موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

“فنيات الإبداع في رسالة المقاومة والصمود ” دراسة نقدية تحليلية لقصيدة “رسالة إلى رفيقة عيدي ” للشاعرة د.ريهان القمري نقد وتحليل /أسامة نور

301

“فنيات الإبداع في رسالة المقاومة والصمود “
دراسة نقدية تحليلية لقصيدة “رسالة إلى رفيقة عيدي “
للشاعرة د.ريهان القمري نقد وتحليل /أسامة نور


النص :- رسالة إلى رفيقة عيدي



رأيتكِ قُلتُ أهلا بالمزيدِ
هدايا الدهرِ مكرمةٌ بعيدِ
فلا تأتي المتاعبُ في تروٍّ
ولو لكِئتْ ستأتي كالأسودِ
فهيَّا أسرعي وانهي المآسي
تعبتُ وقد يئستُ من الوجودِ
جميلٌ قبحُكِ المكشوفُ هذا
لأنه لا يُبدِّلُ في الجلودِ
جميلٌ صدقُكِ المألوفُ هذا
فجودي منه و اختبري صمودي
لينهشَ نابُك المسمومُ عظمي
ويرشفَ ما تبقى من وريدي
ولكنْ بالصراحةِ جئت ِ دوما
بوجهٍ واحدٍ بين الحشودِ
عدو صادقٌ خيرٌ وأبقى
منَ الرفقاءِ بالقلبِ الحقودِ
فغيركِ كم تلاعبَ بالمعاني
وباعَ الصدقَ بالثمنِ الزهيدِ
لترجفَ رايتي البيضاء ليلا
وترضى بانسحابي منْ قيودِي
وتكتبَ بالدموعِ وفاةَ خلِّ
وتبكي الصدقَ في زمنِ الجحودِ
بنو الإنسانِ ماتَ الحبُّ فيهم
ويحيا بينهم قلبُ الجليدِ
وعيدي بالكرونا صار أحلى
عرفتُ رفيقَ دربي من حسودي
وكم من عسرةٍ صارت يسارا
وشكري في الركوعِ مع السجودِ
فقلبي يشكرُ الأحزانَ ليلاً
و في الاشراقِ يسعدني بعيدِ


النقد والتحليل :-


مقدمة :-
من سمات الإبداع التجديد على مستوى البنيةوالمضمون واختلاف زاوية التناول ،ومكاشفة الوجدان بطرح جديد
وآلية تعبيرية غير نمطية ،مشتقة من رؤية تتوازى مع المشاعر الوجدانية ؛تبعث الخلق الإبداعي ،الحركة والتناغم والتنغيم داخل النص ،وتحقق الدهشة والإمتاع ..بحيث يتماس معها المتلقي ،وتشكل اللاوعي الجمعي .
فيكون بمثابة زاوية إنعكاس لبقعة ضوء صوتية تتمادى في الأفق الذهني ،والوجداني له..
والشعر هو فن التعبير الذاتي ،وكلما أتقن الشاعر التعبيرعن ذاته ،تأثر الآخر به وتماس معه ،فتتسع الحالة الذاتية لتصبح توجهًا تعبيريًا عامًا.
فالشعر خاص لكنه يعبر عن التشكيل الوجداني العام . عن ديناميكية الذات وتمردها والرغبة و المكاشفة والتحرر .
من رحم الألم يولد الإبداع ؛ فيكون الإبداع آلية دفاع
يواجه به المبدع ما يعتريه من ألم أو مرض ، فهو وسيلة للمقاومة ،ولاستجماع النفس للمواجهة والتحدي والصمود .
ونذكر هنا قول الأديب الكبير ” توفيق الحكيم “( لا بد أن تحافظ على قوتك الخاصة مستقلة حرة ؛ لتواجه بها قوىً أخرى تحاول أن تبتلعك ،وبذلك تقاوم وتتحرك وتحيا “
——؛؛؛؛؛؛——-
**ماهية العنوان “البعد اللدلالي والإسقاط “
للعنوان أثر كبير في جذب المتلقي لقراءة النص ، وله دور كبير في فهم النص ومحاولة تأويلة ،وفك شفراته ، واستكناه مضمونه .
لهذا أفرد النقاد للعنوان مباحث عدة ، وجعلوه مدخلًا رئيسًا للنص ، بل اعتبروه نصًّا مصغرًا يعبر عن النص الأصلي
ويعد الناقد الفرنسي “جيرار جينت ” في مقدمة النقاد الذين اهتموا بعتبات النص ومنها العنوان ” وجاء ذلك في كتابه
“عتبات النص “
وأصبح العنوان جزءًا من النص ، معبرًا عن كليته ، وأصبح
الكتَّاب المعاصرون يعطون للعنوان أهمية ، وعناية في الاختيار .
العنوان هنا ” رسالة إلى رفيقة عيدي” عنوان يبدو للوهلة الأولي عاديًا ..رسالة للرفيقة ..رسالة هنا نكرة للتعظيم، خبر مرفوع لمبتدأ محذوف ؛ وحُذف المبتدأ للاهتمام بالخبر ،
اختصت الشاعرة رسالتها لرفيقة عيدها ..والرفيقة هنا هي المصاحبة لها في طريقها ، أو في وقت معين وزمن محدد..
وقد تطول هذه الرفقة ،أو تقصر .
السؤال هنا :- من هذه الرفيقة التي ترسل لها الشاعرة رسالتها ؟!..وما فائدة الرسالة طالما أنها مازالت ترافقها .؟!.
هل لهذه الرفقة وجود مادي ،أم حدث له تأثير على الشاعرة
كمرض أو ألم وبهذا تكون الرسالة للتحدي والصمود والمقاومة ، وتلخيص تجربتها مع هذه الحالة ،والفلسفة التي
نتجت عنها …
ومن هنا اتخذ العنوان أبعادًا أخرى ،وتجاوز معناه القريب إلى معانٍ عميقة .تحفز المتلقي لقراءة النص لاستكشافه
ومعرفة هذا الدرب ،وهذه الرفيقة التي توجه لها الشاعرة رسالتها ..ونوع هذه الرسالة وفحواها ..
وهكذا نشعر من العنوان بالعمق النفسي الوجداني ، والتجربة الشعرية الصادقة، وحالة نتج عنها رؤية شاملة للأحداث ..
مما جعل العنوان جاذبًا المتلقى مؤثرًا فيه .
——-؛؛؛؛؛؛؛——-

**”من حيث الشكل والموسيقى الخارجية “
كتبت الشاعرة النص على الشكل العمودي ؛ فهي تلزم الوزن والقافية وحرف رويها الدال المكسورة..
وجاء الوزن على بحر الوافر التام ( مفاعلتن ..مفاعلتن …فعولن )
وبحر الوافر من البحور الصافية المطربة ، وموسيقاه عذبة رقراقة متناغمة ، تناسب مشاعر الحنين والشوق والدفقات الشعورية المتفاوتة بين السرعة والبطء. ..
كما أن حرف الروي ” الدال ” حرف صامت ، مرقق ، له صوتٌ انفجاري ،جهوري ، والكسر يوحي بالألم ،والحنين والشوق، وتدل على التحدي ،والصمود
لذلك كانت الموسيقى مناسبة للجو النفسي والشعوري الذي كتب فيه الشاعرة القصيدة ،ونلحظ التصريع في البيت الأول
ونجد ذلك في مطلع القصيدة :-
رأيتكِ قُلتُ أهلا بالمزيدِ
هدايا الدهرِ مكرمةٌ بعيدِ
فلا تأتي المتاعبُ في تروٍّ
ولو لكِئتْ ستأتي كالأسودِ
فنجد هنا موسيقى الوافر الرقراقة الصافية ،وتأثيرها النفسي
في شجن ، وكذلك القافية ورويها حرف الدال المكسور الحركة
ونجد الردف قبل الروي وهو واو ساكنة أو ياء ..قد استخدمت الشاعرةفي قصيدتها ردف الواو ،والياء .
“والردف ” هنا يوحي بالسكون والشجن النفسي وسيطرة الحزن والحنين والتأمل والشوق ،ثم يأتي روي الدال المكسورة ؛ ليوحي بالصمود ،والثبات ،والمقاومة .
——-؛؛؛؛؛؛——–
**من حيث “اللغة والمضمون والتجربة الشعرية “
استخدمت الشاعرة اللغة الحية المعبرة عن تجربتها الشعرية
في سلاسة ويسر ،فجاءت المفردات معبرة عن الحالة النفسية
تعكس التجربة الشعرية التي عاشتها الشاعرة ، وتظهر الصدق الفني ..في وحدة عضوية ؛ لتكشف الحالة والرؤية .
ونلحظ ذلك في مطلع القصيدة ،التي تلخص حكمة ،وفلسفة
تكونت لدى الشاعرة من تجربتها فتقول :-
رأيتكِ قُلتُ أهلا بالمزيدِ
هدايا الدهرِ مكرمةٌ بعيدِ
فلا تأتي المتاعبُ في تروٍّ
ولو لكِئتْ ستأتي كالأسودِ
فالشاعرة هنا ، استقبلت هذه الرفيقة في العيد ، وكأنها هدية العيد ..ولكن جاءت كلمة “المتاعب ” لتوضح أن الهدية ليست مفرحة ،وإنما هي متاعب ، ومحنة تتعرض لها الشاعرة ..
ولكن بنفس راضية صابرة ، فهذه المحنة هدية لاختبار صبرها وإيمانها..حيث يقول الله تعالى:-
” وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ}، [٥]
توجه الشاعرة رسالتها لهذه الرفيقة ( الكرونا” تقول :-
فهيَّا أسرعي وانهي المآسي
تعبتُ وقد يئستُ من الوجودِ
جميلٌ قبحُكِ المكشوفُ هذا
لأنه لا يُبدِّلُ في الجلودِ
جميلٌ صدقُكِ المألوفُ هذا
فجودي منه و اختبري صمودي
لينهشَ نابُك المسمومُ عظمي
ويرشفَ ما تبقى من وريدي
كلمات وتعبيرات مؤثرة ،تكشف الألم الجسدي والنفسي الذي مرت به الشاعرة ، صراع بين الياس والأمل ، الاستسلام ،والصمود ،الصدق والكذب .
ورغم ذلك ترى الشاعرة أن هذا المرض صادق ..وتصف قبح المرض بالجمال ، فهو جمال الصدق ، فليس فيه خداع وانما ينذر بالخطر منذ بدايته..
وتقول الشاعرة :-
ولكنْ بالصراحةِ جئت ِ دوما
بوجهٍ واحدٍ بين الحشودِ
عدو صادقٌ خيرٌ وأبقى
منَ الرفقاءِ بالقلبِ الحقودِ
فغيركِ كم تلاعبَ بالمعاني
وباعَ الصدقَ بالثمنِ الزهيدِ
لترجفَ رايتي البيضاء ليلا
وترضى بانسحابي منْ قيودِي
وتكتبَ بالدموعِ وفاةَ خلِّ
وتبكي الصدقَ في زمنِ الجحودِ
تمدح الشاعرة هذا المرض ، فهو صادق صريح غير منافق ،
فهو عدو صادق ، وهنا تظهر نفسية الشاعرة الكارهة للخداع
والكذب..المحبة الصدق والإخلاص.
تكمل الشاعرة فتقول :-
بنو الإنسانِ ماتَ الحبُّ فيهم
ويحيا بينهم قلبُ الجليدِ
وعيدي بالكرونا صار أحلى
عرفتُ رفيقَ دربي من حسودي
وكم من عسرةٍ صارت يسارا
وشكري في الركوعِ مع السجودِ
فقلبي يشكرُ الأحزانَ ليلاً
و في الاشراقِ يسعدني بعيدِ
تعيب الشاعرة جحود الإنسان ، وتغيره وتقلبه..ونفسه المخادعة ، وتقول أن عيدها أجمل بالكرونا ؛لأنها عرفت
طبائع الناس ،فالصديق يُعرف وقت الشدة “
ثم تنظر إلى الجانب الإيجابي في المحن فقد تجعل الإنسان أقوى ؛تكشف له الحقائق ؛ليعيد تنظيم فكره ،تقديره للأشياء..
وهنا تناص مع قوله سبحانه وتعالى ” “فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا”
وهذا يدل على عمق الإيمان والرضا بقضاء الله ، وتعاملها مع المحنة بنفس شاكرة راضية ،
——؛؛؛؛؛؛——-
من حيث “الأساليب والصور وفنيات الإبداع “
استخدمت الشاعرة الأسلوب الخبري للتقرير والتأكيد ونجد ذلك في رأيتكِ قُلتُ أهلا بالمزيدِ /
هدايا الدهرِ مكرمةٌ بعيدِ../فلا تأتي المتاعبُ في تروٍّ/
وفي نهاية القصيدة :-
وكم من عسرةٍ صارت يسارا/ كم هنا خبرية تفيد الكثرة والمبالغة /وشكري في الركوعِ مع السجودِ
فقلبي يشكرُ الأحزانَ ليلاً/و في الاشراقِ يسعدني بعيدِ.
ونجد الأسلوب الإنشائي الذي يثير الذهن ، ويجذب الانتباه
مثل ..فهيَّا أسرعي وانهي المآسي ، باستخدام اسم فعل الأمر هيا للسرعة ،وأسرعي ،وانهي للالتماس ..وقد يظن القارئ في هذا الطلب التشاؤم والإحباط..ولكنه طلب يدل على عدم الاكتراث بالمحنة ،وعلى التحدي والمواجهة،
وكذلك الأمر “جودي “،
—-؛؛؛؛—–
وقد زينت الشاعرة قصيدتها بالصور المعبرة الكاشفة الحالة
ولبعديها الفكري والوجداني فنجد استخدام الصور الطريفة
التي تلائم الحالة ورؤية الشاعرة وفلسفتها ..
فإن كل شاعر فيلسوف ،وليس كل فيلسوف شاعر
ونلحظ ذلك في قولها :-
رأيتكِ قُلتُ أهلا بالمزيدِ /هدايا الدهرِ مكرمةٌ بعيدِ
فلا تأتي المتاعبُ في تروٍّ/ولو لكِئتْ ستأتي كالأسودِ
فهي تعبر عن الحالة تشخيص ، وأنسنة للمرض ..
وتصوره بالهدية ، تستخدم الحكمة والفلسفة في تعاملها معه
وتقبلها له.
وكذلك جميلٌ قبحُكِ المكشوفُ هذا..تصوير قبح المرض بالجمال ، ولكي لا يتعجب المتلقي جاءت بالتعليل الذي يظهر السبب..هو قبح ظاهر غير خفي ..لا يستتر وراء المظاهر والخداع..وهذا يعكس طبيعة الشاعرة .. فتقول :-لأنه لا يُبدِّلُ في الجلودِ
وفي لينهشَ نابُك المسمومُ عظمي
ويرشفَ ما تبقى من وريدي
تصوير المرض بحيوان مفترس ..مما يوحي بقسوة المرض وشدته.
ويستمر التصوير الرائع حتى نهاية القصيدة . وختامها الرائع
فتقول :-
فقلبي يشكرُ الأحزانَ ليلاً /و في الاشراقِ يسعدني بعيدِ
واستخدمت الشاعرة المحسنات البديعية ..لتقوية المعني وتأكيده ..بالإضافة للأثر الموسيقي ..
فنجد التضاد في :-” جميل ،قبحك “”الصدقَ ،الجحودِ”
مات ،ويحيا /عسرة، يسارًا/ الاحزان ،يسعدني /
“رفيق ، حسودي ” ليلًا ،الإسراق.
وكذلك نجد الترادف في تروّْ، لكئت/ تعبت ،يئست/
وقد جاء هذا الامتزاج بين الصور ،والمحسنات في تناغم
وجمال دون تكلف ،بما يتسق مع الحالة والرؤية ،ويعبر عنهما ..ونلحظ الصدق الفني ،والوحدة العضوية ..
فقد حافظت الشاعرة على الشكل ولكنها جددت في المضمون
والصورة والفكرة..
——؛؛؛؛؛؛؛———
**…نص جميل يحوي الجمال والفنيات من حيث الشكل
والموسيقى العذبة المتناغمة ..والحركة والإيقاع الملائم للجو النفسي….وهو كذلك إبداع فريد من حيث المضمون ..فهو يتماس مع الآخر يعبر عن مشاعر كل مبدع حقيقي يرفع راية
الإبداع ويعتبره وسيلة للتحدي والصمود.
عبرت الشاعر عن حالتها ورؤيتها ، وأفكارها بإيجاز ..وتلميح ،واستخدام التناص …والصور الطريفة الرائعة ..
فنجد الحركة والحيوية والقوة ..والروح الحرة التي تسري في النص…لتعبر عن دور الإبداع في المحافظة على الذات
وبعث الامل ومواجهة المرض والواقع بآلامه، وتغيراته ….
قصيدة تحقق الإبداع والإمتاع ..
تحياتي أسامة نـور

التعليقات مغلقة.