فى صحبة حبات الكروم بقلم / صفوة مقلد

فى صحبة حبات الكروم بقلم / صفوة مقلد

تفاصيل يوم ليست بالعادة حدوثها. أتلقى مكالمة هاتفية، أفيق على أثرها من غفلتي. اليوم سيتم استضافتي عند أحد الأقارب فى مكان ليس بالقريب من المدينة.
مستعدة للخروج،أغلق باب المنزل. يالحماقتي. …
حقيبتي خالية من مفاتيح المنزل والسيارة معًا، مما سيجعلني مضطرة للجوء إلى وسائل المواصلات العامة.
منزعجة من ذهابي إلى موقف سيارات الأجرة بذلك الزي الذى لا يتناسب إطلاقًا مع المواصلات العامة، ورائحة العطر التى تفوح فتملأ الجو ،واختلطت برائحة تعب العائدين من عملهم بعد يوم عمل طويل شاق، وبريق الإكسسوارات الذي يصدر صوتًا رنانًا مع كل خطوة أخطوها.
منتظرة مجيء السيارة لتمتلئ بالركاب، وبعد عناء وجدت نفسي فى سيارة، وأنا لا أجيد حرفة انتقاء المقاعد فى سيارات الأجرة القديمة.
وبدأت الرحلة خط سيرها.
أتفاجأ بجلوسي على مقعد غير مريح، وبجانبي امرأة حاملة لأوانٍ وعلب كرتونية بها بقايا الكروم- إرجواني اللون -بعد أن تم بيع الكثير منه.وبين فترة وأخرى ألاحظ أن تلك المرأة تلملم جلبابها المتسخ وأشياءها بعيداً عني خوفاً من أن تلطخ ملابسي الغالية. وكم كان ذلك مستحيلًا رغمًا عن الجميع، فالسيارة التى نستقلها أشبه بعربة الملاهي. وبعد أن تكرر ذلك عدة مرات. …لم يكن أمام السيدة العجوز التى تشققت سمرتها كالأرض العطشى ، وبياض عينيها يغلب عليه حمرة تفوق حمرة حبات الكروم من أثر التعب، إلا أنها مدت يدها وأعطتني عنقودًا من الكروم اعتبرته هى مميزًا. مددت يدي دون تفكير وبدأت أتذوقه….ولولا أن صوت المحرك طغى على جميع الأصوات لظننت أنني أتذوق ثمرة من ثمار الجنة، وهذة السيدة من ملائكة الرحمن. ولأول مرة أرى تلك الابتسامة من وجه العجوز.
إلى أن وصلت إلى المكان المرغوب.
وبعد أن رحب بى أقاربي، بدت علي علامات التعب،وأحضروا لى إناءً مثلجًا مزينًا من الكروم الفاخر، وعندما بدأت أتناوله شعرت بأنه يفتقد طعم الحياة.
صفوة مقلد.