فلسفة الحقيقة… جيهان الريدي
للحقيقة وجوه متعددة
إنّ الذي خلق الحقيقة علقما
خلق المنى للواردين شمولا
تتصارعان و لا ترى إحداهما
ظفرا لتبسط حكمها و تطولا
تدعو المنى زمر القلوب و أختها
تدعو بصائر في الوغى و عقولا
قل للحقيقة إن قسوت فربّما
فكّ الزمان أسيرك المكبولا
إن تملكي الدنيا و سرّ كنوزها
لم تملكي الأحلام و التأميلا
أفق المنى أحنى و أرحب عالما
و أحنّ أفياء و أزين سولا
هذه هي فلسفة الحقيقة كما يراها الشاعر السوري بدوي الجبل
تثير هذه القصيدة في ذهني سؤلا أو لنقل عدة تساؤلات يتردد صداها في الكثير من مواقف الحياة .
هل للحقيقة وجه واحد؟ ؟؟
أم أن لها وجوها متعددة؟ ؟؟
هل يستطيع الإنسان أن يمتلك الحقيقة كلها ؟؟؟
أم أن بعض الحقيقة عندي وبعضها عند الآخرين؟؟؟
هل كلنا يرى الحقيقة بالعين نفسها؟؟؟
هل كلنا يفهم الحقيقة كما هي ؟؟؟
هل يختلف البشر أمام الحقائق ؟؟
الحقيقة أنني وقفت متحيرة أمام تعريف محدد للحقيقة ،لتحديد كنهها ووصفها وتحديد من يملك هذه الحقيقة،فللحقيقة وجوه متعددة، ولا يستطيع إنسان أن يمتلك الحقيقة كاملة ،ومهما بلغنا من اليقين سيبقى جزء من الحقيقة أراه بعيني وعقلي وقلبي ويراه غيري بعينه وعقله وقلبه هو .
الأمر المختلف عليه يكون في أضيق نطاق إذا كان الموضوع علمياً ؛لأن الحقائق العلمية تتعامل مع التجارب والقوانين ،أما بالنسبة للأدب فالأمر مختلف تماما ، ويتضح هذا الأمر جليا من الكلمة المأثورة الشهيرة التي تقول: (المعنى في جوف الشاعر) والتي تؤكد على أن الكتابات الأدبية مهما كان وضوحها ، ومهما كان مقدار سهولتها وقربها من ذهن المتلقي ، إلا أنها تحمل معنى ربما يظل خبيئا في ذهن الكاتب أو في عقله أو في قلبه .
هذا رغم أننا نتعامل بالحروف والكلمات التي اتفقنا عليها جميعا ،والتي نستخدمها ويستخدمها كل أفراد المجتمع بتفسير واحد.
وإذا كان هناك من يقضي عمره باحثا عن الحقيقة ،فإن هناك من يهرب منها ،
وإذا كان هناك من يجاهر بها ،فهناك من يحاربها بكل ما أوتي من قوة ،
وإذا كان هناك من يدفع عمره ثمنا لها، فهناك من يشتري عمره بالسكوت عن الحقيقة أو بدفن الحقيقة .
كثيرون هم من دفعوا أعمارهم ثمنا للوصول للحقيقة ، أو ثمنا لإعلان الحقيقة ،أو ثمنا للدفاع عن حقوق البشر في معرفة الحقيقة، أو ثمنا لإرساء مبدأ حق الإنسان في الإيمان أو الاعتقاد أو الجهر بالحقيقة .
وهؤلاء من يفهمون فلسفة الحقيقة أو يرون الوجوه المتعددة للحقيقة
التعليقات مغلقة.