في المواقف المشحونة بالضغوطات والقلق.” كيف لا ننهار تحت التوتر ” رشيد الموذن -المغرب
تحياتي ومرحبا بالجميع..
على خلفية المعلومات المطمئنة حول فعالية اللقاحات ضد Covid-19 ، توشح نوفمبر 2020 كأفضل شهر في تاريخ المؤشر الذي تم إنشاؤه في هذا العام كمحاولة للتخفيف من حدة الوباء من مستواه منذ بدايته، وكأن هذا المؤشر أزعج الوباء ليخلف مولودة غير شرعية جديدة أشد تطورا بخصوص الإنتشار.. مما سبّب مشاعر الخوف والقلق من جديد لدى فئة عريضة من البشر في جميع أنحاء العالم، وبالرغم من أن الخوف والقلق لديهما نفس الاستجابات النفسية، غير أنهما يختلفان من نواحٍ عدة. فتعريف الخوف هو رد فعل اتجاه خطر محدد وشيك، أما القلق فهو رد فعل لخطر مستقبلي وغامض. فبالنسبة لمعظمنا لا يزال الخطر مجهولًا وغير مؤكد، ما يجعل الأسئلة والاحتمالات تدور في أذهاننا. فنحن لا ندري إذا كنا سنتعرض لعدوى الفيروس أم لا؟! وما إذا كنا سنعاني من أية أعراض؟! أو كيف سنتعافى من هذه الأعراض؟! هذا القلق يتغدى على المجهول، ويجسده في سيناريوهات مرعبة تضعنا في حالة توتر مستمر. فبالتالي، يمكننا أن نُعرف القلق على أنه استجابة نفسية تُضخم أمورًا احتمالية الوقوع بها ضئيلة، وتجعلها تبدو أمرًا واقعًا ولا يمكن التحكم به. مقارنة مع الخوف، الذي ينتابنا ثم سرعان ما ينجلي الامر وينكشف…
كما أن القلق المستمر يشعرنا بالعجز والإرهاق ويشل حركتنا، مما يزيد من شعور الضعف ويثبط قدرتنا ويحد منها. وهنا مربط اليأس، ومكمن سر الاضطراب النفسي. إذ يجب إعادة تنشيط المشاعر، والمفاهيم التي يكبحها شعورنا بالقلق، مثل الشعور بالتحكم، والتمكن، والتفكير بعقلانية، والأخذ بزمام الأمور، ومن هنا تنطلق حياتنا بتلك المشاعر، ونحارب الشعور بالحاجة للهرب أو الدفاع عن النفس، فنلاحظ الأمور على حقيقتها، ونوجه التفكير في حلول أكثر واقعية لما يواجهنا من مصاعب.
ومع ذلك، فالظروف التي نعيش فيها اليوم، غير مسبوقة وصعبة للغاية. ومن الطبيعي أن يمر كل فرد منا بلحظات من القلق،والغضب، والذعر، ولحظات من الضيق. ويمكن ان تستبد بنا هذه المشاعر، فلا نلوم أنفسنا تجاهها بتاتا ،بل نعتبرها ردود فعل طبيعية. لكن نحاول تبني استراتيجيات لدعم ذواتنا حيث نساعدها في تقليل حدة تلك المشاعر السلبية….
كلنا يعرف ما يجب عليه فعله للاهتمام بصحته البدنية، مثل النظافة المفرطة وزيادة تعقيم اليدين وغسلهما بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية، وهذا اصبح امرا مألوفا وعادة لدينا، لكن كل ما نحتاجه وغافلين عنه ايضا الإعتناء بصحتنا النفسبة، ومن أهم السبل لتحقيق ذلك التحكم بمشاعر القلق وتقليل التوتر حتما سيأخذنا التفكير باستمرار إلى سيناريوهات مرعبة ومخيفة كأنها تستقي إلهامها من أفلام الرعب. ومع ذالك لا نقع في فخها كذالك، ونركز على ما نعرفه. فمثلًا، إننا لا نعرف إذا كنا مصابين، او سنصاب بالفيروس أم لا؟! لكننا نعرف بشكل مؤكد أن غالبية من أصيبوا بـكوفيد-19 وعانوا أعراضًا طفيفة، تم التحكم بها…او كمثال آخر، أننا لا نعرف مدة انتهاء الوباء، لكننا نعرف جيدًا أن العالم شهد تعاونًا غير مسبوق بين العلماء في جميع ألأنحاء لإيجاد لقاحات وعلاجات للفيروس. لا يمكننا مثلًا أن نوقف الشعور بالضيق لأننا لا ندري متى سنستطيع رؤية عائلتنا وأصدقائنا الذين يعيشون في بلدان أخرى، لكن ندرك أن بإمكاننا إجراء اتصالات الفيديو والبقاء على تواصل مستمر معهم وكأنهم بيننا . المهم ما اردت قوله هو عندما ينتابنا الشعور بالإرهاق والقلق نتيجة الأزمة التي نعيشها، نتوقف للحظة ونحاول التركيز على الأمور التي تحت سيطرتنا ونتحكم بها. بمعنى نركز على ما بأيدينا لا ما نجهله..نركز على ما باستطاعتنا فعله
خلال الأوقات العصيبة، قد نشعر أننا عاجزين تماما أمام الواقع. وفي هذه الحالة، نحاول أن نركز على ما يمكننا فعله. على سبيل المثال بإمكاننا الاعتناء بحيواناتنا الأليفة، أو زراعة نباتات جديدة في البيت، فهذه كلها أمور تعزز النفس على الترابط والتواصل مع محيطنا. فمن أفضل الطرق التي تحررنا من قيود القلق هي مساعدة الآخرين، فاللطف والإيثار ومد يد العون يبث في النفوس مشاعر الرضى، التي بدورها تزيد شعورنا بالسعادة. فإذا تسللت مشاعر القلق إلى من حولنا ، نشاركهم ما تعلمنا من تحكم في مشاعر القلق. فالتعامل بلطف مع الآخرين ومساعدتهم على التكيف مع الحالة الراهنة، سيُشعرنا بالإنجاز والفاعلية، كما سيعطينا دفعة من الإيجابية، ستساعدنا على شق طريقنا خلال هذه الأوقات العصيبة .كلنا يعلم جيدًا أن الوضع غير مستقر ويتغير سريعًا، لذلك نحاول متابعة المستجدات عن طريق مشاهدة الأخبار أو متابعة منصات التواصل الاجتماعي. لكن عندما تكون هذه الأخبار مصدرًا للقلق والمشاعر السلبية، تصبح الحاجة مُلحة لخلق توازن بين البقاء على الآطلاع وبين صخب الأخبار والمشاعر السلبية التي تجلبها. وهذا قد يدفعنا لنحدد أوقاتًا معينة في اليوم لنتابع فيها مستجدات الأخبار ونعيش بقية يومنا بشكل طبيعي، خصوصًا إذا كان احد منا توجب عليه ان يقضي الحجر الصحي بمفرده . فلما لا يجعله مغنما ككل الفرص المتاحة لأخذ قسط من الراحة وتهدئة العقل، وجعل حاسة الشم تمتص المعنى، ويبتعد عن كل المصادر المثيرة للقلق كالإستهلاك المفرط للأخبار مثلا .واستبداله بما يفيد من دروس وعبر….
نحن الآن في مواجهة تحديات كبيرة، لكننا لن نيأس. انما نجعله دافعا للأخذ بزمام الأمور من جديد، واتباع الخطوات اللازمة للعناية بصحتنا النفسية كلما شعرنا بالقلق أو الضيق، والبقاء على تواصل مع أحبائنا وأقربائنا. وسنكتسب من الأزمة أمورًا لا تأتي إلا مع التحديات الكبيرة وهي القدرة على الصمود، والتعاطف، والتفاهم.
وكل عسر خلفه يسر مستتر،فمن يدري عله فيه خير، الكل يعلم في هذه المرحلة من الصعب علينا جميعًا، حتى الأخصائيين النفسيين، النظر بإيجابية إلى المستقبل ورؤية الضوء في آخر النفق المظلم، لكن هذه الأزمة ستنتهي لا محالة. لا ندري متى ستنتهي وكيف؟ ولا نعرف ما الذي سيحدث في غضون أسابيع أو شهور؟ لكن علينا أن نتذكر أن لدى البشر قدرة كبيرة على التأقلم. ستعود الأمور لتبدو عادية من جديد، لأننا سنعتاد الوضع مهما حاصرتنا الهموم . كل ما يمكننا فعله التعامل مع الأمور عن طريق إعادة توجيه انتباهنا إلى فعل أشياء أخرى كالصلاة وتلاوة القرآن ، عوض التركيز في الكف كله، نركز على أصبع السبابة وحده، أو يمكننا الانشغال بهوايات مُلهية أخرى تساعدنا في صرف أذهاننا عن التركيز على تفاصيل لا تفيدنا في شيئ .علاوة على ذلك، يمكننا اتخاذ بعض الخطوات للتخلص من الشكوك والأفكار السلبية التي تتسلل إلى أذهاننا في المواقف العصيبة، وربما تؤدي بنا إلى العجز نتيجة المبالغة احيانا في التحليل.
.هذا يعني يمكننا أن نهيئ ظروفًا تحاكي الظروف المجهدة التي سنجتازها مستقبلا. فاللاعب المتمرس في الميدان يركز على الهدف ولا يهمه وضع الكرة كيف أتت…
وفي الختام علينا في أوقات الخوف الحقيقي نثبت أركاننا بذكر الموت، ليس يأسا وإنما استصغارا للهول.. الموت يجعل الدنيا تبدو كلعبة، ” لهو ولعب”.. لكل شيء نهاية، فلماذا نرتعد؟.. لنلعبها بقوة إذن وفق قناعاتنا وببال مطمئن هاديء! عِندما يخافَ طِفلنا الدّاخليّ نشَبك أيَادينا اليُمنى بِاليُسري لإطمئِناننا ،
نضممها إلى جناحينا من الرهب، نضعها على قلوبنا ونذكر اسم الله عز وجل ، المحيط الحفيظ المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر. . ليؤمن روعتنا ويلطف بنبضاتنا المرتجفة.
القلق يستفحل في النفس ليصبح عادة، والعادة ممكن كسرها وتغييرها، يلزمها بعض الوقت والإصرار، والتركيز على فكرة جيدة، مع إضافة الثقة وحسن الظن بالله يمكن ان نقول عبادة ايضا ، لو داومنا على حسن الظن سيصبح عادة، كيف لا وهو يقول ” أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما يشاء”
ثم إذا ألحت علينا الفكرة ، وسيطرت على عقولنا.. نقولها، نتنفس الصعداء ونمضي قدما، وليكن حتى اخوف ما نخاف منه . او فليكن الأسوأ مما كنا نتوقع سنمضي وسيلطف الله بنا وسيجبرنا، وعجبا امرنا كله خير، إن أصابنا ضر نصبر، وإن أصابنا خير نشكر، والحمد لله عاى كل حال وفي جميع الأحوال. العقلاء يؤكدون أن كل نقمة ألمتنا ، هي نعمة نالتنا .. وكم نعمة ألمتنا. بها نقمة نالتنا..
وخير مثال في أحسن القصص.. مع يوسف عليه السلام الذي جعل الله من وراء كل مخاوفه عين الخير واللطف والفضل فاتضحت له الصورة من بعد، فلله الامر من قبل ومن بعد وفي النهاية بدى الخوف والقلق حماقة بالنسبة له.. القلق أحبائي محاولة عبثية لرؤية العالم من ثقب الإبرة.
فلنرى هذا العام المنصرم من منظور فائق الدقة وكأنه أظهر جميع عيوبنا وهذه بشرى لنا، فعندما يتم الجهر بكل العيوب من هنا يأتى التغيير والحل والتحول ولكن يجب الاعتراف بوجود ما اقترفته ايدي الناس، وأننا مصدر الشقاء الوحيد لأنفسنا.
نحن نحصد أفعالنا، وحماقات البشر، وسخافتهم من حولنا….
فلنسلم الأمر لمن أحاط بكل شيء علما ورحمة.
مع آكتفائي بهذا القدر كي لا أطيل عليكم ، وعلى امل اللقاء بكم في فرصة قادمة بحول الله ودمتم ترفولون في عافية وسعادة وهناء…
التعليقات مغلقة.