فك اشتباك في مسألة خلافيَّة معاصرة د.وجيهة السطل
فك اشتباك في مسألة خلافيَّة معاصرة
د.وجيهة السطل
هل نقول الشعراء السبع أم الشعراء السبعة؟؟؟
أي :إذا وقع العدد نعتًا للمنعوت هل نغلِّب قاعدة العدد مع المعدود بالمخالفة أم قاعدة النعت مع المنعوت بالمطابقة؟
حياكم الله جميعًا.
سبق أن طرح هذا السؤال على إحدى الصفحات بمثال آخر .
وخاض المشاركون الأساتذة الأفاضل حوله حوارًا علميًّا منهجيًّا بنّاءً .
وكان رأيي فيه كالتالي :
قد جرت العادة في قواعد النحو منذ أن وضع ذلك العلم ، على الأخذ برأي الجمهور وليس برأي الآحاد .
فكتب النحاة المتقدمين ليس فيها ذكر للجواز.بل تقضي كلها باتباع قاعدة العدد بالمخالفة .
وقد ذكر العالم الشيخ محيي الدين عبد الحميد، في حاشيته على الإنصاف: **(وفي هذه الحال يتنازعك أصلان: أحدهما أصل العدد ومعدوده الذي بينّاه، وثانيهما أصل النعت ومنعوته وهذا يستلزم تأنيث النعت إذا كان منعوته مؤنثاً، وتذكير النعت إذا كان منعوته مذكراً وأنت بالخيار بين أن تستجيب للأصلين، نعني أنه يجوز لك أن تراعي قاعدة العدد والمعدود فتؤنِّث اسم العدد مع المعدود المذكَّر . فتقول: الرجال العشرة. وتذكِّر مع المعدود المؤنث فتقول:
النساء العشر .
ويجوز لك أن تراعي قاعدة النعت مع منعوته فتذكّر اسم العدد مع المنعوت المذكر فتقول: الرجال العشر، وتؤنث مع المؤنث فتقول: النساء العشرة. وعلى هذا يكون قول الشاعر:
(وقائع في مضر تسعة)
قد جاء على أحد الطريقين الجائزين له، وهو طريق النعت مع منعوته).
**وقال في حاشية أوضح المسالك:
(الصورة الثانية: أن تذكر المعدود ثم تصفه باسم العدد، وهذه الصورة تتجاذبها قاعدتان: الأولى قاعدة العدد مع المعدود ،وهي تقتضي تأنيث العدد مع المعدود المذكر ،وعكسه، فتقول تطبيقًا لها :(عندي رجال ثلاثة) و(عندي فتيات ثلاث) .
والقاعدة الثانية قاعدة الصفة مع الموصوف وهي تقتضي موافقة الصفة للموصوف في التذكير والتأنيث، فتقول تطبيقًا لها: (عندي رجال ثلاث) و(عندي فتيات ثلاثة) فلما تجاذبت هذه الصورة قاعدة العدد مع المعدود، وقاعدة النعت مع المنعوت، جاز لك أن تراعي الأولى فتؤنث العدد مع المعدود المذكر، وتذكر العدد مع المعدود المؤنث، وجاز لك مراعاة الثانية، فتذكر العدد مع المعدود المذكر وتؤنث العدد مع المعدود المؤنث).
وهذا الذي ذكره الشيخ محيي الدين عبد الحميد مبني على أمرين:
- أولهما: أن الصورة تتجاذبها قاعدتان نحويتان، هما قاعدة العدد والمعدود، وقاعدة النعت والمنعوت. فجاز الوجهان كما في الشاهد .. .
- والثاني: الاستدلال بالشاهد الشعري. وهو قول الشاعر (من المتقارب):
وقائعُ في مضر تسعة **
وفي وائلٍ كانت العاشرة
(وقائع) و(تسعة) كلاهما مؤنث.
وهذا هو {{الشاهد اليتيم على الجواز،}} مع ما يَرُّدُّ عليه من احتمال الضرورة الشعرية.كما أن بعض أهل العلم حمله على التضمين، فكأنه ضمَّن (الوقائع) معنى (الأيام) وهي مذكرة.
***وذهب تقي الدين السبكي في كتابه (إبراز الحكم من حديث رفع القلم) إلى التفريق بين الصورة التي يكون المعدود فيها هو الأيام والليالي، وصورة ما سوى ذلك.
قال رحمه الله: (إن حذف التاء إنما جاء عند حذف المعدود المذكر إذا كان المعدود هو الأيام خاصة دون ما سواها من المذكر).
وقال أيضا: (هذا كله في الأيام والليالي.
{{{أما إذا كان المعدود مذكَّرا أو مؤنثًا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر، وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته….. إلى أن قال: والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل، ولا يكاد يقدر عليه}}}.
وهذا التفريق الذي ذكره محل نظر، ولم أر من قال به من النحاة.
وملخص المسألة: أن وجه المخالفة هو الفصيح الذي لا خلاف في صحته، وهو كثير في شواهد اللغة، كما في قوله تعالى: (وكنتم أزواجًا ثلاثة)سورة الواقعة/٧(في ظلماتٍ ثلاث )سورة الزمر/٦(وليالٍ عشر)سورة الفجر/٢
أما وجه الموافقة فمن أهل العلم من أنكره، وليس له سوى شاهد واحد مع ما فيه من الاحتمال والتأويل .
وأرى أن شاهدًا واحدًا يؤيد ترجيح النزاع إلى كفة النعت ومطابقته المنعوت ،لا يكفي حجة للتعميم والقول بالجواز ؛لاسيما وقد جاءت الشواهد القرآنية كلها ، بتطبيق ضابط العدد والمعدود. ( وليالٍ عشر-أزواجًا ثلاثة-ظلماتٍ ثلاث).
وفي حديثه صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : (أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ ؟ قَالُوا : لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ ، قَالَ : فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ، يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا) والقرآن الكريم وحديث أفصح الخلق ، فيصلُنا في الفصيح إذا ما احتدم الخلاف .
وبذا أيضًا جاء النقل في العلوم كلها : المعلقات السبع ،الوصايا العشر ،الصلوات الخمس ، الأفعال الخمسة ،أركان الإسلام الخمسة ….وغيرها .
فضلًا عن أن ذكر رأي لواحد ، والدعوة إلى تبنيه والعمل به مادام جائزًا ، يوقع الجيل المتعلم في بلبلة هو في غنى عنها .
والأَوْلى أن نقول :
تطبق قاعدة العدد مع المعدود مطلقًا سواء أوقع العدد نعتًا أم سبق المعدود في محل له من الإعراب في الجملة .
بوركتم جميعًا .وأسعد الله أوقاتكم
التعليقات مغلقة.