في جهاد الصحابة.الحلقة الثالثة والثمانون.. أبو ذر الغفاري.. جهره بإسلامه (1)
بقلم مجدي سالم
أولا.. مقدمة..
قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: “ما أقلت الغبراء.. ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق لهجة من أبي ذر” رواه ابن ماجه.. أي ما حملت الأرض ولا أظلت السماء أصدق من أبي ذر.. فكان رأسًا في الزُهد.. والصدق.. والعلم والعمل.. قوّالاً بالحق.. لا تأخذه في الله لومة لائم.. على حِدّةٍ فيه..
- هو أبو ذر الغفاري رضي الله عنه.. جندب بن جنادة.. وقيل جندب بن سكن.. وقيل بُرَيْر بن جنادة.. وقيل برير بن عبد الله على اختلاف في الروايات.. أما أمه فهي رملة بنت الوقيعة الغفارية.. وهو أخو عمرو بن عبس السُلمي لأمه.. وهو من قبيلة غفار الواقعة بين مكة والمدينة.. وهي أحد بطون بني بكر بن عبد مناة بن كنانة والتي كانت مضاربها على طريق القوافل بين اليمن والشام.. وقد اشتهرت هذه القبيلة بالسطو.. وقطع الطريق على المسافرين والتجار وأخذ أموالهم بالقوة..
- أسلم في مكة قبل الهجرة.. صحابي من السابقين إلى الإسلام.. قيل رابع أو خامس من دخل في الإسلام.. وأحد الذين جهروا بالإسلام في مكة قبل الهجرة النبوية.. ثم إنه رد إلى بلاد قومه غفار.. فأقام بها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك.. فلما أن هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة هاجر إليه..
- قدمت قبيلة غفار على رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلمون وهو في المدينة بعد أن ذهبت غزوة بدر.. وأحد.. وصادف قدومهم قدوم قبيلة أسلم.. فلما أعلنوا إسلامهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا.. وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ”..
ثانيا.. في سيرته في الجاهلية- .. كان أبو ذَرّ رضي الله عنه رجلاً يصيب الطريق.. وكان شجاعًا يقطع الطريق وحده.. ويُغير على الناس في عماية الصبح على ظهر فرسه أو على قدميه كأنه السبع.. فيطرق الحي ويأخذ ما يأخذ.. ومع هذا كان أبو ذَرّ ممن تألّه رضي الله عنه.. يروي أبو ذر.. “أخذ أبو بكر رضي الله عنه بيدي فقال:
” يا أبا ذر.. هل كنت تأله في جاهليتك؟ فقلت: نعم.. لقد رأيتني أقوم عند الشمس (أي عند شروقها).. فلا أزال مصليًا حتى يؤذيني حرّها.. فأخرّ كأني خفاء.. فقال لي: فأين كنت توجَّه؟ قلت: لا أدري إلا حيث وجهني الله.. حتى أدخل الله عليَّ الإسلام”.. ففي الجاهلية كان يقول: لا إله إلا الله.. ولا يعبد الأصنام..
ثالثا.. في إسلام أبي ذر - .. ويروي لنا البخاري.. أنه أخذ بيده علي بن أبي طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم.. فعن ابن عباس قال.. قال أبو ذر.. كنت رجلا من غفار.. فبلغنا أن رجلا قد خرج بمكة يزعم أنه نبي.. فقلت لأخي: “انطلق إلى هذا الرجل كلمه وأتني بخبره”.. فانطلق فلقيه ثم رجع.. فقلت: ما عندك ؟ فقال: “والله لقد رأيت رجلا يأمر بالخير وينهى عن الشر”.. فقلت له: لم تشفني من الخبر.. فأخذت جرابا وعصا.. ثم أقبلت إلى مكة.. فجعلت لا أعرفه.. وأكره أن أسأل عنه.. واشرب من ماء زمزم وأكون في المسجد.. قال: فمر بي عليّ ـ رضي الله عنه ـ فقال: كأن الرجل غريب ؟! قلت: نعم.. قال: فانطلق إلى المنزل.. قال: فانطلقت معه.. لا يسألني عن شيء ولا أخبره..
- فلما أصبحت غدوت إلى المسجد لأسأل عنه.. وليس أحد يخبرني عنه بشيء.. قال: فمر بي عليّ.. فقال: أما نال للرجل يعرف منزله بعد؟ قلت: لا.. قال: انطلق معي.. فقال: ما أمرك.. وما أقدمك هذه البلدة ؟
- قلت له: إن كتمت عليَّ أخبرتك.. فقال: فإني أفعل.. قلت له: بلغنا أنه قد خرج ها هنا رجل يزعم أنه نبي.. فأرسلت أخي ليكلمه.. فرجع ولم يشفني من الخبر.. فأردت أن ألقاه.. فقال لي: أما إنك قد رشدت.. هذا وجهي إليه فاتبعني.. ادخل حيث ادخل.. فإني إن رأيت أحدا أخافه عليك.. قمت إلى الحائط كأني أصلح نعلي وامض أنت.. فمضى ومضيت معه حتى دخل ودخلت معه على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ..
- فقلت له: اعرض علي الإسلام.. فعرضه فأسلمت مكاني.. فقال لي: يا أبا ذر.. اكتم هذا الأمر.. وارجع إلى بلدك.. فإذا بلغك ظهورنا فأقبل.. فقلت: والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم..
- فجاء إلى المسجد وقريش فيه.. فقال: يا معشر قريش.. إني أشهد ألا إله إلا الله.. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. فقالوا: قوموا إلى هذا الصابئ.. فقاموا فضربت لأموت.. فأدركني العباس فأكب عليَّ ثم أقبل عليهم.. فقال: ويلكم.. تقتلون رجلا من غفار.. ومتجركم وممركم على غفار.. فأقلعوا عني.. فلما أن أصبحت الغد رجعت.. فقلت مثل ما قلت بالأمس.. فقالوا: قوموا إلى هذا الصابئ.. فصنع بي مثل ما صنع بالأمس.. وأدركني العباس فأكب عليّ.. وقال مثل مقالته بالأمس”.. قال ابن عباس: فكان هذا أول إسلام أبي ذر..
.. ألقاكم غدا إن شاء الله….
التعليقات مغلقة.