عش قويا قصة قصيرة تأليف : محمد كسبه
وحيدا داخل غرفته الضيقة البيضاوية الشكل ، ضعيفا كان لا يقدر على الخروج منها ، رغم أنها ناصعة البياض من الخارج إلا أنها سوداء حالكة من الداخل .
كيف يتحمل تلك المعاناة و ذلك الألم ، لماذا تأخر كل هذا الوقت ؟
ربما يكون ضعيفا ، أو غير قادر على أن يتخطى تلك المرحلة ، أو ربما يكون كسولا ، أو قد يكون هذا الوضع و هذا المكان مناسبا له ؟
كل الظروف مهيأة لخروجه ، التدفئة ، التهوية ، نسبة الرطوبة ، الإضاءة كل هذه العوامل مناسبة جدا ، فلماذا لم يخرج إلى الآن ؟ كل أقرانه يعيشون حياتهم بحرية، يأكلون و يلعبون و لا ينقصهم شيء .
أكاد أجن لا أحد يتحمل هذا الكبت و ذلك الضيق ، ربما يجب علي أن أساعده ، بالنسبة له لكي يخرج لابد أن يكسر كل تلك الجدران القوية جدا كما فعل أقرانه ، أما بالنسبة لي فالأمر ليس صعبا ، فكل ما علي فعله هو تكسير تلك القشرة بأصابعي .
هل هذه الفكرة جيدة ؟ لا أعلم .
أعطيته مهله ساعتين للخروج ، فعلا أود أن آراه و أرى شكله و لونه ، فأنا أعشق تلك الصغار التي تعودت أن أراها بلا أم و أحب أن أرعاها بإخلاص فتلك مهنتي .
خلال سنوات عملي لم أجد مثل هذه البيضة فهي ليست فاسدة ، فالبيض الفاسد يكون باردا .
في داخل البيضة ما زال لا يعرف ماذا يفعل ؟
الأمور تزداد سوءا و الوضع لا يحتمل البقاء أكثر من هذا ،
الجوع ، الظلام و ضيق المكان أمور لا يمكن تحملها أكثر من اللازم ،.
من ينتظر المساعدة سينتظر كثيرا و ربما من يساعدك يقلب حياتك رأسا على عقب.
رغم أنه كسول جدا و بطيء الحركة قرر الفرخ الصغير أن يبدأ رحلته في الخروج من البيضة فبدأ ينقر من الداخل .
يا ربي ما هذا ؟ ظهر ثقب صغير في القشرة .
أنا سعيد جدا ، لا يجب علي أن أتركه يعاني فقد يستغرق هذا الأمر يوما كاملا في تكسير القشرة ، بالفعل أمسكت البيضة و كسرت القشرة و ظهر الكتكوت الأصفر الجميل مبلل الريش و ضعيفا و مازال جزء بسيط من القشرة ملتصقا بجسمه من الأسفل ، بعد أن ساعدته تركته في مكانه ، ثم عدت إليه فوجدته ميتا .
يا لتعاستي ربما لو تركته يخرج من البيضة بنفسه دون مساعده لكان حيا و قويا .
التعاون و المساعدة أمور جيدة ؛ لكن هناك بعض الأمور يجب أن يفعلها كل فرد بنفسه ليعيش قويا .
التعليقات مغلقة.