عند ماكينة الصراف الآلي…
د. ابراهيم مصري النهر
عند ماكينة الصراف الآلي
يقف رجل أنيق في الأربعينات من عمره في منتصف العشرينات من الشهر، يرتدي نظارة سوداء تغطي عينيه ونصف وجهه، وكمامة تغطي نصف وجهه الآخر، يمسك ببطاقة صراف وينتوي وضعها في الماكينة، رأى سيدة تبرز بطاقة الصراف وتتجه نحو الماكينة مسرعة ومتهللة الوجه ويبدو عليها أنها تنتظر هذه اللحظة لأمر جلل، تقهقر للوراء وأفسح لها المكان بطريقة تنم عن أدبه الجم وحسن خلقه عارضا عليها أن تتقدم للصرف قبله.
ما كان منها إلا أن شكرته وطلبت منه مساعدتها في صرف راتبها لأنها لا تجيد التعامل مع ماكينة الصراف الآلي، أبدى الرجل سعادته بمساعدتها قائلا: لا عليكِ، على الرحب والسعة.
أدخل البطاقة وطلب منها كلمة المرور، أدخلها ثم أخرج البطاقة وأعطاها لها وقال: ما زال الراتب لم ينزل بعد، وأخذ يلوم على الحكومة سوء صنيعها، والسيدة تجاريه الحديث ثم انصرفت تجر أقدامها جرا، تئن تحت صخرة ديونها التي تدحرجت على صدرها بعد سماعها أن الراتب لم يصرف بعد، تفكر في حجة تؤخر بها السداد إلى الغد.
وصلت إلى مقر عملها محبطة وحزينة.
سألتها زميلتها: ما بكِ؟
-عليَّ قرض وأخر موعد لسداده اليوم، وديون أصحابها أكلت وجهي؛ إيجار البيت، ومحل لبيع المواد الغذائيةعلى ناصية الشارع أشتري منه على الراتب، …
وذهبت منذ قليل لصرف راتبي وجدت أنه لم ينزل بعد.
-كيف ذلك؟! لقد صرفت راتبي بالأمس، اعطني بطاقتك…
تفحصتها… ليست بطاقتك، هذه بطاقة شخص يدعى فلان الفلاني.
-يا لهووووي، ماذا تقولين؟! لقد سُرِقت…. وأخذت تولول وتلطم وجهها وتنعي حالها..
قامت زميلتها على الفور بالاتصال بالبنك وإبلاغهم بما حدث لإيقاف البطاقة…
أبلغوها أنه للأسف قد تم صرف الراتب منذ نصف ساعة تقريبا.
د. ابراهيم مصري النهر
التعليقات مغلقة.