فنجان قهوة مع الكورونا
بقلم سامح خير
جلست اليوم أنا و الكورونا نحتسي فنجان القهوة على المقهى الشعبي للمدينة وسط شوارع و طرق خالية من المارة، فدار بيننا هذا الحوار !
أنا: ماذا بك يا كورونا و لما تلك الزيارة لعالمنا في تلك الأيام؟!
أما كان لكِ أن تأجلي تلك الزيارة لوقت آخر أو على الأقل تُخبرينا قبل مجيئك حتى نستعد بشكل أفضل لإستقبالك بشكل مختلف؟!
كورونا: حقيقاً يا سامح، الزيارة فعلاً كانت غير مُرتبة و أتت على غفلة و لكن أنا سعيدة بتحرك الكل فى كل الإتجاهات جراء زيارتي .
أنا: المشكلة أن الكل يريد قتلك أنت و كل أولادك، فما وجة السعادة فى هذا ؟!
كورونا : دعنى أشرحلك، أنا ڤيروس صغير جداً، صار لي عقود و أزمان مجهولة الهوية أنا و أولادي و كل عائلتي و اليوم أكتب تاريخ عائلتي على ألواح التاريخ التي لن يقدر أن يمحيها الزمن…
ليس هذا فقط ما يُسعدني و لكن ما ألحظه كل يوم من نسج سيناريوهات و قصص عدة لسبب نشئتى جعلني أصل للنشوة في سعادتي…لأن كل يوم كان أخوك الإنسان بردود أفعاله يثبت لي أنه أضعف مما كُنت أتخيل أنا و رفقائي من الكائنات الدقيقة، فصدقني يا سامح تلك الزيارة في تلك الوقت و إن كان غير مُرحب بها من رفقائك من البشر فهى كانت واجبة حتى يقف كل منكم و يراجع أولوياته سواء على نطاقه الشخصي او العملي أو على نطاق أوسع يشمل سياسات الدول و المنظمات الدولية.
صدقني قد تكون تلك الزيارة قد تأخرت بعض الشئ و لكنها كانت واجبة!
أنا : أعذرينى يا كورونا… فمهما كانت نُبل غرض زيارتك فأنا إنسان أرى أخويا يمرض و يموت و آخر قد يموت من الذعر الذى تبثيه بداخلنا كل يوم، فهل ممكن أن أطلب حساب القهوة و سأحاسب أنا عليه فى مقابل أن تسمحي لي بتوديعك لباب المجرة الشمسية بوعد أن لا تكرري الزيارة مجدداً ؟!
كورونا : أوعدك بعدم الرجوع بشرط واحد !!
أنا : طلبك واجب التنفيذ يا كورونا قبل أن تقوليه !
كورونا: أراك واثقاً من نفسك قبل أن تسمع الطلب!
أنا : بالطبع واثق من نفسي لأن كلنا نعاني الأمرين من زيارتك فأنا واثق أن الكل سيطيع طلبك، فهل ممكن أن تُخبريني ماذا تريدي مني أو من بني جنسي و أنا أوعدك بتنفيذه؟
كورونا : طلبي الوحيد هو أن ألمس المحبة بينكم، هو أن أجد أن القوي يسند الضعيف! هو أن أرى الرحمة فى عيونكم تجاه بعضكم البعض! طلبي أن يعم سلام بين شعوب خسرت ملايين من أولادها في حروب بينها و لم تجني غير الخراب!
أنا: أليس هناك طلب أسهل و أبسط من ذلك ؟!
كورونا : تخيلتك واثق من نفسك حينما قُلت لي أن كل طلباتي ستكون مُجابة!
أنا: عزيزتي كورونا…أنا آسف طلبك صعب المنال للأسف وسط عالم أصبحت المادة هي المتحكمة في تفكيره و قراراته…أعذريني فثقتي بنفسي لا تعني ثقتي بالآخرين.
إن كنت لن تودعينا اليوم، فأتمنى أن لا تطول الزيارة من أجل أخواتي المتألمين بسببك!!
و أنتهى لقائي مع كورونا بعد فشلي فى الوصول لطريقة لإقناعها بإنهاء زيارتها للكوكب المُصاب على وعد بلقاء آخر لعل أخي الإنسان ينصحني بطريقة أنجح للتفاوض مع هذا الضيف الغير مُرحب به !
التعليقات مغلقة.