موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

فلسفة المستقبل في مؤتمر قادم للجمعية الفلسفية المصرية. فكرة ودعوة

342

فلسفة المستقبل في مؤتمر قادم للجمعية الفلسفية المصرية. فكرة ودعوة

بقلم الدكتور قاسم المحبشي

حينما يكون الحاضر زاخرا بالحيوية والنشاط والفعل والإنتاج والإنجاز يختفي الماضي في عالم النسيان ويحضر المستقبل بقوة وفرح في عالم الإنسان. فما الذي يجعل الإنسان في أي زمان ومكان يعاود الحنين إلى الماضي الجميل؛ أنه ببساطة بؤس الحاضر وأنسداد أفق المستقبل. ومن السذاجة الطفولية الاعتقاد بأن رغبة الناس في استعادة ماضيهم هي حالة فطرية طبيعية وربما يعود سبب ذلك الاعتقاد الزائف في الثقافة العربية الإسلامية إلى العجز الطويل عن إنجاب حالة حضارية حديثة وجديدة تجعلهم ينسون ماضيهم وينهمكون في صناعة حاضرهم ويتطلعون ويخططون إلى بناء مستقبلهم الأفضل باستمرار فالمستقبل لا الماضي هو الجدير بالأهمية والقيمة والاعتبار. وهذا أمر مرهون بالتاريخ وممكناته وليس بالإنسان ورغباته. صحيح القول: أن الناس يصنعون تاريخهم بانفسهم ولكنهم لا يصنعونه على هواهم بل في ظل الشروط التاريخية المعطاه لهم سلفا من ماضيهم فالاموات يتشبثون برقاب الأحياء بحسب كارل ماركس.


تداعت إلى ذهني تلك الفكرة العامة وأنا أقرأ محاور المؤتمر الحادي والثلاثون للجمعية الفلسفية المصرية المزعم تنظيمه في ( ٥-٧) ديسمبر ٢٠٢٠م بجامعة القاهرة تحت عنوان بالغ الدلالة والتعبير ( فلسفة المستقبل) استوقفني العنوان الذي جاء كنجده من السماء لدعوتنا إلى المستقبل بعد أن سحقنا الماضي سحق الرحى. فالماضي هو ما تم وانقضى ويستحيل استرجاعة وذلك بسبب اختلاف ظروف الزمان والمكان والناس والقوى. لكن من أين يأتي المستقبل إذ كان الحاضر الحي المباشر يعيش حالة من التصدع والخذلان لا أول له ولا أخر؟!


وفي قرأتي لفلسفة التاريخ وجدت أن فكرة المسقبل واستشرافه التي ولدت في سياق الحداثة الغربية كانت شديدة الارتباط بفلسفة التقدم فكرة التقدم” “انه ما كان لنظرية التقدم الإنساني أن تتوطد بالحجج المجردة، بل كان يحكم عليها من خلال الدليل الذي يقدمه التاريخ نفسه” أن الحاجة إلى رؤية فلسفية جديدة كانت تستمد مقوماتها وحوافزها مما كان يجري في العملية التاريخية في الحاضر الأوروبي من متغييرات وأحداث تقدمية وبما كان يبشر بها المستقبل هناك من آفاق ابعد غوراً أو أكثر تقدماً، وكانت قوى البرجوازية الصاعدة، ترى في التقدم مسيرتها وترسم عليه مستقبلها، إذ أخذت فكرة التقدم تنتشر وتشيع في نسيج الثقافة الأوروبية عقيدة عامة وفلسفة شاملة في ذلك العصر، وهذا ما يراه احمد محمود صبحي بقوله: “إن نظرية التقدم لم تكن مجرد أراء يرددها مفكرون وإنما كانت اقتناعاً عاما لدى أهل ذلك العصر”

وإذا كانت فلسفة التقدم قد انطلقت من تأكيد قيمة الإنسان وقدرته على صناعة التاريخ، فأنها في بدء الأمر قد اكتسبت بعدين أساسين:- البعد الأول يتمثل في نقد كل ما يحول دون انطلاقة الإنسان ويكبل قواه وهذا ما شهده القرن السابع عشر، الذي يعد قرن تحطيم الأوثان، إذ كان ملتون في ملحمة “الفردوس المفقود” يهاجم بلا هوادة المؤسسات التقليدية، ويرى “أن أعظم عبء في العالم هو الخرافة، ليست المتعلقة بالطقوس الكنسية وحدها، بل بالآثام المتخلية وبفزاعات الإثم في البيت أيضا” وفي كتابه “الاوياثان” 1651 سار هوبز بهذه النزعة النقدية ضد الخرافات والأوثان إلى نهايتها المنطقية فالوثنية كما يقول هوبز عبارة عن عبادة الوثنيين لأفكارهم ذاتها، ولم تكن تلك العبادة ممكنة لولا أن الوثنيين الغارقين في ضلال الجهل لم يدركوا أن أفكارهم ليست مكتفية بذاتها، بل سببتها الأشياء الخارجية وتوسطتها ملكة التمثيل”5. لقد كانت الثورة النقدية الحاسمة ضد الخرافات والأفكار المطلقة قد اكتملت عند جون لوك وهيوم، وانتقلت إلى فرنسا إذ تلقفها الفلاسفة الماديون أمثال كوندياك وهلفسيوس ودولباخ، الذين ارجعوا كل أفكار الناس إلى الخبرة الحسية المادية، وفي كتابه “رسالة في الإحساسات عام 1754” يذهب كوندياك إلى أن أفكارنا تنتجها دائما قوى مادية لا وجود لـ عقل أو روح مستقل عن الحواس والخبرة الحسية.

أن إعادة المكانة للإنسان الكائن الحاس وتأكيد أهمية العالم الحسي ونقد أفكار العرق المورثة وتحطيم الخرافات، كان له بالغ الأثر في صعيد تبلور فكرة التقدم التي وجدت أول صياغة لها على يد المفكر الفرنسي الديكارتي (فونتيل) في كراسه “محاورات الاموت عام 1683” الذي أكد فيه قدرة الإنسان الخلاقة على الحلم والتقدم والكمال، “فلا حدود لتقدم المعرفة الإنسانية والإنسان لن يشيخ بل يتجاوز نفسه باستمرار وفي كتابيه “استطراد حول القدماء والمحدثين وحول تعدد العوالم 1686 ذهب فونتيل إلى إن الإعجاب المفرط بالقدماء هو احد العوائق الرئيسة للتقدم الإنساني الذي يصعب إيقافه أبدا”وإذا كانت فلسفة التقدم قد انطلقت من نقد الماضي ونقد تقديس القدماء وتحطيم الأصنام، فأنما أرادت تمهيد السبيل لتصور جديد للتاريخ يقوم على أساس من تأكيد الحاضر واستشراف المستقبل، بل إن نقد الماضي وتقاليده الذي ساد في عصر التنوير كان شرطاً ضرورياً لتسويغ الحاضر وقيمة المعرفية والحضارية والمدنية. وكان المنور الفرنسي فولتير (1694-1778م) بين اشد المثابرين في هذا المشروع، وكان شعاره (اسحقوا الأباطيل) صيحة الحرب ضد ضد المؤسسة التقليدية. ويعد أول من استخدم كلمة “فلسفة التاريخ” بالمعنى الحديث للكلمة، من حيث هي فرع جديد من فروع المعرفة الإنسانية، تدرس التاريخ دراسة عقلية ناقدة، ترفض الخرافات والأوهام والأساطير والمبالغات. وكان شديد التفاؤل في قدرة الإنسان وعقله على التقدم، إذ أكد : “يمكننا أن نعتقد إن العقل والصناعة سوف يتقدمان دائما أكثر فأكثر وان الفنون المفيدة ستتحسن، وان المفاسد التي حلت بالإنسان سوف تختفي بالتدرج.


على أي حال فلابد من التفكير بالمستقبل حتى من باب الحلم والأمل والتاريخ يتحرك من الماضي إلى الحاضر إلى المستقبل ومستقبل الناس هو دائما أمامه وليس وراءهم فان كان حاضرنا الرهن محبطا فلا عذر لنا من التفكير في المستقبل ولسنا في أول التاريخ ولا في نهايته.
وأنا سوف أشارك بالمؤتمر بورقة بحثية عن العلاقة العضوية بين فكرة التقدم وفلسفة المستقبل وارجو من ادرة الجمعية اعتماد هذه العنوان حق حصري بي من الآن ودمتم بخير وسلام.

التعليقات مغلقة.