عندما يحفر التاريخ اسم بلدي بورسعيد ٥٦ … مني الشوربجي
عندما يحفر التاريخ اسم بلدي بورسعيد ٥٦ … مني الشوربجي
عند التلال الرملية التي كانت تفصل بين بحيرة المنزلة والبحر المتوسط بدأت عملية حفر قناة السويس ومن مكان بدئها على البحر المتوسط أعلن عن ميلاد عروس البحر الواعدة الباسلة المتربعة لحماية شمال شرق مصر من الأوغاد المحتلين.. فعند البقعة الساحلية والتي اختيرت مدخلا لقناة السويس على المتوسط أعلن عن نفسه ميناء ومدينة بورسعيد.. ذلك وفق ماتحدد في عقد الامتياز الثاني الذي استصدره فيرديناند ديليسبس من سعيد باشا وذلك كان في ٥ يناير ١٨٥٦ مؤكدا ان طرفي قناة السويس عند مدينة السويس جنوبا وخليج الطينة ( بورسعيد) شمالا.. وبذلك بدأت الاحتفالات بمناسبة افتتاح القناة يومي ١٦، ١٧ نوفمبر عام ١٨٦٩ بحضور عدد كبير من ملوك وامراء وممثلي حكومات أوروبا في ذلك الوقت. منذ هذا التاريخ تصارعت قوي الغرب على الاستيلاء على قناة السويس ومنطقة الشرق الأوسط، وقد سجل التاريخ بحروف من نور استبسال وإصرار ارادة شعب ضد كل محتل ومستعمر ومستغل وإصرار على العمل واستثمار ما ووهب من موقع وميناء وحركة قناة لمعيشة كريمة فقد عاش شعب بورسعيد حياة الفخار والمجد وشارك في كل معارك الحرية والنصر والاستقرار والاستقلال.
تبدأ حكاية الباسلة عندما احتلت بريطانيا مصر حيث شاركت بورسعيد باقي مدن القناة الأخرى في مقاومة المحتل وتصاعدت المقاومة الفدائية المتلاحقة ضد المستعمر وكانت بورسعيد وأهلها من أطفال وشباب ونساء وشيوخ على رأس المدافعين والكل على قلب رجل واحد.. الكل يحمل السلاح ويتصدي للمحتل الغاشم حتى سجلت أروع ملحمة في تاريخ مصر.
منذ أن رُفع علم مصر عاليا على أرضها وأُنزل العلم البريطاني بعد توقيع اتفاقية الجلاء ١٩٥٤ استشاط غضب المستعمر وبيتت إنجلترا النية على الانتقام واتخذت هي وحليفتاها فرنسا وإسرائيل من تأميم قناة السويس ١٩٥٦ ذريعة للعودة لمصر واحتلال منطقة القناة بأكملها للاستيلاء على ثرواتها وكسر شوكة مصر في عليائها. وكان كل ذلك سببا رئيسياً في شن العدوان الثلاثي بيد كل من بريطانيا وفرنسا واسرائيل ابتداء من أواخر أكتوبر ١٩٥٦.. تصدرت إسرائيل للهجوم على سيناء في حين ضربت القوات البريطانية والفرنسية الأهداف العسكرية وتوالت الغارات لطائرات العدو.. ولكن هيهات أمام قوات المقاومة الشعبية التي تصدت لها وقامت باصطيادها بمجرد وجودها على أرض الوطن الطاهرة في منطقتي بورفؤاد والجميل وتلقينها درسا قاسيا من خسائر في أرواحهم وعتادهم ؛ وقاومت بورسعيد الباسلة شعباً وجيشاً وشرطةً جنباً الي جنب بقوة هزت العالم لتكتب سطورها الذهبية على جدارية التاريخ وقلبه .. فقد قامت الحكومة بتوزيع أكتر من نصف مليون قطعة سلاح على الأهالي للتصدي للعدو المحتل المستعمر وكان السلاح في يد الأطفال والشباب والنساء والشيوخ.. الكل رجل واحد في الدفاع عن بورسعيد فهي التي كانت بمثابة الحماية الشرقية لمصر جميعها… على الرغم من كل محاولات العدو في التقرب للشعب البورسعيدي بجميع طوائفه إلا أنه فشل فضلاً ذريعاً أمام شعب أبي إلا النصر والحرية والإخلاص لتراب بلده والاستمرار في المقاومة .. تحية لشعب الرجولة والنضال والبسالة تحية لكل طفل كان رجلا في شكل طفل وكان أسطورة للفداء.. تحية لكل سيدة حملت سلاحا للدفاع عن أرضها وعرضها وقد كانت رجلا في المعركة لا تقل عن أي رجل سواء كان من المدنيين أو كان عسكريا.. تحية لكل شيخ استعاد قوته ليلقن كل غاصب شيطان محتل درسا لا ينساه.. قال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر مشيدا بالبطولات النادرة المختلفة على أرض بورسعيد وائتلاف الشعب مع الجيش والشرطة :”إن الشباب والشيوخ والأطفال الكل يحمل السلاح في بورسعيد”……
انسحب الإنجليز من بورسعيد في ٢٢ ديسمبر والفرنسيين من بورفؤاد وتسلمت السلطات المصرية مدينة بورسعيد في فجر يوم ٢٣ ديسمبر ١٩٥٦….. هذه هي بورسعيد وشعبها المدينة الصغيرة التي حفرت اسما وتاريخا من نور على صفحات ذهبية من تاريخ مصر.
التعليقات مغلقة.