عندما يبتسم الليث… محمود حمدون
” عندما يبتسم الليث ”
محمود حمدون
====
صديقي هذا كان غير هيّاب , يُلقي نفسه في أتون المعركة حتى تحسبه أرعنًا , رغم ضآلة جسده , خفّة وزنه , إلاّ أن السماء حبته بصفة نزعتها منّا جميعًا وهي القدرة على النزال دونما حساب لربح أو خسارة , فألقى بتصرفه هذا روعًا في قلوب أعدائه , خاصة حينما كان يُعمل أنيابه القصيرة كقامته في أجسادهم فلا تخرج أسنانه إلاّ بقطعة من لحم دافء يقطر دما , بمرور السنوات خشيه الجميع فكنّا نجادله من وراء حجاب أو بينا وبينه مسافة آمنة , فنحن نعرفه حين يغضب , يُصبح اعصارًا لا يبقي ولا يذر .
ثم انقطعت بيننا السبل فترة طويلة , حتى خلتُ أن هدوءً حلّ به وأنه قد خضع كجميع أقرانه لحُكم السن والزمن ,فلمّا التقيته منذ شهور , وجدت شراسته قد زادت عن الحد وطالت أنيابه حتى تجاوزت السباع قدرة , لمحتُ وقتها ضحكة بادية على وجهه , أدري أنها صافية خرجت من قلبه أولًا لكنّي تذكرت بيتًا من الشعر يقول : إذا رأيت نيوب الليث بارزة … فلا تظن أن الليث يبتسم ..
فتواريت خلف خوفي وادّعيت شُغلًا طارئًا وانصرفت راجيًا أمّنًا وآمانًا .
التعليقات مغلقة.