موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

صحوة ..بقلم فادية حسون

324

صحوة…

بقلم فادية حسون


اقتربت الساعة من الثانية بعد منتصف ليل صيفي قائظ ألهب جوارحه وجسده وكل تفاصيله …كل شيء في تلك الغرفة القديمة البائسة كان ينطق بصدق معبرا عن الحال التي وصل إليها عبد الله ذاك الشاب الذي لامس قاعدة العقد الرابع من عمره معلنا إفلاسه من كل بواعث الراحة والاطمئنان .. منفضة الرماد بجواره كانت تكتظ بأنصاف السجائر المطفأة بحنق وبضغطة من سبابته الانفعالية معبرة عن مزاجه المتوتر وحالته الضبابية .. والفناجين المنتشرة بعشوائية فوق طاولته الصغيرة والتي تئن وجعا من ترسبات القهوة في قعرها المظلم .. وكأنها قطعان ماشية فرت مذعورة من ذئب اقترب منها فاغرا فاه مرسلا لسانه معلنا عن شهيته للافتراس … أصم أذنيه متجاهلا صوت امه التي تطالبه بخفض صوت الموسيقى التي تقض مضجع تلك المرأة الستينية و التي لطالما حرمت النوم بسببه …ولم يأبه لنوبة السعال التي اجتاحتها بفعل الدخان المنتشر بكثافة في أرجاء المنزل …. الشيء الوحيد الذي كان يستحوذ على كل تفكيره هو ذاك الحب الذي يرسم ملامح الأفول في قلبه ملوحا بالرحيل على أنغام شهقاته المتعالية باطراد … لم يبرأ من حب عائشة ..تلك الصبية التي اكتنز لها حبا بحجم الكون .. والتي أقام لها مسكنا بين الضلوع … لا ينفك يضغط على زر استرجاع ذاك المشهد الذي قصم ظهره .. وفتك بأحلامه ..تلك العبارة التي تفوه بها أبوها قبل أشهر بكل قسوة : ( ابنتي لن تكون لك ) ..
كور قبضته اليمنى وضرب بها بقوة على الطاولة متخيلا أنه يلكم وجه أبيها الذي تراءى أمامه كوحش انقض على حلمه الكبير وأتى عليه … كان عبد الله سابقا ينتقد بكاء الرجال لذا كان يتلقف دموعه حال خروجها من مجراها ويمسحها بسرعة محاولا طمس ملامح انهيار مبادئه التي تبناها بشدة ذات يوم .. وخشي سخرية القدر واقتصاصه منه عند أول دمعة مرئية ..
كيف لا تدمع عيناه ..؟ فهذه عائشة ..الفتاة التي شيد معها قصورا من الأحلام .. أسساها بلبنات من الوعود والعهود .. حب خالط الروح .. ومشى نسغه في الشرايين .. عائشة هي الأم المثلى التي ستربي أطفاله أعظم تربية ..والتي ستزرع القيم النبيلة فيهم ..
كيف لهذا الأب أن ينسف قصور أحلامه بجرافات تعنته ..وأن يحيل حلمه إلى ركام تدوسه أقدام العابرين …
كم كبير من التساؤلات نخر بطانة روحه ..وأرداه صريعا على هاوية اليأس فاقدا أبسط مقومات السعادة …
شعر بالكرى يداعب أجفانه المتمردة ..أسند مرفقيه الى طاولته الشاهد الوحيد على مأساته ..وأحاط رأسه بكفيه طامحا بإغفاءة قصيرة … ومن صميم نومه هزه صوت أذان الفجر …” الله أكبر ” عبارة سحبته من بئر أحزانه .. لأول مرة يتفكر في معانيها .. شعر بصغر وتضاؤل حيالها .. حقا الله أكبر .. هو أكبر من كل شيء .. شعر بأن حجرا ثقيلا أزيح عن صدره .. توجه للوضوء … ألقى نظرة الى أمه في غرفتها ..وجدها تنهض ببطء مصحوب بأذكارها ودعواتها المعتادة … تناهى الى سمعه قولها : هداك الله يا بني وأراح قلبك وأزال همومك … ابتسم وكأنه سمع صوتا من السماء يقول مناديا : ألا قد لبيت … أفرغ كأس ماء داخل أصيص من الزهر في جواره كان قد جف ترابه .. أحس بنسمة امتنان أرسلتها له تلك الزهرة التي من عليها بالارواء .. ثم هرع مسرعا للثم يدي أمه في شوق غير مسبوق … ضمته وهي تكفكف دمعتها شكرا لله ..
ووقفا معا لصلاة الفجر تلبية لنداء الحق ..

التعليقات مغلقة.