صدقة جارية “
قصة و عبرة ” قلم / أسـمـاء الـبـيـطـار
ها هو الشهر الفضيل هلّ علينا ، تزينت الشوارع و المأذن ، كعادتها كل عام ، و ها هو أول يوم لصلاة التراويح و الجميع يتسابق للمسجد
رجال، و أطفال ، و نساء
و ها هي جارتنا الودود أم فتحي التي تسكن في وسط الحارة
تُنادي على جارتنا أم أمل ، و أم أحلام هيا إلى الصلاة .
كان يسعدني المشهد من البلكونة و هم يخرجون واحدة تلوي الأخرى . و لكن أين الخالة ” أم حسن ”
آه أكيد لم تستطيع الخروج لأنها تُمرض والدها الشيخ الكبير .
هي فقط تخرج لصلاة الفجر .
و ذات يوم كنت أقف في البلكونة بعد السحور ، فكانت تخرج أخر واحدة في الشارع ، فرأتني و قالت لي :
” ياله يا أمل إنزلي خدي ثواب الجماعة يا بنتي ”
و أنا لم أتعود أن أذهب للصلاة في المسجد فستأذنت أبي و نزلت معها .
و لا أدري ما السر في هذا !
ذهبت ووقفت بجوارها و هي تصلي ، و عندما سجدت سمعتها
تقول : سجدت عليك توكلت
كانت الكلمات مسموعة جداً ، تخطت مسامعي ، حفظتها عن ظهر قلب من أول مرة !
و بعد هذه المرة التي دعتني فيها الخالة أم حسن للذهاب إلى المسجد لم أذهب مرة أخرى .
و كأنها كانت دعوة من الله لأجلها .
خالة أم حسن سيدة وحيدة ، كرست حياتها لتمريض والدها الشيخ الكبير ، لم تتزوج ، و لم يكن لها ولد ، و إحتراماً لها ، كان يُناديها الجميع بإسم أخيها الأكبر .
توفي والدها ، و بعده بعدة سنوات فارقت هي الأخرى الحياة
و لكن بقى لها في كل سجدة لي ” صدقة جارية ”
على روحها الطيبة ” سجدت عليك توكلت ” .
التعليقات مغلقة.