في جهاد الصحابة.. بقلم/ مجدي سـالم
الحلقة الخامسة والتسعون.. عتبة بن غزوان.. “رأيتني سابع سبعة..”
أولا.. مقدمة.. فهو الصحابي الجليل عُتبة بن غَزوان.. واحد من السابقين الأوائل إلى الإسلام.. ونسبه.. عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب إلى الحارث بن عوف.. وكنى أبا عبد الله كما ورد في الطبقات الكبرى.. وهو ممن هاجروا الهجرتين إلى الحبشة والمدينة.. وشهد مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – جميع غزواته.
- كان عُتبة – رضي الله عنه – سابع سبعة سبقوا إلى الإسلام.. وأعطوا أيمانهم للرسول.. صلى الله عليه وسلم.. مبايعين ومتحدٍين قريش بكل ما معها من بأس وقدرة على الانتقام.. وفي الأيام الأولى للدعوة.. أيام العسرة والهول.. وصمد عتبة بن غزوان.. مع إخوانه..
- روى له مسلم.. وأصحاب السنن. وفي مسلم مِنْ حديثه: لقد رأيتني سابعَ سَبْعةٍ مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ما لنا طعامٌ إلا ورق الشجر..-
- هَاجَرَ عتبة إِلى أَرض الحبشة ــ وهو ابن أَربعين سنة ــ لما أمر رسول الله عليه الصلاة والسلام أصحابه بالهجرة إلى الحبشة.. وخرج عتبة مع المهاجرين.. لكنه لم يستقر هناك.. فسرعان ما طوى البرّ والبحر عائدًا إلى مكة.. حيث لبث فيها بجوار الرسول حتى جاء ميقات الهجرة إلى المدينة.. فهاجر إِلى المدينة مع المقداد بن الأسود.. وكانا من السابقين.. ذلك أنهما خرجا مع الكفار يتوصلان إِلى المدينة.. وكان الكفارُ سَرَيَّةً.. عليهم عكرمةُ بن أَبي جهل.. فلقيهم سَرِيَّةٌ للمسلمين عليهم عُبَيْدة بن الحارث.. فالتحق المِقدادُ وعتبة بالمسلمين..
ثانيا.. الجهاد أساسي في شخصية عتبة بن غزوان.. - كان من الرماة المذكورين من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم..
- وكان محبا للجهاد في سبيل الله ونشره للدعوة الإسلامية.. فقد أرسله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى الأبلّة ليفتحها.. وليطهر أرضها من الفرس الذين كانوا يتخذونها نقطة وثوب خطرة على قوات الإسلام الزاحفة عبر بلاد الإمبراطورية الفارسية.. وقال له عمر وهو يودّعه وجيشه: “انطلق أنت ومن معك.. حتى تأتوا أقصى بلاد العرب.. وأدنى بلاد العجم.. وسر على بركة الله ويمنه.. وادع إلى الله من أجابك.. ومن أبى فالجزية.. وإلا فالسيف في غير هوادة.. كابد العدو.. واتق الله ربك”.. فمضى عتبة بن غزوان على رأس جيش لم يكن كبيرًا.. يقال أن قوامه كان ستون مقاتلا.. حتى قدم الأبلّة. وكان الفرس يحشدون بها جيشًا من أقوى جيوشهم. ونظم عتبة قواته.. ووقف في مقدمتها.. حاملاً رمحه بيده التي لم يعرف الناس لها زلة منذ عرفت الرمي..!! وصاح في جنده: “الله أكبر.. صدق وعده”.. وأمر النسوة أن يكن في مؤخرة الجيش وأن يثيروا الغبار.. كأنه كان يقرأ غيبًا قريبًا.. فما هي إلا جولات ميمونة استسلمت بعدها الأبلّة وطهرت أرضها من جنود الفرس الذين هربوا إلى السفن.. وتحرر أهلها من طغيان طالما أصلاهم سعيرًا.. وصدق الله العظيم وعده..!!
- فتح عتبة دَسْتُ مِيْسَان.. وغَنِم ما فيها.. وسَبى الحَرِيمَ والأَبْناءَ.. وممن أَخذ منها: يَسَار أَبو الحسن البصري.. وأَرطبان جد عبد اللّه بن عون بن أَرطبان وغيرهم..
- كان عتبة بن غزوان أوّل من نزل البَصْرة من المسلمين.. وهو الذي اختطّها..
- وقال له عمربن الخطاب لما بعثه إِليها: ”يا عُتْبَة.. إني أُريد أَنْ أوجِّهك لتقاتلَ بلاد الحيرة.. لعلَّ الله سبحانه يفتحها عليَكم.. فسِرْ على بركة الله تعالى ويُمْنِه.. واتَّق الله ما استطعت. واعلم أنك ستأتي حَوْمة العدوّ.. وأرجو أن يعينَك الله عليهم.. ويكفيكهم.. وقد كتبْتُ إلى العلاء بن الحضرميّ أَنْ يمدّك بعرفجة بن هرثمة.. وهو ذو مجاهدة للعدو.. وذُو مكايدة شديدة.. فشاوِرْه.. وادْعُ إلى الله عزّ وجلّ؛ فمَنْ أجابك فاقْبَلْ منه.. ومَنْ أبى فالْجِزْية عن يَدٍ مذلةٍ وصغار.. وإلّا فالسَّيفُ في غير هَوَادة.. واستَنْفِرْ مَنْ مَرَرَت به من العرب.. وحُثَّهم على الجهاد.. وكابد العدوَّ.. واتّق الله ربّك”..
وفي رواية أخرى.. وهي مثل يحتذى به.. “يا عتبة: إني قد وجهتك إلى أرض الأبلة.. فأرجوا الله أن يعينك عليها.. فإذا نزلت بها فادع قومها إلى الله.. فمن أجابك فاقبل منه.. ومن أبى فخذ منه الجزية.. وإلا فضع في رقابهم السيف… واتق الله يا عتبة فيما وُليت عليه.. وإياك أن تنازعك نفسك في كبر يفسد عليك آخرتك واعلم أنك صحبت رسول الله فأعزك الله بعد الذلة.. وقواك بعد الضعف حتى صرت أميراً مطاعاً.. تقول فيسمع منك فيا لها من نعمة إذا هي لم تبطرك.. وتخدعك.. وتهو بك إلى جهنم.. أعاذك الله وأعاذني منها”.. - فافتتح عتبة بن غَزْوان الأبلّة.. ثم اختطَّ مسجد البصرة.. وأمر محجن بن الأدرع.. فاختط مسجد البصرة الأعظم.. وبناه بالقصب.. واشتهر بن غزوان بإخلاصه الشديد في طاعة الله ورسوله..
.. أراكم على خير إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.