طارئ الليل…
د. عبد القادر فارس
طارئ الليل!!
( خاطرة وجدانية )
د. عبد القادر فارس
يهجرك النوم كل يوم ، ولا يستطيع النعاس أن يجد طريقا إليك ، تهاجمك أحلام هي أشبه بالكوابيس ، لا يمل العقل عن التفكير لما هو قادم ، لكنه ظل كل عوامل العجز يقاوم ، فأنت من صمدت في وجه العواصف في كل الأمصار ، في حر الصيف والحرب , وفي أجواء البرد والثلج والأمطار ، لكن الجسد العليل لم يعد قادرا على المقاومة ، يبدو أن هذا الجسد يشبهك يا وطني ، فأي مقاومة ستبقى أبدية ، لا بد من نهاية ، ولكن أية نهاية ، يعجز الأطباء أمام المشهد ، مثلما تعجز ألسنة الساسة والمحللين ، عن تقديم الرؤية المقنعة لما يجري في هذا العالم الذي يقترب أكثر فأكثر من نهاية مأساوية ، فبعد مأساة الجائحة التي حصدت أرواح الملايين ، يبدو العجز في كل شيء في الجسد المثقل بشتى الأمراض ، وفي السياسة المريضة أيضا ، التي أتعبتنا، في الاقتصاد الذي يحرك تلك السياسة ، لم يعد العقل قادرا على استيعاب ما يجري ، لم يعد الجسد يتحمل كل هذا التعب ، هل هي أمراض الشيخوخة كما يشخصها لنا الأطباء ، التي تهاجمك بعد السبعين ، دون أن يجدوا لها العلاج ،، أما آن له أن يستريح ، ويعرف النوم الطويل ، حيث لا نعاس ولا ناس ، إنما سرمدية المشهد الأخير ، الذي يبدو أنه يقترب ، فلا تتعب نفسك بالتفكير ، فقد أعياه كثرة التفكير والهواجس ، فالمرض متعب ، والسياسة متعبة ، والغريب أتعبه الحنين لوطن يئن منذ زمن طويل ، وظل يقاوم مثل هذا الجسد النحيل ، فمن الذي سينتصر في النهاية ، لا شك أنه صاحب النفس الطويل ، فاصمد وقاوم ، ولا تترك الأفكار والأحلام والهواجس والكوابيس ، تسيطر عليك فأنت في الأصل مقاوم ، لا تستسلم فالعيش قادم ، والنهايات أقدار ، فيا طائر الليل هل من خبر سعيد ، ويا طارق الليل هل من صبح جديد ، وأي طارئ في هذا الليل سنستعيد ، يفترق عنك الأصدقاء ، ويبتعد عنك الأهل والأقارب ، فلم تعد تلك الصلات ، التي كانت أشبه بالصلاة قائمة ، لم يعد باقيا لك سوى زوجة صالحة وصابرة ساقتها لك الأقدار ، لتكمل معك هذا المشوار ، وعكاز تتكئ علية ، إذا ما أردت السير دون أن تتعثر ، فلا تشتكِ ولا تتذمر ، وعليك الانتظار ، بكل صبر ودون ملل أو ضجر ، لعل في النهاية انتصار ، أي انتصار!!
التعليقات مغلقة.