عقول في الحظر …بقلم هيثم تركي

عقول في الحظر …بقلم هيثم تركي

فتح عينيه في بطء وكسل كالعادة متأملًا سقف الغرفة في حالة من اللامبالاة، فلم يعد رنين منبه الهاتف يوقظه، حتي لم يكن يتذكر أنحن يوم الأحد أم الأربعاء !
لقد صار الوقت متوقفاً كحياته خالية من الاحداث او علي الادق لقد صارت استجابته للاحداث خاوية.
احياناً يتذكر تلك الفرحة العارمة التي ألَمت به تجاة اول مرة خفق فيها قلبه بالحب واحياناً يتذكر كيف كان غارقاً في غياهب حزنه.
لقد افتقد حقاً تلك المشاعر من حزن وفرح ولهفة وشوق، حتي الذكريات لم تعد تترك تلك البصمة المؤثرة في عقله.
اهو الحظر بسبب ما استجد من ظهور ذلك الڤيروس اللعين هو ما دفع به الي تلك الهاوية ؟
لم يكن بإمكانه موافقة عقله علي ذلك .فهو يعلم ان ماقبل الحظر لم يختلف كتيرا عمًا بعده.
انه عقله إذن .. نعم عقله هو من قام بسجنه في تلك الدوامة السخيفة من فقدان هويته التي اعتاد عليها.. ولكن كيف السبيل الي الخروج من هذه الدوامة.
لم يكن الاصدقاء يمثلون جزءا كبيراً من يومه فقد اعتاد الوحدة وصارت جزءا لا يتجزأ منه حتي اصبح تدريجيا يعشق وحدته.
حتما هناك سبيل للخروج .. انبعث هذا الصوت من داخله فقد اعتاد علي محادثة نفسه دوماً .
يؤنبها مرة ويضحك معها مرة اخري
ويتصارع معها مرات كثيرة.
لابد من كسر الحظر إذًا.
قالها وهو ينتوي كسر الحظر .. ذلك الحظر الذي شيده بعقله حتي اصبح ملازماً له طوال الوقت ولأنه دوما في حاله من إعمال العقل، قرر ان يوقف هذا الصراع ليتأمل .
فقط ليتأمل ماحدث له، لا ليفكر فيما سوف يحدث
لماذا اصبحت هكذا؟
لابد وان تكسر هذا الحظر العقلي، لابد وان اتحرر من هذه الافكار الكئيبة.
بعضهم يلجأ الي عائلته او اصدقائه او حتي الي احبائه.
لكن ما قيمه ان يساعدك احد في حل اي مشكلة!
انه لن يشعر بما تشعر او ربما سوف يسخر منك في أغلب الاوقات.
انه عقلك مره اخري .
حينها ادرك المشكلة .
تشريحيًا لا تتجاوز المسافة بين العقل والقلب بضع سنتيمترات لكن في الحقيقة انه كلما زادت المسافه بين الاثنين وقعت في تلك الفجوة من الاضطراب.
وكلما كنت قادراً علي تقريب المسافة بينهما كلما ادركت السعادة والرضا.
حينها ابتسم وقرر ان يصنع بدايته الجديدة.
ان يصنع السلام بين عقله وقلبه وانه قادرا علي ان يكسر الحظر ويحلق بعيداً.
وانه ابدا لن يكون من العقول أسيرة الحظر!