عبد العزيز الهاشمي وفهد العريقي يرصدان شمس محسن العيني التي لم تَغِبْ ولن تغيب
حينما تضيء الشمس ليلاً
المعلوم أن الشمس تضيء نهارًا؛ ولكنها حينما تغيب فإن ضوءَها لن يغيب، بل ترسلُه إلى قمره الساكن بجواره، ليرسل لنا النور في الليالي الحالكات.
هذه هي شمس محسن العيني، لم تَغِبْ ولن تغيب.
حينما حضرنا مجلس عزاء دولة رئيس مجلس الوزراء اليمني الأسبق الأستاذ/ محسن بن أحمد حسن العيني، أثلج صدورَنا أكثرُ مِن (200) شخص مِن الشخصيات العامة الديبلوماسية، والسياسية، والحزبية، والحَراكية، والقَبَلية، والفنية، اليمنية والمصرية، حضروا لتقديم واجب العزاء والمواساة في وفاة فقيد الوطن والمواطن السيد الراحل/ محسن أحمد العيني، فمما لا شك فيه أن هذه الشخصية اليمنية العريقة والكبيرة كِبَر حَجْم اليمن وتاريخه في المنطقة بأسرها، لا يمكن أن تَفِيَ بحقه كلماتُ عزاء أو رثاء هنا وهناك، إنما هي مبادرات ملموسة نجدُها مِن محبيه تقديرًا ووفاءً لما بذله من جهد وديبلوماسية وسياسة نادرة النظير في تاريخ اليمن الحديث، وهي أقل ما ينبغي أن يكون.
ومن الغريب أنه لم يُنْشَر خبرُ وفاته ولا تعزيته في أي قناة من قنوات الشرعية، ولم يقدِّم أي أحد من المسئولين المحسوبين على الشرعية أيةَ تعزية، ولم يتصل رئيس الجمهورية بأي أحد من عائلة الفقيد إلى هذه اللحظة، ولا حتى رئيس الوزراء/ معين عبد الملك، ولم يَدْرِ أحدٌ ما السبب، أما نائب رئيس الجمهورية/ علي محسن الأحمر، فأنزل مشكورًا برقية عزاء على موقع محسوب على التجمع اليمني للإصلاح وعلى علي محسن نفسه، وليس في الموقع الرسمي، أما جميع بيت عبد الله بن حسين الأحمر فمن الغريب جدًا أنهم لم يحضر مجلسَ العزاء منهم أحد؛ رغم أن قحطان بن عبد الله بن حسين الأحمر يسكن في نفس المكان الكائن في مدينة الشيخ/ زايد، على بُعد خطوات من فيلا المرحوم/ عم محسن العيني؛ ولكن بسؤال زوجة المرحوم السيدة الفاضلة/ عزيزة عبد الله أبو لحوم عن سبب غياب أولاد المرحوم/ عبد الله بن حسين الأحمر عن حضور العزاء، قالت: لأن من كان في القاهرة قد سافر قبل العزاء، ولكنهم كان لهم دور كبير في زيارته حينما كان المرحوم في المستشفى، والاتصال للاطمئنان عليه يومياً تقريباً، وأثناء تشييعه إلى المطار أيضاً، وأن الشيخ/ قحطان كان يأتي كل يوم إلى المستشفى، حتى أنه قبل سفره لم يسافر إلا بعد أن اطمأن على المرحوم في المستشفى، ولم يقصروا معه في شيء من الواجب المتبع عادة، وبعد وفاة المرحوم، ولأنهم لم يكونوا متواجدين في مصر جميعاً أثناء الوفاة، فقد اتصل أولاد الشيخ/ عبد الله بن حسين الأحمر كلهم أجمعون، لتقديم واجب العزاء، وأما نساؤهم فلم تقصر في مواساتها وتعزيتها قبل سفرها إلى اليمن وبعد عودتها من اليمن..
وعن الشرعية هل هي غاضبة منه؟!
كيف لهم أن يغضبوا منه؟!
هذا الحاج/ محسن العيني، عمره قرابة (90) عامًا، كان أول رئيس مجلس وزراء لأربع حكومات متوالية لأول ثلاث رؤساء متتابعِين بعد قيامة الثورة اليمنية السبتمبرية الخالدة 26/ سبتمبر/ 1962م، وهم: المشير/ عبد الله السلال، والقاضي/ عبد الرحمن الإريان، والمقدم/ إبراهيم الحمدي، وأول وزير خارجية للجمهورية العربية اليمنية، ولفترات متعاقبة، وأول من ألقى خطابًا بعد الثورة باسم الجمهورية العربية اليمنية لدى الأمم المتحدة، حينما كان أولَ مندوب لليمن لديها، وأول سفير للجمهورية العربية اليمنية لدى أكبر دولتين عُظْمَيَين في العالم حينذاك، وهما: الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفييتي سابقًا، ثم سفيرًا في العديد من كبرى دول العالم، ولولا الله تعالى ثم هو ما رَسَت الثورة على شاطئ الأمان وهو يقودها بديبلوماسية متفردة وذكاء ودهاء حادَّين وسط أمواج من الخلافات الداخلية والإقليمية والدولية حول مصير هذه الثورة الوليدة، وهو ما ينبغي أن يُدَرَّس في الجامعات الدولية لا في المدارس فحسب، ليكون أهم أعلام السياسية والديبلوماسية اليمنية في التاريخ اليمني المعاصر، وبلا منازع، وقد أعجبتنا كلمات لعبد الجليل نعمان وهو من النوابغ اليمنية في أمريكا حيث قال: “من شرف محسن العيني أن هذه الإمعات لم يُعَزُّوه، وإلا كانوا سَيُلَوِّثون تاريخه”، ولو أنه في بلد يحترم نفسه، فلن تتم تعزيته فقط، بل ستفتح كل السفارات اليمنية في العالم بسجل زيارات يتم التسجيل فيها لكل من تقدم بواجب العزاء إلى تلك السفارات، تقديرًا لشخصية مثل هذه. أما سفارة بلادنا الموقرة في القاهرة، فلا أظن أنها منعت إقامة عزاء في قاعتها؛ إلا أن عائلة بيت العيني هم الذين رفضوا إقامة العزاء فيها، حتى لا يُحسب الفقيد على طرف بعينه؛ لأنه أبٌ تاريخي لكل اليمنين.. نحن لا نريد تعزية الحوثيين ومَن شايعهم، ولكن مهدي المشاط عزاه، وكذلك محمد علي الحوثي، والوهباني، والسامعي، وأُذِيْع خبرُ عزائه في النشرة في أول خبر لها في القنوات الحوثية. وعُمِلَت له جنازة رسمية في صنعاء.
ومما لا شك فيه أن الشرعيين يلعبون لعبة تصفية حسابات، والحوثيين يلعبونها سياسة وضرب إسفين ..
والحقيقة: أن السعودية لم تكن راضية عن رئيس الوزراء محسن العيني، هكذا بالمفتوح، لمواقفه القديمة إبان بدايات الثورة السبتمبرية الخالدة، من ضرورة انتزاع اعترافهم بالثورة والجمهورية في اليمن، رغم اعتراض السعودية آنذاك بتغيير الحكم في اليمن من حكم وراثي إلى حكم ديمقراطي وإن زائفاً، وإن كانت قد اعترفت فيما بعد وانتهت إلى التأقلم مع الوضع الجمهورية الواقع، إلا أن العيني كان يرفض مبدأ الوصاية من جذورها، تلك الوصاية التي أبقت عليها السعودية مقابل الاعتراف بالجمهورية، فما زال في نفسها شيء منه حتى هذه اللحظة جيلاً بعد جيل. لذلك ومن أجل ذلك لم يَسْعَ الرئيس هادي أن يعزي من تتحفظ السعودية على عزائه.
ولكن رغم ذلك، فما زالت النجوم تسطع في السماء حالكة السواد، وأخص بالذكر مَن ذكرناهم ولم ننسهم، وليعذرنا من نسيناهم ولم نذكرهم، حيث حضر العديد من الشخصيات اليمنية والمصرية لتقديم واجب العزاء، منهم على سبيل الذِّكْر لا الحصر:
من الشخصيات الديبلوماسية والعامة في مصر:
- السفير/ رياض عمر العكبري: مندوب الجمهورية اليمنية الدائم لدى جامعة الدول العربية.
- السفير/ محمد علي مارم: سفير الجمهورية اليمنية لدى جمهورية مصر العربية.
- العميد بحري/ ثابت عبد هيثم/ الملحق العسكري بالسفارة اليمنية بالقاهرة.
- المستشار/ إبراهيم عبد العزيز الجهمي: ملحق شئون المغتربين بالسفارة اليمنية بالقاهرة.
- المستشار/ أنور زمام: الملحق التجاري والاقتصادي بالسفارة اليمنية بالقاهرة.
- عبد الرقيب منصور: المستشار بالسفارة اليمنية بالقاهرة.
- فهد العريقي: رئيس مجلس أعيان الجالية اليمنية.
ومن السياسيين المحسوبين على الشرعية في القاهرة:
- القاضي/ حمود عبد الحميد الهتار: وزير الأوقاف والإرشاد الأسبق، ورئيس المحكمة العليا، من الأصدقاء المقربين لدى الوالد القاضي د. يحيى محمد الهاشمي.
- معمر مطهر الإرياني: وزير الإعلام والثقافة والسياحة الحالي.
- اللواء/ عبد الله البشيري: أمين عام رئاسة الجمهورية.
- اللواء الدكتور/ رشاد محمد العليمي: وزير الداخلية الأسبق ومستشار رئيس الجمهورية.
- د. فضل علي أبو غانم: وزير التربية والتعليم الأسبق.
- د. محمد أبو بكر المفلحي: وزير الثقافة والسياحة السابق.
ومن القاد العسكريين:
- اللواء/ عبد الرحمن الحليلي: قائد المنطقة الشرقية.
- اللواء/ الظاهري الشدادي: المنطقة الوسطى.
- اللواء/ الزائدي: قائد منطقة محافظة مأرب.
- اللواء/ عبد الإله عاطف: قائد قوات حرس الحدود السابق.
ومن الحزبيين:
- عبد العزيز أحمد جُباري: نائب رئيس مجلس النواب ونائب رئيس الوزراء السابق، وعضو مجلس الشورى، (حزب العدالة والبناء).
- عبد الملك عبد الجليل المخلافي: وزير الخارجية الأسبق (حزب التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري).
- أبو بكر عبد الله القربي: وزير الخارجية الأسبق (حزب المؤتمر الشعبي العام).
- أحمد محمد الكحلاني: وزير الدولة الأسبق، وعضو مجلس النواب (حزب المؤتمر الشعبي العام).
- الأستاذ/ عبد الكريم شايف: نائب محافظ عدن الأسبق (حزب المؤتمر الشعبي العام).
ومن الإخوة في الحراك الجنوبي:
- محمد علي أحمد: رئيس ما يسمى: بـ(المؤتمر الوطني لشعب الجنوب).
- د. عبد الله عوبل: وزير الثقافة اليمني الأسبق.
ومن مشائخ القبائل اليمنية:
- كهلان مجاهد أبو شوارب: شيخ مشايخ حاشد، وعضو مجلس الشورى.
- الشيخ/ بكيل بن ناجي الصوفي: أحد مشايخ خولان، بمحافظة صنعاء، وعضو مجلس النواب.
- الشيخ/ بكيل محمد صالح رُبَيد: أحد مشايخ نِهْم، بمحافظة صنعاء.
- الشيخ/ خالد الصوفي: أحد مشايخ صنعاء.
- الشيخ/ يحيى بن عبد الله دُوَيد: أحد مشايخ اليمن.
ومن الفنانين اليمنيين:
- الفنان اليمني القدير/ أحمد بن أحمد السنيدار.
- الفنان التشكيلي للمجسمات/ أحمد محمود الوصابي.
ومن الإخوة المصريين الأكارم:
- النائب/ مصطفى بكري: عضو مجلس النواب المصري.
- النائب/ محمود بكري: عضو مجلس الشورى المصري.
وغيرهم كثير من المواطنين والجالية اليمنية المتواجدة بمصر.
رحم الله الفقيد بواسع رحمته، وأسكنه أعلى جنته، ورزقنا الله الوفاة على نهجه وسنته، والوفاء لدينه وملته.
والله المعين والمستعان
وبالله التوفيق والتفوق
التعليقات مغلقة.