طرف عين بقلم / هدي و هبة
إشتعل حريق الشيب في رأسه. تجاعيد وجهه تعلن أنه سبعيني أو يزيد قليلا ، ملبسه البسيط يفصح عن حالته الغير متيسرة، جلس أمامي علي المقعد المقابل وإلي جواره شاب يضع سماعات هاتفه في أذنيه .يعلو صوته تارة بشجار مع إحداهن دون اكتراث لما حوله ثم يخفته تارة أخري.يصعد شاب آخر يحمل بكلتا يديه أكياسا ممتلئة وقد كلَّتْ ذراعاه من ثقلها.يتطوع من بجواري ليُجلسَه بعد أن لمح عرجا بإحدى ساقيه لكنه يأبي أن يجلس، يعلو قسمات وجهه جمود وشيء من تعابير عنادٍ مع ذاته معلنا: شكرا نازل المحطة الجاية؛ تعلو الدهشة وجه من قام له، فيجلس، يهبط الشاب حاملا أكياسه، ويترامي لسمعي صوت السبعيني قائلا: تعبان ومش قابل مساعدة، ناظرا لي فأتمتم: الله المعين. يحيل وجهه إلي زجاج العربة التي غاصت في ظلام النفق، يهز رأسه في تأسٍ يمينا ويسارا ويغوص هو الآخر في داخله بعد قولته..كأنه ألقي بها محدثا ذاته الخفية.أخذ يتحسس بكف يده أطراف صندوق العربة المعدني والذي إلي جواره لا إراديا، ترتعش أصابعه حينا وتثبت حينا يعود بوجهه مرة أخري في مواجهتي فيخفضه إلي أرض العربة مع نفس حركة الأسي فألمحه يرفع كفه بحركة ماهرة ملتقطا تلك العَبرة الخائنة له بظفرِه الأصغر .ويعود رافعا رأسه. وحتي لاأشعره بالحرج أدير وجهي بعيدا .كل من في العربة لاهٍ . فمنهم نائم ؛ومنهم يقظ ولكنه مطبق عينيه علي مابه؛وآخر لائذ بالصمت وآخر… وآخر.. ارتدُّ بطرف عيني علي حذر ؛
فإذا به مازال يجاهد عبراته.
التعليقات مغلقة.