عودة إلى ظل سحابة
عاطف عثمان مصر
لم يتمكن من اثنائها عن طلبهاو إصرارها على الانتقال والإقامة مع اخوانها بعيدا عنه ،فلم يجدحلاغير الإذعان لطلبها الذي لم يجد له مبررا أو سببا مقبولا
لقد مات أبوه مؤخرا وظلت معه حتى استقر أمره مع زوجته وأبناءه ليفاجأ بقرارها
كانت زوجة لأبيه بعد وفاة أمه؛إلا
أنه لم يدرك له أما غيرها
فكانت لها الفضل في تربيته وتعليمه،فكم ضحت بوقتها وراحتهاوصحتهامن أجله وكم سهرت الليالي بجواره وهو يذاكر بصوت عال فتستمع له و تلقي عليه أسئلة بسيطة وساذجة من وقت لأخر ، مدعية ألرغبة في المعرفة،فتناقشه ويجيبها بدون ملل أوتأفف.
ويوم نجاحه كانت تجعله عيدا ومناسبة طيبة يسعدبهاالجميع
جهز لها راحلتها وأمتعتها بعد أن قام باستبدال ميراثها في الأرض
الزراعية بأرض مماثلة بجوار أخوانها.
عاشت مع كبيرهم في بيته ،ثم اختزلت المعيشة في غرفة بعد أن أحست
من بنت أخيها بالضجر فتعايشت مع العزلة ،وظلت تنفق من ايجار الأرض حتى زادت تكاليف المعيشةوالدواء الذي تجرعت معه مرارة الجفاء ممن حولها والتي ساعدت بنت أخيها بكثرة حكاويها المشوهه عنها على صياغته فاستكانت بدورها لذلك الجفاء وأصبحت حبيستة .
اضطرت للبيع لابن أخ لهاجزء
جزء من الأرض حتى اعتاد الناس على أن دخوله عندها هو لإتمام عملية بيع بالتوقيع أمام
شهود
لم تتوقع كل هذه القسوة ،أوأنها
لن تجد نفس القلوب التي كانت
ترعاها قبل زواجها.
كانت تظن أنها سوف تحمل على أكف الراحة.
فهل كان اللجوءلمكان نشأتهاوأهلها هواللجوء الى وهم أوسراب؟
ربماكان قرار العودة هوأشبه ب عودة إلى ظل سحابة أظلتها يوما، فمن ظن أنه سيغتسل في نفس ماءالنهر مرتين فهوواهم .
ظل يزورها من وقت لأخر وفي كل مرة يرى أن حالتها ومعيشتها
تزداد سوء ،وكلماحاول أن ينتشلها مماهي فيه؛ يجدهامازالت مصرة على موقفها مدعية أنهابخير،ربماكانت أخر تضحياتهاله لتعفيه من أي مسئولية تجاهها.
وذات مرة وبعد غيابه فترة عنها
بسبب ظروف عمله الجديدة
وفي طريقه لزيارتها ،رأى احداهن تخرج من المنزل وفي يدها أحدى الأواني وأخرى خلفها
مسرعة تحمل صواني فارغة،وأخرى تدخل خلفهافي صمت لتخرج بابريق … أنه الأبريق الفضي الذي كان يستخدمه أبيه
في الوضوء وكانت تعتز به كثيرا
يبدوا أنها ماهي إلا لحظات ويتلقى خبر وفاتها
التعليقات مغلقة.