موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

“فنيات الإبداع في توظيف الرمز والتراث “دراسة نقدية تحليلية لقصيدة ” إخوة النخل ” للشاعر العراقي راكان سعيد الببواتي …نقد وتحليل أسامة نور

121

“فنيات الإبداع في توظيف الرمز والتراث “دراسة نقدية تحليلية لقصيدة ” إخوة النخل ” للشاعر العراقي راكان سعيد الببواتي …نقد وتحليل أسامة نور

“إخوة_النخل “

فرّوا من الوجع الممتد في بلدي
جمرًا بدا في جفونِ الليلِ للأبد

على الرصيف بنوا جدران خيمتهم
وأشعلوا صبرهم عمرًا لشمس غدِ

لا ماء يغرقهم ، لا نار تحرقهم
لا شيء يردعهم ، هم قبضةُ الوتَدِ

قد فار ماء بذا التنور فورته
لا عاصم اليوم من حشدٍ بمتّقدِ

هم إخوة النخل من أقصى العذاب أتوا
وفي أيادٍ لهم ” فانوس” مفتَأَدِ

حبُّ العراق عميقٌ في عروقهمُ
يأبى الخنوع كنخلّ طال للأمدِ

أنا هنا الآن ، مبعوثٌ إليك معيْ
فجر توقّد من طوفانِ محتشدِ

سيزيف ملّ وعود الوهم قاطبة
أهذه صخرةٌ أم فتنة الكمدِ

يا أيها الصاغر الموبوء في وطني
ارحلْ لموتك قبل الثائر الصَّلِدِ

باءتْ حياتك ليلا لا نهار لهُ
طوتْ كطيّ سجلٍّ صفحة القِرَدِ

يا زيف هذا أوان الجدّ ، لا أملٌ
يجدي ، ولا كثرة الأموال والولدِ

غدا تراقصكم أحبالُ مشنقةٍ
جرذٌ تجندلَ في حبلٍ من المسدِ

النقد والتحليل :-


مقدمة :-
إن الإبداع ترجمة للمشاعر والعواطف ، والواقع الذي يعيشه الإنسان ..والشاعر يختلف عن غيره؛ لأن لديه شعورًا فطريًا وإحساسًا مرهفًا، وموهبة من الله سبحانه وتعالى تجعله قادرًا على التعبير عن خلجات النفس البشرية وعواطفها ، وعن الواقع ،كما أنه يصوغ مشاعره وفكره بحيث تتماس مع الآخر ، وتجد صدى لدى المتلقي والسامع …
و في رأيي أن “كل شاعر فيلسوف ،وليس كل فيلسوف شاعر ” …
فهل يكون الفن للفن والمتعة فقط كما ذهبت نظرية الفن للفن ،أم يكون الفن للمجتمع ومعالجة قضاياه ومشكلاته دون التقيد بفنيات الإبداع .
لا شك أن الفن والآدب هما مرآة المجتمع ، وقلبه النابض ..
وميزانه الذي يبصر ويوجه ويرشد …
ولكن كلما كان الفن والأدب يعليان من شأن المجتمع ويعالجان القضايا المجتمعية والوطنية والإقليمية ..مع
الاهتمام بالجماليات والفنيات وتحقيق الإمتاع ..كان الإبداع
متحققًا والفائدة قائمة.
لهذا فمن رأيي أنه إن الإبداع شرط في العمل الأدبي مهما كان غرضه .
ومن سمات الإبداع التجديد على مستوى البنيةوالمضمون واختلاف زاوية التناول ،ومكاشفة الوجدان بطرح جديد
وآلية تعبيرية غير نمطية ،مشتقة من رؤية تتوازى مع المشاعر الوجدانية ؛تبعث الخلق الإبداعي ،الحركة والتناغم والتنغيم داخل النص ،وتحقق الدهشة والإمتاع ..بحيث يتماس معها المتلقي ،وتشكل اللاوعي الجمعي .
فيكون بمثابة زاوية إنعكاس لبقعة ضوء صوتية تتمادى في الأفق الذهني ،والوجداني له..
والشعر هو فن التعبير الذاتي ،وكلما أتقن الشاعر التعبيرعن ذاته ،تأثر الآخر به وتماس معه ،فتتسع الحالة الذاتية لتصبح توجهًا تعبيريًا عامًا.
فالشعر خاص لكنه يعبر عن التشكيل الوجداني العام . عن ديناميكية الذات وتمردها والرغبة و المكاشفة والتحرر .
———-؛؛؛؛؛؛؛———

** “ماهية العنوان ودلالته “
إن للعنوان دوره المؤثر في النص ؛ فلم يعد العنوان مجرد كلمات ،تقال في بدايته ، إنما أصبح جزءًا من النص لا ينفصل عنه ،بل هو عتبة رئيسة من عتباته، وهو نص مصغر يدل على النص الأصلي ، وكلما كان العنوان مؤثرًا في عاطفة المتلقي ويثير فكره ،كان ذلك محفزًا له على قراءة النص واكتشافه..
لهذا ظهر حديثًا ” علم العنونة ” ودراسات كثيرة أشهرها
كتاب عتبات النص ” الناقد الفرنسي جيرار جينت ..وكذلك
دراسات الكاتب الناقد “ليو هويك”
والعنوان هنا “إخوة النخل “يتكون من كلمتين إخوة خبر لمبتدأ محذوف ..وقد حذف المبتدأللاهتمام بالخبر ،والنخل مضاف إليه ..إخوة هنا توحي بالترابط ،والأصل والرحم ،وحدة الدم و ما يتبع ذلك من حقوق الإخوة ..
والنخل رمز لعمق الجذر وصلابته وقدمه وثباته ، كما أنه يرمز
للخير ، والسمو والرفعة ، وتعدد فوائدة .
كما أنه يدل على العراق التي أشتهرت بكثرة النخيل .
فالعنوان هنا يدل على المكان ويرمز للعمق والتجذر ، والرفعة والسمو في آن واحد .
وفيه استنهاض للهمة ،واستدعاء الماضي العريق
———–؛؛؛؛؛؛؛———-
** “من حيث الشكل والموسيقى “
تنتمي القصيدة من حيث الشكل إلى الشعر العمودي ؛ فهي تلتزم الوزن والقافية ؛فقد جاءت على” بحر البسيط “
وهو من البحور المركبة ويمتاز بالقوة والسلاسة ،
كما نلحظ التصريع في البيت الأول :-
فرّوا من الوجع الممتد في بلدي
جمرًا بدا في جفونِ الليلِ للأبدِ
ونجد وحدة القافية وحرف رويها الدال مكسور الحركة
ومن صفات حرف الدال الجهر الشدة، الاستفال ،الانفتاح القلقلة ، وهو من الحروف التي توحي بالقوة والصلابة
والعزة ، والفخامة ، والكسر هنا يوحي بالانكسار ،
فحركة الكسرة مع الدال توحي بالانكسار بعد العزة ، وتبعث على الشجن والمرارة في النفس ..
وهنا كان للموسيقى الخارجية ” الوزن والقافية وحرف رويها
دور كبير في إبراز الحالة النفسية ، والحسرة على ماض عريق .
فجاءت الموسيقى ملائمة للحالة الشعورية ، دون أن تطغى على المضمون ..
كما جاءت الموسيقى الداخلية المتمثلة في التشكيل البنيوي
للنص ، واستخدام الألفاظ والتراكيب ، والتقطيع الموسيقى
وإيقاع الجمل ، ومن خلال التضاد ، والجناس ، وحسن التقسيم ، وتنوع الأساليب ، والتقديم والتأخير ..
ومن ذلك نجد التقديم للتخصيص والتأكيد في في :-
“جمرًا بدا في جفونِ الليلِ للأبد”/على الرصيف بنوا جدران خيمتهم / غدا تراقصكم أحبالُ مشنقةٍ/ هم إخوة النخل من أقصى العذاب أتوا “
ونجد حسن التقسيم في “
لا ماء يغرقهم ، لا نار تحرقهم
لا شيء يردعهم ، هم قبضةُ الوتَدِ/
أنا هنا الآن ، مبعوثٌ إليك معيْ
فجر توقّد من طوفانِ محتشدِ/
سيزيف ملّ وعود الوهم قاطبة
أهذه صخرةٌ أم فتنة الكمدِ
يا زيف هذا أوان الجدّ ، لا أملٌ
يجدي ، ولا كثرة الأموال والولدِ
ونجد التضاد في :-
“الصاغر : الصلد “/ ليلًا : نهار / ..
ونجد تكرار النفي في قوله :-
لا ماء يغرقهم ، لا نار تحرقهم
لا شيء يردعهم ، هم قبضةُ الوتَدِ

———–؛؛؛؛؛؛———-
** “من حيث التجربة الشعرية والمضمون “
يتحدث النص عن الواقع المأسوي الذي يعيشه العراق ، وتغير حال أهله ، وكيف أصبحوا غرباء في وطنهم ،يعانون العوز والحاجة ، فالنص تجربة واقعية يعكس البعد الاجتماعي السياسي ، ويرصد حالة وواقع ،فيقول الشاعر معبرًا عن قسوة الحياة ، ومرارة العيش ، وتحملهم ذلك في إباء وجلد
ونلحظ قوة التعبير ، وسلاسة اللفظ مع الصدق الشعوري والوجدان
ويستخدم التناص القرآني لفظًا ومعنى ليدلل على ذلك :-

فرّوا من الوجع الممتد في بلدي
جمرًا بدا في جفونِ الليلِ للأبد

على الرصيف بنوا جدران خيمتهم
وأشعلوا صبرهم عمرًا لشمس غدِ

لا ماء يغرقهم ، لا نار تحرقهم
لا شيء يردعهم ، هم قبضةُ الوتَدِ

قد فار ماء بذا التنور فورته
لا عاصم اليوم من حشدٍ بمتّقدِ

هم إخوة النخل من أقصى العذاب أتوا
وفي أيادٍ لهم ” فانوس” مفتَأَدِ
ثم يصور حبهم للعراق ويصور عمق هذا الحب وسموه بالنخل
الذي تمتد جذوره ، ويعلو سامقًا أبيًّا.
ليعلن الشاعر أنه فجر الحرية ، وأنه مل الأكاذيب والخداع والوهم ،ويستدعى أسطورة سيزيف فيقول :-

حبُّ العراق عميقٌ في عروقهمُ
يأبى الخنوع كنخلّ طال للأمدِ
أنا هنا الآن ، مبعوثٌ إليك معيْ
فجر توقّد من طوفانِ محتشدِ

سيزيف ملّ وعود الوهم قاطبة
أهذه صخرةٌ أم فتنة الكمدِ
ثم الوعيد لهذا المسيطر الذي ضرب وحدة الوطن ، وانتهك سيادته وعزته ، ويخاطب من باعوا الوطن من أجل شهوة
تذهب ولا تدوم فيقول :-

يا أيها الصاغر الموبوء في وطني
ارحلْ لموتك قبل الثائر الصَّلِدِ

باءتْ حياتك ليلا لا نهار لهُ
طوتْ كطيّ سجلٍّ صفحة القِرَدِ

يا زيف هذا أوان الجدّ ، لا أملٌ
يجدي ، ولا كثرة الأموال والولدِ

غدا تراقصكم أحبالُ مشنقةٍ
جرذٌ تجندلَ في حبلٍ من المسدِ
———–؛؛؛؛؛؛؛؛؛————
** ” اللغة والأساليب والصور” فنيات الإبداع “
استخدم الشاعر اللغة السلسة التي تحمل القوة والجزالة التي تفيض بالإيحاء والدلالة والرمزية مثل : الليل ، الرصيف الطوفان ، التنور ، النخل ، سيزيف ” فجاءت الألفاظ قوية
في معانيها ودلالتها فخرج النص من المباشرة إلى الإيحاء والتلميح ، وجعلت النص حركيًا متناغمًا ، يتماس مع الآخر ويؤثر فيه ، وقد بدأ النص برصد حالة وانتهى باستنفار ورؤية ..
وقد نوع الشاعر في الأساليب ،فقد استخدام الأسلوب الخبري؛ للتقرير والتأكيد مثل :-

فرّوا من الوجع الممتد في بلدي/
قد فار ماء بذا التنور فورته /على الرصيف بنوا جدران خيمتهم /هم إخوة النخل من أقصى العذاب أتوا /
باءتْ حياتك ليلا لا نهار لهُ/
ونجد الأسلوب الإنشائي حيث الأستفهام في :-
أهذه صخرةٌ أم فتنة الكمدِ ؟ الذي يوحي بالحيرة والأسى والتعجب
وكذلك النداء في يا أيها الصاغر الموبوء في وطني للتنبيه والتحقير ، وفي يا زيف هذا أوان الجدّ ، لا أملٌ/

ولكن تبقى الصورة وهي هم فنيات النص الشعري فهي التى تمنح الشعر الرونق والبهاء مهما كانت التجربة والغرض ..

وقد أجاد الشاعر في استخدام الصورالممزوجة بالطبيعة تارة
وتوظيف التناص والتراث ، والرمز والأسطورة تارة أخرى ..
ونجد من ذلك ” فرّوا من الوجع الممتد في بلدي /على الرصيف بنوا جدران خيمتهم
جمرًا بدا في جفونِ الليلِ للأبد/ وأشعلوا صبرهم عمرًا لشمس غدِ / هم إخوة النخل من أقصى العذاب/ سيزيف ملّ وعود الوهم قاطبة /غدا تراقصكم أحبالُ مشنقةٍ/جرذٌ تجندلَ في حبلٍ من المسدِ
نجد دقة التصوير الذي جعل النص يتصاعد من الواقعية إلى رحابة الخيال والإبداع ..فجاءت الصور مرئية ليتماس معها المتلقي وكان للرمز دوره في إبراز جمالها فنجد النخل ، سيزيف ..
والتناص وحسن استخدامه وخاصة في البيت الأخير
“غدا تراقصكم أحبالُ مشنقةٍ
جرذٌ تجندلَ في حبلٍ من المسدِ”
فالصورة بالرمز و التناص تحمل التهكم والسخرية والوعيد
وتوحى بسوء العاقبة ..
———-؛؛؛؛؛؛؛————
**نص يحمل الرقي الفكري والشعوري ، وصدق التجربة ووقعيتها ، والصدق العاطفي ، فيه إيجاز وتكثيف ،تلميح ليس تصريح ..صور جميلة ، وحركة وتناغم جعل النص حيًا تشع فيه الروح الوثابة المتطلعة للخلاص والتغيير .
تحياتي / أســامة نـور

التعليقات مغلقة.