” فزى وزى Fuzzy Wuzzy”رديارد كيبلنج وجذوة النار العربية التى انهت الامبراطورية البريطانية
د.أحمد دبيان
تظل الدعاية الموجهة احد اهم التكتيكات المجيشة فى علم الصراع .
تختلف الدعاية الموجهة وأدبياتها باختلاف ادوات العصر وممارساته الثقافية والإبداعية ولكنها تتفق جلها فى تجييشها لتقويض الهدف المراد وتفتيته .
فى العصر الفيكتورى وهو عصر تمدد الإمبراطورية البريطانية ظهر روديارد كيبلنج وهو كاتب وشاعر وقاص بريطاني ولد في الهند البريطانية.
تظل أشهر أعمال كيبلنج قاطبة هى رواية كتاب الأدغال و التى تحولت لأفلام كرتونية وسينمائية، ولكن ما لا يذكره الكثيرون قصيدتان ملحميتان كتبهما الأولى باسم جونجادين ، وهى قصيدة ملحمية عن سقاء هندى خدم الجيش البريطانى وحارب فى صفوف الانجليز ضد بنى وطنه الذين صورهم كيبلنج عبدةً للربة كالى و الذين يمارسون طقوسا وثنية سحرية ويقدمون قرابينا بشرية فى شيطنة موجهه لهنود وطنيين كانوا يقاومون المستعمر الإنجليزى .
الشيطنة الموجهه تظل اسلوبا استعمارياً نموذجيا سبقياً وضعته آلة الحرب الدعائية الإنجليزية لشيطنة الخصم وتمجيد المتعاونين الخونة أمثال جونجا دين الذى تم تصويره فى القصيدة الملحمية كشهيد رغم خيانته وليتم تكريمه بترقيته لرتبة نفر واسباغ الأوسمة عليه ليتبنى تلك المنظومة الدعائية كل الأنظمة الاستعمارية فيتم شيطنة الأبطال الوطنيين المقاومين على سبيل الأمثلة لا الحصر .
أحمد عرابى ، نيتاجى شوندرابوس الزعيم الهندى الذى تبنى منهج الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطانى ليتم اغتياله وابراز زعماء مهادنين أمثال المهاتما غاندى .
وليتم اسباغ الأوسمة على متعاونين خونة أمثال محمد سلطان باشا والد هدى شعراوى أو وسام الكونجرس الأخير لمن يتم تسميتهم بابطال نوبل للسلام .
رغم سيكولوجية ادوات الدعائية الاستعمارية وكتابها بعنصريتهم الاستعلائية وقدرتهم على خلق حالة من تمجيد المهادنة والاستسلام وتعظيمها الا ان كيبلنج له قصيدة ملحمية أخرى باسم
Fuzzy Wuzzy
فزى وزى
يمجد فيها مقاتلى الهداندوة من قبائل البجا الذين قاتلوا وساندوا محمد أحمد الملقب بالمهدى والذى اشعل الثورة المهدية فى السودان ضد الحكم التركى المصرى وقاتل جنوده حملات هكس باشا واستطاعوا كسر المربع الإنجليزى الشهير والذى كان تكتيكا قتالياً عسكريا بريطانيا تمكنت به جيوش بريطانيا من ان تكسر جيوشاً اوروبية كثيرة حققت به تمددها الامبراطورى .
استطاع مقاتلوا البجا بشجاعتهم منقطعة النظير وهجومهم الذى لا ينتهى رغم الخسائر الا يصمد التشكيل الانجليزى الأشهر لهجماتهم فيتم كسره وليكتب كيبلنج قصيدته معبراً عن احترام بالغ لمقاومين ابطال رغم عنصرية الاستعلاء الاستعمارى التى تتميز بها اعماله .
ولان الخصم يحترم الأقوياء المخلصين رغم اسباغه الأوسمة والنياشين على الخونة المتعاونين معه لا نعجب كثيرا من حفيد بريطانى استعمارى آخر يكتب فى صحيفة الديلى تليجراف بتاريخ ١٥ يناير ٢٠١٨
مقالاً بعنوان
فى مثل هذا اليوم
( Arab firebrand Gamal Abdel Nasser ended British Colonialism in Egypt )
ولتكون ترجمة العنوان
( جمال عبد الناصر جذوة النار العربية التى انهت الاستعمار البريطانى فى مصر )
ولسان حاله ان يقول:
(جذوة النار العربية التى احرقت الامبراطورية البريطانية ).
ولا عزاء لأوسمة الكونجرس.
التعليقات مغلقة.