صقيع الشتاء
ضى الجلادى
إقترب الشتاء بصقيعه المتغلغل داخل الصدور ، أنفاس تحمل عبقاً جليدياً تقشعر له الأبدان ، تتساقط الثلوج والبرد وتنهمل الأمطار لتسقي أخاديداً تقشفت على مر الزمان ، آن أوان شهر الوحدة ، هجرت الأزقة والطرق ، الجميع في منازلهم مستلقين فوق أرائكهم التي انتصبت مجابهة للمدفأة التي عم دفؤها في الأرجاء وقد تشبثوا بألحفتهم محاطين بوسائد مخملية حملت بين أحشائها الرقة والسلام ، شملت السكينة قلوب الهائمين في شذى تلك الروائح الشهية التي هربت من سجنها لتعشش داخل أوصالنا محملة بالنهم والاضطراب لتعلن الأمعاء ناقوس الخطر بخلو مؤنها واستعدادها لاستقبال شحنات مرقية أخرى .
مشروبات ساخنة مدخنة ، أطباق من الحلوى الذائبة وعصي الخطمي الشهية ، تجمع أسري رقيق ، هناك يلعب الأب مع أولاده الصغار وقد جثوا على أرض الغرفة وبمحاذاة المدفأة تربع الكبار فوق كراسي مخملية يحتسون ما طاب من الحليب والكاكاو الساخن وقد استقرت الصحف بين أناملهم الورقية التي تلاعب بها برد الشتاء أما ربة المنزل فتجلس أمام شعلة الوئام تقشر الفواكه وتعدها لأطفالها الذين ما إن شرعوا باللعب لم يغمض لهم جفن ولم ينل منهم تعب سقيم .
هذا هو الشتاء يأتي بحلته البيضاء رافعاً راية السلام ليغلف العالم بطمأنينة باتت لا تزور الأوطان إلا قليلاً .
التعليقات مغلقة.