صباغ الأحذية … عبد الصاحب ابراهيم أميري
صباغ الأحذية
عبد الصاحب إبراهيم أميري
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
في الستينيات من القرن الماضي، إنتشرت، ظاهرة صباغ الاحذية، واتخذت أشكالا عديدة، منها استأجر محل لصبغ الأحذية، يتسم المحل بالاناقة ، والديكور بقصد جذب الزبون، منصة قد تسع لجلوس خمسة زبائن، قصدوا المحل لصبغ احذيتهم ، و مكان للانتظار، لعدد مشابه، يجلس الزبائن على المنصة ويستسلموا لصباغي الأحذية، شانهم شان من يذهب للحلاقة، ومنهم من اتخذ الرصيف مكانا للعمل، واخرون، يحملون صندوقهم الخشبي الصغير، الحاوي على عدة الصياغة، يبحثون عن زبون، لا نستطيع القول ان هذه الظاهرة تلاشت، بل لا زالت موجودة بالوان باهته،
،،،،،،،،،،
أحداث حكايتنا تدور في سوق المغايز وله اسماء عدة، منها سوق الهنود، وللتسمية حكايات
يعد من أشهر أسواق مدينة البصرة، لما يحتوي من بضائع شتى، تراه مزدحما في أغلب ساعات الليل و النهار، كما إنتشرت فيه ظاهرة حضور صباغي الأحذية، يعرضون خدماتهم على أصحاب المحال
-تصبغ
يسلم الزبون حذاءه للصباغ، وينزوي الصباغ في مكان قريب ينجز عمله بهدوء،
ويتقاضى أجرته،
-عشرون فلسا
اعتاد جواد صبغ حذاءه يوميا، عند صباغ في منتصف العمر، يتحدث العربية بلهجة كردية، يتعاطف معه جواد معه كثيرا،
في ظهيرة يوم من أيام الأسبوع، وجد جواد بالقرب من محلهم فرشاة مقوسه، تستعمل لتلميع بريق الحذاء، وتعد في وقتها، ذات قيمه، قد تزيد عن خمسة دنانير، والمستعملة، دينار وربع الدينار كما قدرها البعض ، لتقريب المبلغ لاذهانكم، استذكرت مقطعا من منللوج عراقي، يقول فيه
-أشتريت صخلة(معزه) من سوق الهنود
دينار وربع والسعر محدود، صخله
نستنتج ان الفرشاة كانت تعادل قيمة معزه،
دفع جواد الفرشاة المقوسة لصباغ الأحذية، دون مقابل، في الوقت الذي كان يصر الصباغ على أن يدفع ثمنا لها، واخر مقترح له
-لعد اصبغلك بلاش
ابتسم جواد رغم صغر سنه
-هاي مو مالتي، حتى ابيعهه، اني لكيته يم المحل اذا تريد اخذهه واذا ما تريد رجعهه
استسلم الصباغ إلى رأي جواد الحازم. ومرت الايام ببطء،، حتى ظهر يوم آخر من ايام الاسبوع،
وقف شرطي عند باب المحل، َوخلفه وقف الصباغ ذليلا، وأشار صوب جواد
-هذا هو، اني مو حرامي،
تساقطت دموعه دون ارادته،
تفحص الشرطي جواد طولا وعرضا
-امنين جبت الفرشاة
-لكيتهه
-امشي كدامي لمركز الشرطة ، هناك راح تبين الحقيقة
كانت هذه المرة الأولى، التي ينقاد جواد إلى مركز الشرطة، وهو ابن الثانية عشر عاما، أنيق الملبس، حازم، قوي الاراده، لم يجعل للخوف منفذا،
تفحصه ضابط الشرطة، سأله عدة أسئلة، اقتنع الضابط ببرائته وطلب منه أن يذهب، الإ ان جواد لم يحرك ساكنا، طلب منه الضابط ثانية ان يذهب.
انفجر جواد غاضبا،
-ان كنت انا بريئا، فهذا المسكين برئ،
مشيرا للصباغ
ابتسم الضابط في وجه جواد،
-حقيقة انت رجل
ترك جواد مركز الشرطة و بصحبته صباغ الأحذية
عبدالصاحب ابراهیم اميري
التعليقات مغلقة.