فضائلك ياأبي…
بقلم بوعون العيد
فضائلك ياأبي
في زُقاق ذلك الشَّارع الطَويل ،وعلى رصيفه عُدتَ مساء مُثْقَلاً بأعبَاء الحياة، مُحمّلا بمتطلبات من تَعُولُ . … أبي هاقد نزل سِتار اللّيل ، ودبَّ الشفق الأحمر في حاشية الأُفق ، وبدأت الحركةُ تقِلُّ إلاَّك ، وبعض المارّة العائدبن إلى منازلهم ، لقد أوى النَّاس إلى منازلهم ، والطَّير إلى وُكُناتها ، والوُحوش إلى أوْجِرتها
أبي كنت تمشي الهُوينا على الرَّصيف تُرافقك أنوار السَّيارات وأزيزها ،لكأنّها تُبدِّدُ بعضا من ظُلمةِ الطّريق بعد ضعف الحَبيبتٕين …… أبي عاد عليك الزمن بكلكله حتّى صار الظّهرُ مُحقَوقفا ،ولأنّ المتاعب التي أثقلتك فأصبحتَ لا تستطيعُ أن ترفع رأسك إلى السّماء ، ولرُبما ستُشَلّ يديك ذات يوم فلن تستطيع أن تمدها إلى اللّه بالدُّعاء .
في الشّتاء تمتزجُ الٱلام بالٱمال ، والأتراح بالأفراح ،حيثُ يلذُّلكلّ واحد أن يَخٔتَلفَ إلى مكان يختاره علَّه يجدُ فيه كُنه راحته وبهجته ،حتى وإن لم تكن كذلك ففي مسامرة كتاب رحلة بين صفحاته يُحلِّقُ فيها الفكر عاليا مُرفرفا يناجي السُّمو والرُّقي حتى يضارع الجوزاء ارتفاعا .
أبي عُدتَ وقد مات هذا النّهار وماتت بموته الٱلام والأحزان ، وبدأت الطبيعة تأخذ موضعها للرُّقاد ، وأنت تحمل السُّرور ويَعْظُمُ دِرهَمك نفقةً على عيالك ….. أنت لست بخيلا حتى تُجِيعَ فلذات كَبِدكَ وتُشْبعَ صندوقَكَ رُغم مااعتراك من أرزاء فأنت تَرى فرْحةَ بنيك جَبْرٌ لجناحِكَ الْمَهيضَ ، فأنت بشُمُوخكَ وأنَفَتِك وأمثالك ممن ينامون على بساط الغَبْراء من الذين يطأون بِنعَالهم هَام الجوزاء .
أيها الأولاد أطلبوا الرحمة لٱبائكم العائدين إلى منازلهم تحت جُنحِ الظّلام بقلب واجِمٍ بعد أن ساير الشَّمْسَ من مشرقها إلى مغربها .
أيها الأولاد أطلبوا الرحمة لأمهاتكم اللَّواتي اتَّخذْن من حنايا ضلوعهن أسرَّةً قبل أسرتِكُم ، ومن أحشائهنَّ مهادًا قبل أمْهِدتِكم .
التعليقات مغلقة.