عِنب الفقراء …قصة قصيرة بقلم / محمد الأمين محفوظ.
… لم يحظ مِن مُلك الله إلا دارا مِن طوب لَبِن وأربعة قراريط ، ورُزِق بنين وبنات
أشارت عليه زوجته _ يوما _ أن يجعل القراريط عِنبا فكثيرا ما يطلبه الأبناء. ومنه
في كل الأحوال مدخول معقول عن غيره…
بعد مهلة قصيرة وافق على عرضها ؛ فهما دوما متناغمان…
تم التنفيذ بعد عدة أيام بمجهودهم أجمعين.. وكان عليهم أن ينتظروا مهما طال الانتظار
قضوا فترات ما قبل الإثمار في تدبير المعيشة على ما تخرجه الأرض بجوار العنب وقد اتسع
صدره…
وتوالت الفصول…
آن للعنب أن يهديهم عناقيده فقرروا مجتمعين بأهمية حمايته من عابثين و متجرئين…
وقد توافقوا على أن يكون من المحصول هدايا للأقربين…
ذات ليلة قمرية عاد حارسهم مطمئنا على أن القمر كاشف ولا يجرؤ أحد أن ينال العناقيد
بأذى…
قبل الشروق ذهب لتحيتها وليملأ عينيه بجمالها…
لمّا اقترب تراءى له كأن خواء قد وقع فأثقل خطاه… إلى أن زحفت قدماه فوجدها بلا حياة
تجمد في مكانه غير قادر على حركة أو صوت…
إلى أن جاءته زوجته فناحت العناقيد…
رجعا إلى الدار باكيين لا يعرفان من الفاعل ولماذا فعل وما الدافع وأين الوازع؟!
والتف حولهما مواسون ومواسيات…
بعد العِشاء حضر إلى دارهم من أكّد لهم أنه شاهد عِيان ويقسم عليهم بألا يبوحوا باسمه
وأن يكون في طي الكتمان وأن المُحرّض معلوم إذ هذه أفعاله بحصانته وسطوته وغِناه…
أقروا بعد نقاش بعجزهم عن مجابهته أو مقاضاته… واستقر رأيهم مع بعض ذويهم على أن
يتظاهروا أمام منزله ذي السور العالي والبوابة الحديدية والمُحصّن بموفور الكلاب
يهتفون :
عنب الفقراء حنظل في أفواه اللصوص…
التعليقات مغلقة.