا تربي يتيما، كلانا ذاق مرارة الفقر و اليتم و الحرمان، الا ان القدر قاده للعمل فى مجال الرخام ليصبح أحد الأثرياء البارزين فى القرية بل و على مستوى المحافظة. ملامحه لم تختلف كثيرا عن الماضي القريب، فقط هي تلك الملابس الفخمة. لحظات من العناق و القبلات و التحية و السؤال عن الصحة و الأحوال
-“ايه اللى جابك هنا يا ابو السيد؟”
فى إيجاز قصصت عليه حكايتي ثم تبادلنا أرقام الهواتف على أمل التواصل من جديد.
مجرد أدوات بيد القدر، يجمعنا وقتما يشاء و كيفما يشاء و لأسباب و ترتيبات لا يعرفها سوى مسبب الأسباب.بيني و بين نفسي لم أكن أتخيل أن هذا اللقاء القصير سوف يترتب عليه أحداث رهيبة تغير مجرى حياتي…
لا أدرى كيف أمضيت عاما من عمرى فى هذا العمل بمثل هذه السرعة. تنفلت اللحظات من بين أيدينا و نحن أشبه بالسكارى…
مع انتهاء العام كانت بانتظاري مفاجأة جديدة…..
باع سعد السعيد جميع ممتلكاته و قرر الهجرة الى الخارج لأجد نفسى بلا عمل، مضطرا للعودة الى مسقط رأسي..
بالتأكيد من حصدته من أموال و من هبات و إكراميات يفوق راتب عشرات الموظفين طوال حياتهم الوظيفية.
لا تندهشوا حينما أخبركم أن دخلى فى هذا العام تجاوز مليوني جنيه، فقد كانت السيدة دينا سخية و كريمة معى لأبعد الحدود و كذلك كان السعيد…
حينما عدت الى مسقط رأسي كان من السهل أن أشترى منزلا فخما مؤسسا و أن أشترى سيارة نقل للعمل عليها…
كادت الأمور أن تسير بطريقة طبيعية لولا ذلك الطارئ المؤلم….
حالة غريبة من التشنجات العصبية يعقبها إغماء فى معظم الحالات….حالة من الشرود و التوهان..و الأسوأ من ذلك هو تلك الكوابيس….هي ليست كوابيس بالمعنى الحرفي و انما هي أحلام غريبة أرى فيها الهانم بين أحضاني فى الفراش، و أصل معها الى قمة المتعة…
ترددت كثيرا على عيادات الأطباء النفسيين. تلك الأقراص المهدئة و المخدرة لم تجد، نفعا فنحن معاشر سائقي السيارات أكثر أهل الأرض تعاطيا لكافة انواع الحبوب و المخدرات بكافة أنواعها.
و الأدهى و الأقسى ما اصاب علاقتي بفاطمة. حالة من الفتور و النفور و المشاكل بلا اسباب او مبررات. و المثير للحيرة ما كان يحدث و نحن في الفراش. كنا نسمع جلبة و ضوضاء، طرقات علي الأبواب، اصوات أشبه بصوت تدحرج الاف البراميل المعدنية علي أرض اسفلتية.
لست أدرى لماذا غاب عن ذهني العم موسي طوال هذه الفترة…
حينما طفا الى ذهني توجهت كالمأخوذ الى داره…
مقابلته لى هذه المرة كانت مختلفة تماما عن كل المرات السابقة ؛حينما رأنى نظر الى فى دهشة كأنه يرى شبحا أو عفريتا يلازمنى…شعرت بوخزات مؤلمة و انتفاضة و تشنجات مع تلك الكلمات المبهمة.
كلمة واحدة استطعت تمييزها من بين كلماته الغامضة “كردهار”
كنت كلمات تكررت هذه الكلمة على مسامعي أشعر بزلزال يجتاحى و تقلصات عنيفة تعترى كل ذرة من ذرات جسدي….
قرابة النص ساعة قضاها الرجل كمن يصارع وحشا أو شبحا خفيا، بعدها هدأ كل شيء و أصاب كلانا حالة من الإرهاق و التعب، بعد أن أنهى ما كان يفعله ركز بصره على وجهى متسائلا:
-“إنت إتعرضت لمومياء او مقبرة فرعونية؟”
أصاب سؤله وترا فى نفسي فارتبكت لثوان فتابع هو فى ثبات:
-“الكلام دا حصل فى أسيوط فى قرية……”
انتابتنى حالة من الذهول فهززت رأسى فى استسلام
-“ساعة ما تعرضت للمومياء لبستك جنية سفلية اسمها كردهار…بس ما تخافش أنا حصنتك كويس منها ومش ها تأذيك تانى “
بعد أن غادرته بحثت و بقوة عن أهم كتب السحر و تسخير الجان ،شمس المعارف الكبري ، اللؤلؤ و المرجان فى تسخير ملوك الجان ، تسخير الجن .
مجموعة كبيرة من الكتب جمعتها للابحار فى هذا البحر الهائج
شعور بالراحة أحاطني بعد أن قرأت كثيرا عن عالم الجان. فى المساء لم أجد غضاضة أو حرج حينما وضعت رأسي على الوسادة فيما مضى كان النوم عبئا ثقيلا على صدرى،عدا هذه الليلة. حينما وضعت رأسي على الوسادة تناهى الى سمعى صوت حالم أشبه بموسيقى هادئة ، حالة أشبه بالخدر اللذيذ حملتني الى عالم آخر..
شيء أشبه بأفلام الخيال العلمي..
بعد لحظات وجدتنى فى حجرة فاجرة الثراء، على فراشها الأسطوري تجلس أية من أيات الحسن و الجمال، لن تسعفني كل قواميس العالم لوصف حسنها و جمالها….
-“انتي مين؟’
أطلقت ضحكة صافية أصفى من ماء المطر
-“أنا حبيبتك !”
-“أنا ماليش حبيبة غير فاطمة “
هزة قوية كادت أن تخلع فؤادي من قفصه الصدري أصابتني حينما حدجتنى بتلك النظرة القاسية و بصوت كزئير الأسود هتفت
-“لولا القسم اللى قيدني بيه موسي كنت دمرتك …”
-“عمر الحب ما ييجي بالقوة …انا قلبى و مشاعري ملك فاطمة “
بكل ما فى الكون من غضب هتفت :
-“إياك تجيب سيرتها قدامى مرة تاني… أنا مت ما تعرفش أنا ممكن اعمل فيها ايه؟ انا ممكن ابهدلها أبهدلها.”
-“أرجوكى مالكيش دعوة بف…..بيها ….أتوسل إليكي مالكيش دعوة بيها .”
-“بشرط…انك ما تجيبش سيرتها فى حضوري .”
-“موافق بس عاوز أعرف انتى مين؟”
غنج صوتها و لان و أصبح أنعم من الحرير
-“قلت لك أنا حبيبتك .”
صوتها فقط يعادل الآف النساء …..
-“أنا كردهار أميرة على سبع قبائل من الجن ، اخترتك انت من بين ملايين البشر”
ما أضعفنا نحن معاشر الرجال فى حضرة الحسناوات ، من النظرة الأولى تتهاوى قلاعنا و حصوننا ،
-“واقف ليه ؟ أقعد جنبي ..”
قالتها مصحوبة بضحكة أشد من سكرة الويسكي ..
اعتدلت حينما جلست و اقتربت منى
-“بحبك…..”
ما حدث بعد ذلك لا أستطيع أن أقصه عليكم ، الا أنى حينما استيقظت استشعرت بللا في مكان ما فى ملابسي
الداخلية .
صباحا وجدت زوجتي تبكى في ألم
-“مالك يا فاطمة ؟”
-“صداع رهيب …الحقنى يا سيد.”
هي كردهار و لا أحد غيرها يستطيع أن يفعل هذا ….لا بد أن أجد حلا لأنقذ هذه البريئة من حلبة هذا الصراع .
بالنسبة لى أصبحت الأمور عادية ، أصبحت أقود سيارتي بلا وجل…علاقتي بزوجتي أصبحت فاترة جدا .
هذه الليلة الرومانسية الحالمة كان لقائي مع معشوقتي و حبيبتي كردهار، كانت تبدو فاترة الى حد ما
-“مالك ..إيه اللى شاغلك؟”
-“مشغولة بيك ؟
-“و أنا معاكي …’
بدا على وجهها شيء من الحزن و هى تتأمل وجهى
-“اللى بنعمله دا مخالف لقوانين الجن .’
-“ازاى ؟”
-“أنا من عالم الجن و إنت من عالم الإنس .”
-“و إيه المشكلة …نتجوز.”
-“المشكلة انى أميرة على سبع قبائل من الجن ..و مجلس الجن الحاكم ها يعترض …بيحصل ان البشر يتجوزوا من جنيات عادية و لكن الأمر مختلف بالنسبة للأميرات ،بس عموما ما تقلقش أكيد ربنا ها يحلها من عنده”
-“بتحبيني يا كردهار ؟”
هذا السؤال المباغت على إثره رفعت حاجبيها
-“لأ طبعا مش بحبك “
صعقتني إجابتها فهتفت بلا وعى
-“بتقولي إيه ؟’
فضحكت ضحكة غجرية مجلجلة
-“أنا مش بأحبك أنا بأعشقك أنا بأدوب فيك .”
-“لو بتحبيني فعلا ياريت تنفذي لى طلب بسيط ….”
-“الطلب دا بخصوص زوجتك الإنسية …صح؟”
هززت رأسي مؤمنا و موافقا
-“صح”
-“على فكرة هي أذتني الاول و اللى بيحصل دا رد فعل طبيعي …هي ضربتني بالليل لذلك أنا بأنتقم منها …”
-“ضربتك ؟ ازاى ؟ مستحيل !!!”
-” احنا الجن كائنات هوائية ممكن نتشكل فى شكل بشر أو حيوانات.. فى ليلة تجسدت فيض شكل قطة و بدون قصد خبطت طبق فى المطبخ ، فمراتك ضربتني ضربة آلمتني من ساعتها و انا بأنتقم منها ….احمد ربنا أننا ما عملناش فيها زي اللي عملناه في قرية دلجا .”
-“و ايه اللي عملتوه في قرية دلجا؟”
-“كان فيه جنيه من قبيلتنا تجسدت في شكل قطة و اتنين اخوات قتلوها فاجتمعت قيادة الجن و اخدوا قرار بقتل الاتنين . و فعلا الجن قتلهم .”
بعد محاولات مضنية أقنعتها أن تكف عن إيذاء زوجتي ،و مع أنها قد توقفت بالفعل الا أن علاقتي بفاطمة اعتراها شيء من الفتور .
انتابني شغف جارف لاكتشاف هذا العالم الغريب. قضيت أوقات كثيرة فى قراءة كتب السحر و تحضير الجان .. عرفت الكثير و الكثير عن ملوك الجان و العمار .
و منهم عمار المكان من الجن وطرق صرفهم والعزائم الخاصة وطريقة استخدامهم
قد تتساءل عزيزي القارئ من هم العمار ؟
لمزيد من المتعة و الإثارة تابعونا
التعليقات مغلقة.