فلسطين المصرية…د.أحمد دبيان
فلسطين المصرية
د.أحمد دبيان
لم يكن المشروع الإستيطانى الصهيونى فى فلسطين التاريخية هو الاول بحال .
أولى محاولات الصهيونية الفعلية لبث اطماعها فى مصر كانت مشروع هرتزل لمحاولة لاستيطان يهودى بالإتفاق مع السلطات المصرية حيث استقبلته العائلات اليهودية المصرية وسعى لإقامة وإنشاء وطن قومى لليهود فى سيناء .
كان هرتزل يحاول وبكل الوسائل تأسيس وطن قومى لليهود فى أى مكان وعرضت عليه قبرص من قبل ولكنه رفضها لتوجسه من اَهلها من الأتراك والمسيحين ولانه كان لا يريد الاصطدام بالخليفة العثمانى الذى استقبله قبل ذلك .
رأى هرتزل ان سيناء افضل وحاول بكل الوسائل تأسيس الوطن القومى فيها وكان ان أطلق عليها فلسطين المصرية .
من أجل ذلك رأى انه لو استطاعت شركة يهودية وضع اقدامها فى العريش وسيناء لامكن قيام الوطن القومى .
التقى هرتزل بتشمبرلين وزير المستعمرات والذى احال الموضوع على اللورد كرومر .
صاحب هذا ازدياد الهجرة اليهودية لبريطانيا من اوروبا والتى سببت لها مشاكل اقتصادية جمه .
وجهت اللجنة الملكية البريطانية الدعوة لهرتزل فى ٢٢ اكتوبر عام ١٩٠٢ ليعرض ما يراه كفيلاً بحل مسألة الهجرة اليهودية المتزايدة لبريطانيا .
قابل هرتزل عددا من المسئولين البريطانيين عارضاً عليهم مشروعه سابق الذكر والذى عرف باسم مشروع العريش .
ويمنح فيه الانجليز حسب مقترح هرتزل اليهود حق امتياز على الأراضى الواقعة فى شبه جزيرة سيناء والتى تحيط بمنطقة العريش وتبلغ المساحة ٦٣٠ ميلا مربعا .
تم تقديم المشروع للورد كرومر والذى عرضه على الخديوى عباس حلمى الثانى بصيغة تمنى الأمر .
أرسل اللورد كرومر مندوبا عنه بعدها للاشتراك مع اللجنة الصهيونية التى اتجهت للعريش لدراسة المنطقة وكان من المقرر اذا تأكدت الصلاحية ان يحصل الصهاينة على امتياز ادارتها لمدة ٩٩ سنة تحت السيادة البريطانية .
كتب الاستاذ كامل زهيرى فى كتابه النيل ان هرتزل طلب ايضا من كرومر توفير حصة من مياة النيل لشبه جزيرة سيناء .
وقد طلب هرتزل من الجيولوجي الألمانى بالانكيتهورن واستعان بمكتب الخبير البريطانى برامبو لتنفيذ المشروع .
كان هرتزل يطمع ان يتوسع فى مشروعه ويستولى على البترول .
شجع هرتزل وعود المساعدة التى مناه بها عدد ليس بالقليل من الماليين والمصرفيين اليهود المصريين وخصوصاً فى الاسكندرية والذين كانوا على علاقات اقتصادية بدوائر الحكم والوزراء فى الحكومة .
ذهب هرتزل لمقابلة كرومر ولكن فحأة أعلنت الحكومة انها ستعيد النظر فى المشروع مرة اخرى بعد موافقة مبدئية .
كان ذلك بالأساس بسبب بند توفير حصة من مياة النيل ، كلف كرومر السير وليام جاريستينى ، من خبراء وزارة الاشغال ، لدراسة الموضوع وإعداد تقرير ودراسة جدوى .
حاول هرتزل ان يوضح لكرومر انه لا يطلب من النيل اكثر من مياة الشتاء التى تتدفق عادة الى البحر ( لم يكن هناك سد عالى تم بناؤه ) .
لكن كرومر اصر على معرفة رأى المفتش العام لرى الدلتا ، وهل سيتأثر محصول القطن مصدر القطن طويل التيلة لمصانع لانكشاير ؟
وحيث رفض المفتش الانجليزى وبالارقام مشروع مد مياة النيل للكيان الصهيونى المزمع إنشاؤه فى سيناء العريش او على حد تسميتهم بانفسهم ،فلسطين المصرية .
أوصى الخبير الانجليزى بعدم قبول المشروع .
رغم ذلك وافقت الحكومة برئاسة بطرس غالى الكبير على المشروع لولا ان انتصر كرومر فى النهاية لرأى الخبير الانجليزى ليس لأن الإحتلال الانجليزى كان يراعى مصالح الأمة المصرية كما يزعم المنبطحون الجدد ، وإنما خوفاً من تأثر انتاج القطن اللازم لمصانع النسيج البريطانية .
التعليقات مغلقة.