طفولتي
فايدة حسون
يشوقني باستمرار التنزه في ساحات طفولتي …لألعب بدميتي القماشية التي كانت تصنعها لي أمي … وأتفنن في خياطة ملابسها بنفسي ..أتوق للتمسك بمئزر جدتي وأرافقها إلى الكروم البعيدة ..حيث أراقبها وهي تملأ سلة القش بأصناف الفاكهة اللذيذة …أتمنى أن تنقلني عربة الزمن إلى بيدر القرية الفسيح ..لأتدحرج أنا ورفيقاتي فوق عشبه الأخضر الأنيق ..ونصنع قلائد من الزهور البيضاء ..ونعلقها في أجيادنا ..أو نتوج بها رؤوسنا البريئة …أرغب أن أستلقي بجانب جدتي وأستمع لرواياتها العذبة وترتسم فوق وجهي الطفولي دهشة الإصغاء ….أرغب أن تقذفني الأرض إلى ذلك الزمن الجميل …حين كنا نذهب لنملأ الدلاء بالماء من العين الكبيرة ..حيث كنا نستمتع بتزاحم النسوة وهن يقدمن الأعذار للأخريات حتى يحظين بالعطف والسماح بملئ أوعيتهن والانصراف بسرعة إلى المنزل الذي يعج بالضيوف ..أو يتذرعن بأن أطفالهن بقوا لوحدهم ..أو أن الطعام ربما يحترق فوق الموقد …هذه التفاصيل ربما تبدو صغيرة وتافهة إلا أنها تطفو على سطح مشاعري المسافرة باستمرار إلى ذلك الزمن البهيج …وانتشل ابتسامة الشوق الراسبة في قعر روحي المتلهفة لارتشاف رشفة ماء بارد من بين راحتي جدتي التي بقيت ماكثة هناااااااك في العين الكبيرة ..ولكن ما من أحد بقي ليزاحم …
التعليقات مغلقة.