طيف جمال بقلم خاطرة أحمد فؤاد الهادي

طيف جمال بقلم خاطرة أحمد فؤاد الهادي

اليوم، وبعد وفاته بعام ونصف، رأيته بهيئته، لاح لي طيفه جالسا على نفس المقعد الذي كان دائما يختاره كلما زارني، الابتسامة لا تغادر محياه رغم معاناته وصراعه مع ظروف الحياة وهموم أولاده وبناته، أقرأ عليه بعضا من كتاباتي الغنائية، يأتي رده واضحا جليا: ” لقد أتيت متأخرا عشرون سنة”، نتكلم عن الفن وتدهور الأذواق ونطعم حديثنا بالروائع الخالدة من الأغاني.
جمعنا يكتمل في البيت الكبير، نحن الأخوة الخمس وأختنا، كل يصحب معه أسرته، أمي تزين جلستنا ونحن ملتفون حول جلستها، بعض الأقارب والجيران والأصدقاء كثيرا ما ينضمون لمجلسنا، جمال يتناول العود المعلق خلفه على الجدار، تنساب الألحان شجية جميلة، يعزف ويغني بصوته، أمي كانت دائما أول من يعرف الأغنية ومن غناها ومن لحنها، يغني ويردد خلفه الجميع، وجه أمي ينضح بالسعادة وتظهر عليها علامات السلطنة، ولا تخلو الجلسة من التصفيق وأحيانا زغاريد بعض النساء، الكل سعيد يغني.

على صفحة بيضاء أمامي، خط قلمي تلك الكلمات:

راح النور .وراحت اللمة

مافاضلشي غير ضلمة

ماتت السقفة

وناس قاعدة وناس واقفة

ماتت الزغروطة

ماعادش فيه زيطة

انطفى الموال

مات اخويا جمال

والعود بات حزين

في مكانه ع الحيطة

بيئن من قهره

ع اللي هز أوتاره

وغنى أشعاره

راح ياعيني

والدمع مالي ألف عين

يغني لام إسماعين

وحلاوتها وسط عيالها

يبهرنا بالمواويل

وأغاني ياجمالها

ياما قال جمال وقولنا معاه

لما مات … مشينا وراه

كان لسه بيغنى .. بس ياخسارة

القلوب سمعاه ومحتارة

ومن نفسها تستخبى وتدارى

ولا عدنا نشوف جارة

ولا خالة ولاعمة

مات جمال

وراحت اللمة

خلاص .. بقت كلها ضلمة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ