فى جهاد الصحابة الحلقة 551 ..عمرو بن العاص السهمي القرشي “داهية العرب”28 … بقلم مجدى سالم
في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم
الحلقة\ 551.. عمرو بن العاص السهمي القرشي “.. ” داهية العرب ” –28
ثالث وثلاثون.. مصر الخير في عهد عمرو بن العاص:
كتبَ أميرُ المؤمنين.. عمر بن الخطاب.. إلى عمرو بن العاص (أمير مصر) يَقْدُمُ عليه هو وجماعة مِن أهل مصر.. فقدموا عليه.. فقال أمير المؤمنين عمر: يا عمرو؛ إن اللهَ قد فتحَ على المسلمينَ مصر.. وهي كثيرةُ الخير والطعام.. وقد أُلْقِيَ في نفسي ـ لما أحببت مِن الرفق بأهل الحرمين.. والتوسعة عليهم ـ أن أحفرَ خليجًا مِن نيلها حتى يسيل في البحر(وهو البحر الأحمر).. فهو أسهل لما نريد مِن حمل الطعام إلى المدينة ومكة؛ فإن حمله على الظهر يَبْعدُ ولا نبلغ معه ما نريد؛ فانْطَلِقْ أنتَ وأصحابك فتشاوروا في ذلك حتى يعتدل فيه رأيكم.. فقامَ عمرو بن العاص بحفر خليجٍ من النيل إلى البحر الأحمر؛فلم يأت عَامٌ حتى فَرَغَ المصريونَ مِن حَفْره.. وجرت فيه السفن.. فحملَ فيه عمرو بن العاص ما أراد مِن الطعام إلى المدينة ومكة.. فنفع اللهُ تعالى بذلك أهل الحرمين.. وسُمي خليج أمير المؤمنين.. ثم لم يَزَلْ يُحمل في هذا الخليج.. الطعام.. حتى حُملَ فيه بعد عمر بن عبد العزيز.. رضي الله عنه.. ثم ضَيَّعَهُ الولاةُ بعد ذلك.. فتُركَ وغَلَبَ عليه الرملُ.. فانقطع.. وصار منتهاه إلى بحيرة التمساح.. التي أصبحت الآن جزءاً مِن قناة السويس.. منقول من حسن المحاضرة للسيوطي..
رابع وثلاثون.. في وفاة عمرو بن العاص رضي الله عنه..
روي أنه دخل ابن عبّاس على عمرو بن العاص في مرضه فسلّم عليه.. وقال: كيف أصبحْتَ يا أبا عبد الله؟ قال: أصلحتُ من دنياي قليلًا.. وأفسدتُ من ديني كثيرًا.. فلو كان الّذي أصلحت هو الذي أفسدت.. والذي أفسدْتُ هو الذي أصلحت لفُزْتُ.. ولو كان ينفعني أن أطلب طلبت.. ولو كان ينجيني أن أهرب هربت؛ فصرْتُ كالمنجنيق بين السّماء والأرض.. لا أرقى بيدين.. ولا أهبط برجلين.. فعِظْني بعظةٍ أنتفع بها يابْنَ أخي.. فقال له ابن عبّاس: هيهات يا أبا عبد الله.! صار ابْنُ أخيك أخاك.. ولا تشاء أنْ أبكى إلّا بكيت.. كيف يؤمن برحيل مَنْ هو مقيم؟ فقال عمرو: على حينها من حين ابن بضع وثمانين سنة.. تقنطني من رحمة ربي.. اللّهم إن ابن عبّاس يقنطني من رحمتك.. فخُذْ مني حتى ترضى.. قال ابن عبّاس: هيهات يا أبا عبد الله! أخذت جديدًا.. وتُعطي خلَقًا..
فقال عمرو: ما لي ولك يا بْنَ عبّاس! ما أرْسِل كلمة إلا أرسلت نقيضها..
وكان عمرو بن العاص قد تعرض لمحاولة اغتيال.. قبل وفاته بـ3 أعوام.. عندما اجتمع 3 من الخوارج.. وأجمعوا أمرهم على قتل علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص جميعًا في يوم واحد هو 17 رمضان سنة 40 هـ.. وجرى اختيار عمرو بن بكر التميمي.. لقتل عمرو بن العاص.. فانتظر في تلك الليلة أن يخرج عمرو من داره ليقتله.. لكنه لم يخرج لمرض ألم به.. وندب خارجة بن حذافة أن يصلي بالناس.. وبينما خارجة في الصلاة فضربه الرجل بالسيف فقتله ظنًا منه أنّه عمرو بن العاص.. فلما علم أنّه ليس بعمرو قال: «أردت عمرًا وأراد الله خارجة».
روى أحمدٌ عَنْ أبي نَوْفَلِ بْنِ أَبِي عَقْرَبٍ قَالَ: جَزِعَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عِنْدَ الْمَوْتِ جَزَعًا شَدِيدًا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا هَذَا الْجَزَعُ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْنِيكَ وَيَسْتَعْمِلُكَ قَالَ أَيْ بُنَيَّ قَدْ كَانَ ذَلِكَ وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ ذَلِكَ إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَحُبًّا ذَلِكَ كَانَ أَمْ تَأَلُّفًا يَتَأَلَّفُنِي وَلَكِنِّي أَشْهَدُ عَلَى رَجُلَيْنِ أَنَّهُ قَدْ فَارَقَ الدُّنْيَا وَهُوَ يُحِبُّهُمَا ابْنُ سُمَيَّةَ(عمار بن ياسر) وَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ(عبد الله بن مسعود) فَلَمَّا حَدَّثَهُ وَضَعَ يَدَهُ مَوْضِعَ الْغِلَالِ مِنْ ذَقْنِهِ.. وَقَالَ: ( اللَّهُمَّ أَمَرْتَنَا فَتَرَكْنَا وَنَهَيْتَنَا فَرَكِبْنَا وَلَا يَسَعُنَا إِلَّا مَغْفِرَتُكَ) .. وَكَانَتْ تِلْكَ هِجِّيرَاهُ(أي هذا شأنه) حَتَّى مَاتَ..
وروى ابنُ عساكر عَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ.. قَالَ: كَانَ عَمْرٌو بنِ العاص عَلَى مِصْرَ.. فَثَقُلَ (اشتد مرضه).. فَقَالَ لِصَاحِبِ شُرْطَتِهِ: أَدْخِلْ وُجُوْهَ أَصْحَابِكَ.. فَلَمَّا دَخَلُوا.. نَظَرَ إِلَيْهِم.. وَقَالَ: هَا قَدْ بَلَغْتُ هَذِهِ الحَالَ.. رُدُّوْهَا عَنِّي. فَقَالُوا: مِثْلُكَ أَيُّهَا الأَمِيْرُ يَقُوْلُ هَذَا؟ هَذَا أَمْرُ اللهِ الَّذِي لاَ مَرَدَّ لَهُ. قَالَ: قَدْ عَرَفْتُ.. وَلَكِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ تَتَّعِظُوا.. لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ.. فَلَمْ يَزَلْ يَقُوْلُهَا حَتَّى مَاتَ. (تاريخ دمشق لابن عساكر) .. تُوُفِّيَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِي لَيْلَةِ عِيدِ الْفِطْرِ.. سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ من الهجرة.. وصَلَّى عَلَيْهِ ابنه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو يومَ العيد.. ولَمْ يَبْقَ أَحَدٌ شَهِدَ الْعِيدَ إِلا صَلَّى عَلَيْهِ.. ودُفِنَ بالمقَطَّمِ بمصر.. وكان لَعمرِو بنِ العَاص يَوْم مات تسعون سنة. (من الطبقات الكبرى لابن سعد ) ..
.. أراكم غدا إن شاء الله.. ..
الصورة.. مسجد عمرو بن العاص – دمشق – سوريا
التعليقات مغلقة.