غارقة في النوم .بقلم.محمد كسبه
بعد انتهاء عملها في الفندق ذهبت إلى غرفة تبديل الملابس و هي تتأفف من الزبائن الذين يتفحصون مفاتنها حين تقدم لهم الطعام و يسمعونها عبارات الغزل التي اعتادت عليها منذ سنوات ، فهي رغم أنها تخطت الأربعين عاما مازالت جميلة القوام ، شقراء عيناها واسعتان ذات أهداب سوداء طويلة گأنها نخيل على شاطئي النيل ، رغم أنها تزوجت مرتين لكنها لم تنجب ، زوجها الأول طلقها و الثاني توفى منذ ثلاث سنوات و أصبحت وحيدة ، كما كانت وحيدة طوال حياتها ، عاشت مع الجدة بعد وفاة والديها في صغرها واحدا تلو الآخر ، حياة حزينة قاسية لم تنعم بالراحة أبدا رغم تفوقها الدراسي في الجامعة ؛ لم تجد الوظيفة المناسبة لها فاضطرت للعمل كنادلة في الفندق الذي لايمنحها إلا القليل من المال فهي مضطره لأن تبتسم دائما في وجه كل نزلاء الفندق و خاصة زبائنها على الطاولات ، تبتسم و تجاملهم بالكلمات فقط لتحصل على البقشيش .
إنتهى عملها اليوم مع دقات الثانية عشر ليلا ، في الطريق إلى البرج الذي تسكن به قابلها ذلك القط الأسود الذي تخاف من نظراته إليها و كأنه يراقبها و يتمسح بساقيها لكنها ضربته بقدمها و أبعدته عنها فصرخ و كأنه يتوعدها و جرى بعيدا .
دخلت البرج الذي تسكنه و استقلت الأسانير لتصعد الى الدور الثامن و الأخير في منتصف المسافةانطفات الأضواء ، امسكت الهاتف و اضاءت المصباح ، و فجأة ظهر القط الأسود ونظر إليها ثم ظل يموء ، شعرت بالهلع و صرخت عل أحد ينقذها لكن دون جدوى اقترب منها ، ظل يتمسح بساقيها و هي ترتعش و تخشي أن تركله بقدمها بعد بضعة دقائق عادت الكهرباء ، تحرك المصعد و اختفى القط التقطت أنفاسها و مسحت وجهها ، ثم رسمت الصليب على جسدها ، وصل المصعد دخلت شقتها ، تناولت وجبة خفيفة ، بدلت ملابسها ، ثم نامت على السرير انطفأت الأضوار إلا ضوء الأباجورة ، سمعت صوت تحريك الأثاث على السطح و أصوات ناس يتشاجرون و آلات يتم تشغيلها و إزعاج مستمر ، استدعت أمن البرج
هناك فوضى عارمة على السطح
لا داعى للقلق يا سيدتي ساتفقد ماذا يحدث
بالاعلى
ثم تركها مدة ثم عاد
لا شيء يحدث بالأعلي يا سيدتي كل شيء على ما يرام .
أن اغلق باب السطوح من الخامسة مساء كل يوم و لا يصعد أحد إلى السطوح إلا بإذن مني حتي إن كان الهدف تصليح خزان المياة أو تثبيت طبق للدش .
هزت رأسها ، انصرف ، لم تستوعب ما حدث ، دخلت و أغلقت بابها ، نامت على السرير بعد عدة دقائق سمعت القط يموء داخل الشقة ، أغلقت باب حجرتها و نامت على السرير ،
بدأ السرير يتحرك و يدور و يرتفع بها في الغرفة ، قفزت من فوقه إلى الأرض ، انطفأت الأضواء ثانية ، حاولت فتح باب الغرفة لم تستطع ، جرت إلى باب البلكونة لم يفتح هو الآخر ، بدأ الماء يتسرب إلى الغرفة و يرتفع قليلا قليل و هي تتنقل فوق قطع الأثاث، صرخت لا أحد يسمعها ، وقفت فوق كرسي و أمسكت الصليب في السلسلة التى
ترتديها و ظلت تدعو العذراء و تطلب الحماية من يسوع ، ارتفع الماء و وصل إلى منتصف جسمها و مازالت تبكي ، تتوسل ، تصرخ ، لا أحد يسمعها ، الماء ارتفع لصدرها و الكرسي من تحت قدميها تحرك بعيدا، لا تعرف ماذا تفعل في الغرفة ؟ و الماء قد ارتفع إلى النجفة المعلقة في السقف التي تمسك بها ، غطى الماء رأسها ، و ملأ فمها و أنفها و رئتيها و هي أوشكت على الغرق تصارع الموت ، لفظت أنفاسها الأخيرة و سقطت في أرض الغرفة مغمى عليها ، مع ضوء الشمس التقطت أنفاسها على السرير ، نظرت حولها لم تجد أثرا للماء ، رن الهاتف ، امسكت به و هي في شدة الإعياء ، سألتها زميلتها : لماذا تأخرت عن العمل يا ساندرا ؟
لقد كنت غارقة في النوم يا مايا
يجب أن تأت فور .
لا بأس سأرتدي ملابسي و سأكون في العمل بعد نصف ساعة ، إلى اللقاء .
التعليقات مغلقة.