عذراء فلسطين…
مدحت رحال
علي هامش اغتيال
شيرين أبو عاقلة
عذراء فلسطين
سأل سائل :
لماذا شيرين أبو عاقلة
وكل يوم شهيد ؟
رجل او امراة !
ويقصد هذا الهرج والمرج فيما يحسبه مبالغة
في التكريم وردة الفعل ،
اقف وقفة إعزاز وإكبار ،
وأرفع عقالي وأحني هامتي
تحية لهؤلاء الشهداء ،
وأُعٓنقِر عقالي فخرا وتيها بشيرين
عذراء فلسطين
شهداؤنا كان نضالهم آنيا ،
كشهاب اخترق غلاف الارض ،
ومض لحظة ومضى ،
ذاق الموت مرة وقضى ،
أو انضم إلى مواكب الأسرى وخبا ضوءه في الزنازين .
شيرين كان الموت يترصد لها في كل لحظة ،
ووراء كل جدار
وداخل كل زاوية ،
كان يفتح لها ذراعيه في السهل كعاشق
ويلاحقها في الجو كباشق ،
وكانت تعلم ذلك ، وتتحداه
واجهته مرات ومرات ،
ليس ليوم او لشهر او لسنة
ربع قرن وهو يطاردها يقظى ،
ويزورها نائمة ،
عاشت مع الموت وألفته
لم يعد يخيفها ،
شيرين لم تكن امراة من فلسطين وحسب
شيرين كانت قضية ، وكانت القضية
كانت سفيرة دون مرسوم ،
أسمعٓ صوتُها الصُم
لم تكن تلقي خبرا أو تصف حدثا
كانت تعيش واقعا
تحسه يقطر مرارة من كلماتها ،
لو ارادت حياة الترف لعاشتها ،
ولأخذت منها بنصيب وافر
ولعاشت في دعة وأمان ،
ولكنها شيرين
كانت تعلم قدراتها
وكانت تعرف هدفها
فسعت إليه ،
لم تٓغُرُها الحباة
ولم تُغرِها الحياة
لم تخش الموت ، كانت تطارده
شيرين راهبة عذراء ،
لم تلبس ثوب الكهنوت
ولكنها لبست كوفية
نذرت نفسها لفلسطين
وكانت تعلم أن ثرى فلسطين في شوق لجسدها الثائر
في شوق لدمها الطاهر ،
وانها كانت قاب قوسين أو أدنى من ذلك ،
لم تُزف شيرين لعريس ولم تلبس الثوب الأبيض
حلم العذارى
ولكنها زُفت لفلسطين بثوب أحمر قان
ثوب طرزته على مدى ربع قرن ،
وعندما فتحت فلسطين لها ذراعيها على شوق طال انتظاره
لبست الثوب ،
حضر حفل زفافها كل فلسطين
وشاركها العالم
اغتسلت بانهار الدموع
التقى الجميع في جنازتها ،
آسف بل فيها عُرسها
هل حظيت عروس على مدى الزمان وعمق المكان بما حظيت به شيرين ؟!
لم يكن عجبا أن تقضي شيرين واقفة
هكذا زيتون بلادي
اخضر أبدا
وهكذا نخل بلادي
شامخ ابدا
وكانت شيرين هذا الزيتون
وهذا النخل
رصاصة غادرة لم تشف حقدهم
داهموا بيتها
وهاجموا جنازتها
واوقعوا نعشها
لم يراعوا حرمة امراة
ولا جلال الموت ،
لا يعرفون العيب ،
لم يردعهم ضمير او قانون ،
ومتى كان عندهم ضمير ؟
ومتى كانوا يقيمون اعتبارا لقانون ،
هكذا كانت شيرين
هاجسهم حية وميتة
يا من تسأل :
لماذا شيرين ابو عاقلة
لعلك علمت الآن
لماذا ؟
مدحت رحال ،،،
التعليقات مغلقة.