عِـــمْرَانُ الوَحْشـــــةْ …عيسى الدبا
عِـــمْرَانُ الوَحْشـــــةْ …
عيسى الدبا
1
ستذكُركَ المدينةُ ذكرىً تؤرقها
غريباً تحت الترابِ
ذكراكَ يُجَلِّلُها الذّكرُ
تحت الترابِ .. فوق الترابْ
خطوُ قلبكَ باقٍ
و دمع المدينة وزرُها
تبكيك الدامعات و أنتَ المُخلَّدُ
تحت التراب عيناكْ
يكفيك شِبرُ
فكن عِمران الوحشة
و أقِمْ صلاتك للترابْ .
2
لا حزنَ يدومُ
أنتَ الفرحُ الأخيرُ
لهذا الظلامْ
عيناك و الدمع خائنُ الحُرقةِ
سيحضُنُكَ الترابْ
عيناكَ هل تُحسُهُما
رمشك و الوخزُ الحجريُ
رعشةُ التوبةِ
لا وقت إضافيَّ للفرحْ
أزِفَتْ أحلامكَ
فاحضن الترابْ
هل ترى من شعورْ
أحاسيسكَ
و القلب سجينُ وزرِهِ
هل ترى حين ترى
لوناً آخر للترابْ ؟؟
3
أقمْ صلاتك بعشقها
و اتمم الخشوعْ
سؤالانِ و أنتَ الثّالثُ
بيتك الآن شبرْ
عِمْرَانَ المحرابِ
أقِمْ صلاتكَ
و اتْمِمْ الوترْ
لا سُبْحة بيديكْ
أصابعكَ هل تُحِسّها
من يَحُكُّ جِلدكَ
لو مَرّتْ نملةٌ بلا قصد
بين ركبتيكْ
لا صوتَ يجئ من فوقْ
صلاتك أقيمتْ
فَرّتْ عنك القبيلةُ
و لا وداعْ
لا دعاء يُسمعُ من فوقْ
رحيلك تمْ
و لا وقت للشّوقْ
حبيبتكَ بلا محارم
لا خليلَ يُسليها
أساورُ العيد الأخيرِ بلا فرحٍ
بلا فرحٍ ذاك الطوقْ
وسادتكما الوردية حُضنُ عينيها
رسائلُ الجوالِ
مُفكرةُ الجيبِ
قداحتُكَ الصٌفراءْ
بقاياك الصغيرة تقتلها
خائنة ذكراكْ
و أنتَ تُعِدُّ للرحيل دون خبرْ .
4
هل صدقْتَ رُؤياكْ
عِمران الوحشةِ
هل صدقْت رؤياكْ
ستموتُ
هل صدقت رؤياكْ
ما ذنب الدامعات كي تبكي
لا عرس للنائحاتْ
تعازيك تملأ المكانْ
لا مِسْكَ يعطر فراشك
مَحَتْ عاشقاتك كل أثرْ
لا وقت للذكرى بعدك
تسير الأحاسيس وفق موتها
لا حزن يدوم
و أنت الراحل الجديدْ
رحلوا قبلكَ
و لا ذكرى بقيتْ
صُحونُ الموائد
دخان البخور المكّي
و العشاء الأخير نذرُ الحبيبةْ
جوالها لا يجيبُ
و أنتَ الراحل الجديدْ
جارات الزقاقِ
يُوَاسينَ العابرينْ
لا بخور يدومُ
خيمتان أمام البيتْ
لا بخور يدومُ
و تشرين يجئ بلا مطرْ
ذكراك و دعاء المقرئينْ
لا أحد ينكر بسمتكْ
أصدقاء الصبا
و الخريف يلبس العمرْ
لا وقت للعزاءْ .
5
ليلتك الأولى هناكْ
هل تُحسُّ بسمتكْ ؟؟
لا جيران في المدى
ترابٌ خلفه ترابْ
فهل تحس بسمتكْ ؟؟
من يشفع للسوادْ
حين تبكي النائحات
و لا ذكرى تموت
و لا ذكرى للبياضِ
تحفظها العينْ
هل ترى حين ترى
لونا آخر للترابْ
حجارة تلُفُ الأبيضَ
و أنتَ الأبيضُ الجديدُ
تحت الترابْ
خنافسُ التربة
دودُ الحجارة
كل حشرات الأرضْ
أغواها مسكُ الأبيضِ
و أنتَ لا حيلة لديكْ
أهلُكَ
جيرانُكَ
فاعلوا الخير الأزلي
حفروا
و فارَ الترابْ
لا ذنب للدودْ
وزرُ المُصلين حين حفروا
لا أحد غيرك أسير الترابْ
حرك يديك إن استطعت
هل ترى من حلولْ
عمران التراب لا وقت للأعذارْ
وحشتك قُضِيَتْ
ليلتك الأولى بدأتْ
لا وقت للأعذارْ
فأقم صلاتك بخشوعها
سؤالان و أنت الخالدُ
لا لون تميزه للترابْ
فأقم صلاتك دون النوافلِ
و كُنِ الترابَ للترابْ .
عيسى الدبا / المغرب
التعليقات مغلقة.