فلسفة التوراة و الإنجيل والقرآن .
فلسفة التوراة و الإنجيل والقرآن .
د.أحمد دبيان
خرج علينا احد الأدعياء بمسمى من يضع نفسه بمنازل الرسل فيسمى نفسه ويسميه الجاهلون داعية ، ليقول فيما يبدو ظاهراً إعتذار ، بانهم وبفورة الشباب قد أولوا تأويلاً فاسداً وافسدوا حياة الناس وحملوهم ما لا يطاق وليس من الدين.
بداية العيب ليس فيهم وانما العيب كل العيب على من ألغى عقله وألغى عبادة التدبر والتفكر واسلم سمعه الى من يفسد فصار عقله فى اذنيه فتحول إلى سائمة فصار كالأنعام بل وأضل سبيلا.
نهج هذا الدعى وغيره ليس بالجديد ولا بالمحدث فقد أنبأنا به كلمة الله وروحه وتدبيره ،
فيقول سيدنا وكأنه يخاطب حالنا اليوم و كما أكمل أخيه من بعده ليتمم ثورة الاله على كل الأدعياء وعلى كل تجار الدين .
يقول سيدنا عيسى عليه السلام :
وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ، وَهُمَا مِنْ دَاخِل مَمْلُوآنِ اخْتِطَافًا وَدَعَارَةً.
أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى! نَقِّ أَوَّلاً دَاخِلَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ لِكَيْ يَكُونَ خَارِجُهُمَا أَيْضًا نَقِيًّا.
وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ.
هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَارًا، وَلكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِل مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْمًا.
وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ وَتُزَيِّنُونَ مَدَافِنَ الصِّدِّيقِينَ،
وَتَقُولُونَ: لَوْ كُنَّا فِي أَيَّامِ آبَائِنَا لَمَا شَارَكْنَاهُمْ فِي دَمِ الأَنْبِيَاءِ.
فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ.
وقد قالها قاطعة :
عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ،
فَكُلُّ مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَاحْفَظُوهُ وَافْعَلُوهُ، وَلكِنْ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ لاَ تَعْمَلُوا، لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُونَ.
فَإِنَّهُمْ يَحْزِمُونَ أَحْمَالاً ثَقِيلَةً عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَيَضَعُونَهَا عَلَى أَكْتَافِ النَّاسِ، وَهُمْ لاَ يُرِيدُونَ أَنْ يُحَرِّكُوهَا بِإِصْبِعِهِمْ،
وَكُلَّ أَعْمَالِهِمْ يَعْمَلُونَهَا لِكَيْ تَنْظُرَهُمُ النَّاسُ: فَيُعَرِّضُونَ عَصَائِبَهُمْ وَيُعَظِّمُونَ أَهْدَابَ ثِيَابِهِمْ،
وَيُحِبُّونَ الْمُتَّكَأَ الأَوَّلَ فِي الْوَلاَئِمِ، وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ،
وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ، وَأَنْ يَدْعُوَهُمُ النَّاسُ: سَيِّدِي سَيِّدِي!
وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تُدْعَوْا سَيِّدِي، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ، وَأَنْتُمْ جَمِيعًا إِخْوَةٌ.
وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
وَلاَ تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ.
وَأَكْبَرُكُمْ يَكُونُ خَادِمًا لَكُمْ.
فَمَنْ يَرْفَعْ نَفْسَهُ يَتَّضِعْ، وَمَنْ يَضَعْ نَفْسَهُ يَرْتَفِعْ.
«لكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ، فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ. وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ، ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ.
وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِدًا، وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْنًا لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفًا.
كان الفريسيون والتى تعنى بالعبرية الأصفياء أو المنعزلين و (بالعبرية: פְּרוּשִׁים) ( وتنطق بالإنجليزية: Pharisees) هم أكبر حزب سياسي ديني برز خلال القرن الأول داخل المجتمع اليهودي في فلسطين.
ويعود أصل المصطلح إلى الآرامية ويشير إلى الابتعاد والاعتزال عن الخاطئين فالفريسى هو المتطهر المنعزل عن الخاطئين ؛ كان الفريسيون يتبعون مذهبًا دينياً متشدداً في الحفاظ على شريعة موسى والسنن الشفهية التي استنبطوها.
اما الكتبة او ال
scribes
او ال
Sofer
فهم ايضا إحدى الجماعات الدينية التابعة للفريسيين والتى نشطت خلال القرن الأول ومفردها كاتب،
دعيت بهذا الاسم لأن أعضائها كانوا ينسخون التوراة ومن ثم يقومون بتفسيرها فهم المفسرون المحترفون للشريعة، وقد عرف عنهم كونهم متشديين في الأمور الدينية وحفظ التقاليد وابتداع وصايا جديدة، كانوا يلقبون في المجتمع بمعلم والتي تعني في اللغة العبرية، رابي، لكونهم معلمي الشريعة في المجامع،
وكما استعرضنا فى السابق فقد قرعهم المسيح المعلم عليه السلام لتشددهم وتمسكهم بالألفاظ وبشرحهم وتقديسهم التأويل على حركية النص وتجدده .
مضت خمسة قرون لتعود فتطغى الكهانة والوثنية فيأتى النور من مكة ثورة نهائية وآخر ومضة ثورية سماوية لأهل الأرض ،
وكانت آيات الرحمن قاطعة يوم حجة الوداع لا تحتمل التأويل لئلا يأتى بعدها من يضفى قداسة التأويل على النص .
( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا )
وكان الرسول قاطعا لئلا تقع الرسالة الخاتم فى شرك التأويل
فقالها ونصدقها لانها تتوافق مع فلسفة الرسالة والآيات والنص ؛
( لا تكتبوا عنى غير القرآن ومن كتب عنى غير القرآن فليمحه )
بل و روت لنا كتب التاريخ الاسلامى وكتب التراث أن الخلفاء الراشدين رفضوا ومنعوا تدوين روايات الحديث وأن عمر حرق ما كتب منها وهدد أباهريرة بالضرب إن سمعه يحدث عن رسول الله ..
تقديم التأويل والاجتهاد ووضعه فى نفس قداسة النص المنزل هو شرك جديد ووثنية مقنعة تفرغ الرسالات من جوهرها وتغلق الزوايا المفتوحة للانسانية وهى جوهر الرسالة لتحصرها فى زاوية تأويلية ضيقة لفرد او افراد ، لتصبح الصنم الجديد الذى نتعبد له ونسجد اليه .
باب الاجتهاد مفتوح لانه جوهر الديمومة وفلسفة الاعمار وهو حق لمن يملك العلم ،وملكة وقدرة الاجتهاد، ودور الهيئات العلمية هو مناقشة الطرح بمقياس علمى لا بمنهاج قدس الأقداس .
لان قدس الاقداس
او
The Holy of Holiness
ببساطة هو للإله ،ولفكر الاله لا لفكر البشر ومن يشاء يمنحه القدوس علمه الوهبى مع علمه الكسبى ونلخصها شعبيا ، بقولنا له : ( فتح الله عليك).
وفى الختام لا نجد الا آيتى الرحمن فى سورة الكهف تصف حال المغَيبين والمغيبِين ،
﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾
التعليقات مغلقة.