فى ذكرى عيد الفلاح بقلم أحمد دبيان
فى ذكرى عيد الفلاح
أحمد دبيان
اصدر محمد على قانون الاحتكار ، وبموجبه وبمقتضاه امّم الاراضى الزراعية من الجميع مماليك وملاك وصغار ملاك وصار الصانع الأوحد والتاجر الأوحد والزارع الأوحد ، والكل يعمل لديه ،
جاء تاجر الدخان المفلس ، ابن الكناس كما ذكر الأمير رودلف من أسرة هابسبورج عنه :
( ابن الكناس الذى صار حاكماً عظيماً)
وأصبح مالكاً للمحروسة وما عليها ، بسقطة تاريخيه من نخبها واشرافها الذين ترددوا فى لحظة فارقة من تاريخها ان يكونوا هم حكامها ….
بدأ الوالى محمد على فى توزيع الاراضى على أصفيائه وخاصته ومحظياته ، ومنها محظية من ابخازيا حكايتها معروفة لمن يريد الاطلاع وتسمت بموطنها أشهر العائلات الإقطاعية ،
ونشأ الإقطاع والذى توسع ليشمل اخ الرضاعة اسماعيل المفتش ،للخديوي الذى افلس مصر والذى أرسل له خليل بك بعد ان فضحه المفتش لدى المراقب المالى الانجليزى والفرنسي ليسحق خصيتيه بطريقته المتفردة والشاذة فى الاغتيال ،
كان الفلاح يعمل اجيراً او بالسخرة وإذا كانت له حيازة ارض صغيره فهى مهددة بالضياع بالدائنين والرهوناتية ومنهم شذاذ أوروبا وافاقيهم والذين وجدوا فى اسماعيل والامتيازات الاجنبية العثمانية ملاذا للنهب ،
كان الفلاح يحيا خارج هامش الحياة واى محاولة للإصلاح كان يجابهها تعنت الإقطاع الذى كان يرى فى ملكية الفلاح للأرض او تعليمه ، تهديدا لسيادته وقالها احد الباشوات فى الأربعينيات فى البرلمان اذا علمنا الفلاح وملكناه الارض فمن سيخدمنا ،
كان للحراك الاجتماعى قبل ٢٣يوليو والذى شعرت بتهديدة الملكية المصرية الفضل فى اجبار فاروق على محاولة تمليك الفلاحين صغار ملكيات قبل يوليو ولكن اصطدم هذا بجشع الإقطاع وممثليه فى الأحزاب والبرلمان وربما كان لذلك صدى لديه شخصيا فلم يكتمل المشروع .
يذكر التاريخ ان اول ضربة فعلية للإقطاع جاءت مع الثورة العرابية واستعانة الخديوي الخائن بالإنجليز وانضمام كبار الاقطاعيين له وللإنجليز فاستولى الفلاحون والثوار على أراضى الخونة ،
ولكن سحق الثورة العرابية على غرار كومونة باريس وبنفس آليات السحق الطبقية والعسكرية أعاد منظومة القنانة مرة اخرى ،
حتى جاء يوم ذكرى ثورة عرابى ٩سبتمبر
وفى التاريخ ذاته عام ١٩٥٢ وبعد ثورة ٢٣ يوليو التى أعادت حقوق المصريين نال الفلاح صاحب الارض الحقيقى ارضه وصدر قانون الإصلاح الزراعي الاول .
كان التطبيق الأول لقانون الإصلاح الزراعى فى قرية بهوت ( بهود ) والتى شهدت ثورة الفلاحين عام ١٩٥١ حين قتل عبد المجيد البدراوى عاشور
وقتها احد الفلاحين الذين لم يوردوا القدر المطلوب من المحاصيل وفقأ عين آخر فى أحداث تجسد القنانة والعبودية والظلم الإجتماعى الفادح وجلد العشرات غيرهم فثار الفلاحون وكما أورد الكاتب الكبير الأستاذ عبد الله السناوى فى مقال سابق :
فى صيف (١٩٥١) جرت مواجهات وصدامات فى الريف المصرى مهدت لإطاحة النظام الملكى بكل مقوماته.
تحت وطأة ما حدث فى قريته من عصيان غاضب لفلاحين مضطهدين، أعقبه تنكيل مفرط من كبار ملاك الأراضى كتب «نجيب سرور» واحدة من أشهر قصائده: «فى البدء كان الجوع فى بهوت».
استبيحت بهوت على نحو غير متخيل، ففلاحوها لا يستحقون أن يوصفوا بالبشر، حسبما ورد فى مجلة «المصور» على لسان أحد كبار ملاك الأراضى.
وبقوة الغضب أحرق الفلاحون أحد قصور عائلة «البدراوى عاشور»، وانتقلت نذر النار ـ لأسباب مماثلة ـ إلى مناطق أخرى فى الريف المصرى.
فى صيف نفس العام جرت اعتقالات لفلاحين فى «كفور نجم» بمحافظة الشرقية امتنعوا عن سداد إيجار الأرض المملوكة للأمير «محمد على» ولى العهد وقتها قبل ميلاد نجل «فاروق» الأمير «أحمد فؤاد».
وضع فلاحون على خوازيق، واضطر آخرون ـ تحت قهر القوة ـ إلى ارتداء ملابس نساء.
لخصت رواية «الأرض» لـ«عبدالرحمن الشرقاوى»، التى صدرت عام (١٩٥٤)، الأوضاع التى كان عليها الفلاحون فى سنوات ما قبل الإصلاح الزراعى.
فما كان من محييى الدين البدراوى عاشور زوج ابنة نازلى فؤاد باشا سراج الدين وزير الداخلية الا ان استعان بحماه واجتاحت قوات الهجانة القرية كما جسدها المخرج يوسف شاهين فى فيلم الأرض عن رواية الشرقاوى الشهيرة.
التعليقات مغلقة.