موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

صرخه..بقلم .. فاديه حسون

71

صرخه..بقلم .. فاديه حسون

رفعت مريمُ فتيلَ قنديلِ الكاز قليلا ،
حتى تبصرَ الوقتَ في ساعة الجدار الهرمة المستسلمة بصمتٍ فوق جدارٍ كئيب ..
كانت الساعةُ قد اقتربت من وقت أذان الفجر … تسترقُ النظر كل برهةٍ إلى النافذة
التي أُسدِلت عليها ستارةٌ لاتنفكّ تتراقصُ
على أنغامِ ريحٍ تتسرّب من بين شقوق الخشب،
التي صنعها النخرُ فيها على مرّ السنين …
كانت تنتظرُ عودتَه بفارغ الصبر …
غادرها فجر الأمس ..
ليشاركَ في معركةٍ حاسمة ضد العدو الصهيوني الغاشم ..
تشبّثَ ببندقيته بيمينه …
وتدرّع جعبتَه المحشوّةَ بكثيرٍ من الأحلام ..
وبيسراه أخذ يتلمّسُ بطنها الذي يرقدُ فيه فلذةُ كبدِه الثّاني ،
والذي يترقّب تشريفَه في أية لحظة ..
وقال لها بقلبٍ راقصٍ على خرير الأمنيات :
لقد اشتقتُ إليه كثيرا ..
ولو باغتكِ وأتى في غيابي فأكرمي بما يليق بثمرةِ حبّنا ..
ثم رحل متجنّبا النظرَ في حدقتيها المكتظّتين بالعبرات …
توجّه إلى طفله أحمد ذي الربيعين
الذي يرقدُ باطمئنانٍ بجانب المدفأة المتوهّجة …
انحنى إليه ..
قبّله بعمقٍ رافقته شمّة ..
ثم خرج ملوّحًا بيمناه
متّجهًا نحو الباب الخشبي ..
الذي تزقزقُ حوافُّه كنعشٍ مخلخل ..
ظلّت واقفةً ..
تراقبُ اختفاءَ طيفِه في طيّات الظّلام …
لم يكن قلبُها مطمئنًّا كما في كل مرّة ..
كانت كل ساعة تشعر بألمٍ شديدٍ في بطنها ..
لكنّها في كل مرة تُلصقُ تهمةَ المغصِ بالبرد ..
راعها صوتُ قطّةٍ تموءُ توجّعًا في الخارج ..
أحسّت أنها تلد في هذا الوقت المتأخر في جوّ بارد ..
أشفقت روحُها عليها ..
ومع كل مواءٍ للقطّة كان يتزايد مغصُ مريم …
شمّرت عن ساعديها استعدادًا للوضوء ..
فقد دنا وقتُ أذان الفجر ..
بطريقها ..دثّرت أحمدَ بغطاءٍ إضافي
حين شعرت بقشعريرة تسري في أرجاء جسدها ..
وتلمّست وجهَه الصّغيرَ فألفته مثلّجًا ..
ألقمتِ المدفأةَ قطعةً من الحطب ..
نظرت بتوسُّلٍ إلى السّقف النازف …
ورجته في أعماقها أن يكفَّ عن مزاحه الثّقيل …
أحسّت بالوحشة تنهشُ نهاياتها الحسّيّة ..
توجهت إلى غرفةٍ تنام فيها أمُّها
التي أتت لتنتظر ولادتها ..
وبيدٍ مرتبكةٍ هزّتها قاصدةً إيقاظَها ..
نهضتِ الأمُّ فزِعةً ..
-مابالكِ ياابنتي ؟

لا أدري .. !! لكنني لستُ بخير أماه ..

هل هو القلق لتأخّرِ أبي أحمد ؟
أشاحت بنظرها عن والدتها لتواري ملامح الخوف التي اعتلت وجهها وهي تردد مرتجفة :

ربما .. ممكن .. قد يكون ذلك ..

هوّني عليكِ ياابنتي ..فلن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ..
شعورٌ غريبٌ اعتراها …
أحسّت أن أمّها قد صدّرت لها ضربةً استباقية
لحدثٍ جللٍ قد يزلزلُ كيانَها ..
أحسّت أن قلبَها بركانٌ كتم َ حقيقةَ غليانه ..
توقّفَ صوتُ القطّةِ فجأة ..
ساد.صمتٌ قاتلٌ لبرهة ..
ثم كسر هيبةَ الصمتِ هديرُ محرّك سيارةٍ كبيرة ثقيلةِ المسير ..
نظرت عبر النافذة وهي تكتم مغصةً شديدةً ألمّت بها ..
توقّفتِ السّيّارةُ أمام المنزل ..
انقبضَ قلبُها بشدّة ..
اقتربت أمُّها منها محدّقةً بالخارج ..
نزل عدّةُ أشخاص من مقدّمة السّيّارة ومؤخّرتها ..
تحلّقوا ..
كانوا يتهامسون بحذر ..
ألصقت أذنَها بأحد شقوقِ النافذة ..
سمعت أحدهم يلفظ اسمه ثم يتبعه بكلمة (تقبّله الله ) ..
صرخت دونما وعي ..
استيقظَ أحمدُ الصغير فزعًا ..
آوى إلى حضنها ..
عصرته بين ذراعيها بشدّة …
ثم صرخت .. وصرخت .. خ
وفقدتِ القدرةَ على التمييز بين صرخةِ الولادة وصرخةِ تلك الفاجعة …
فابتسمت السماءُ بين نقيضي الشهادة والولادة ..
.
فادية حسون / سوريا

التعليقات مغلقة.