في جهاد الصحابةالحلقة الخامسة والثمانون بعد المائة.. جابر بن عبد الله بن حرام السلمي.. راوي الحديث -2… مجدى سالم
في جهاد الصحابة.. بقلم/ مجدي سـالم
الحلقة الخامسة والثمانون بعد المائة.. جابر بن عبد الله بن حرام السلمي.. راوي الحديث -2
ثالثا.. بعض ما روى جابر من حديث.. نكمل..
- يروي جابر ما كان في بيعة العقبة الثانية.. التي كانت مفتاح الهجرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة.. واللبنة الأساسية في تأسيس صرح الدولة الإسلامية.. (مكث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمكة عشر سنين.. يتبع الناس في منازلهم بعكاظ ومجنة.. وفي المواسم بمنى.. يقول: من يؤويني.. من ينصرني.. حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة؟.. حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر فيأتيه قومه فيقولون: احذر غلام قريش.. لا يفتنك.. ويمشي بين رحالهم.. وهم يشيرون إليه بالأصابع.. حتى بعثنا الله إليه من يثرب.. فآويناه.. وصدقناه.. فيخرج الرجل منا.. فيؤمن به.. ويقرئه القرآن.. فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه.. حتى لم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإِسلام..
- ثم ائتمروا جميعاً.. فقلنا: حتى متى نترك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يُطرد في جبال مكة ويخاف؟.. فرحل إليه منا سبعون رجلاً.. حتى قدموا عليه في الموسم.. فواعدناه شعب العقبة.. فاجتمعنا عليه من رجل ورجلين حتى توافينا.. فقلنا: يا رسول الله! علام نبايعك؟.. قال: على السمع والطاعة في النشاط والكسل.. وعلى النفقة في العسر واليسر.. وعلى أن تقولوا في الله لا تأخذكم في الله لومة لائم.. وعلى أن تنصروني إذا قدمت إليكم.. وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم.. ولكم الجنة.. قال: فقمنا إليه.. فبايعناه.. وأخذ بيده ابن زرارة ـ وهو من أصغرهم ـ فقال: رويداً يا أهل يثرب! فإنا لم نضرب أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.. وأن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة.. وقتل خياركم.. وأن تعضكم السيوف.. فإما أنتم قوم تصبرون على ذلك وأجركم على الله.. وإما أنتم قوم تخافون من أنفسكم جُيَيْنة.. فبينوا ذلك.. فهو عذر لكم عند الله.. قالوا: أمط عنا يا سعد! فوالله لا ندع هذه البيعة أبداً.. ولا نسلبها أبداً.. قال: فقمنا إليه.. فبايعناه.. فأخذ علينا وشرط.. ويعطينا على ذلك الجنة ) رواه أحمد) ..
- ويحدثنا كذلك كعب بن مالك الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ الذي حضر هذه البيعة المباركة.. وهذا اللقاء التاريخي الذي حول مجرى الصراع بين الإسلام والكفر.. فيقول: خرجنا إلى الحج.. وواعدنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالعقبة من أوسط أيام التشريق.. فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا.. حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.. نتسلل تسلل القطا مستخفين.. حتى اجتمعنا في الشِعب عند العقبة.. ونحن ثلاثة وسبعون رجلا.. وامرأتان من نسائنا.. فاجتمعنا في الشعب ننتظر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى جاءنا.. ومعه عمه العباس بن عبد المطلب وهو يومئذ على دين قومه.. إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه ويتوثق له.. وكان العباس أول متكلم.. فقال: (يا معشر الخزرج إن محمدًا منا حيث قد علمتم.. وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه.. فهو في عِز من قومه ومنعة في بلده.. وإنه قد أبَى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم.. فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه.. ومانعوه ممن خالفه.. فأنتم وما تحملتم من ذلك.. وإن كنتم ترون أنكم مُسْلِمُوه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمِن الآن فدعوه.. فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده).. قلنا له : قد سمعنا ما قلت.. فتكلم يا رسول الله.. فخذ لنفسك ولربك ما أحببت..
- فتكلم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم.. فتلا القرآن.. ودعا إلى الله ورغب في الإسلام.. ثم قال:
” أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم”.. قال.. فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال: نعم.. والذي بعثك بالحق نبيا لنمنعك مما نمنع منه أزُرَنا (نساءنا وأهلنا) .. فبايعْنا يا رسول الله.. فنحن والله أبناء الحروب.. ورثناها كابراً عن كابر.. قال: فاعترض القول والبراء يكلم رسول الله أبو الهيثم بن التيهان.. فقال: (يا رسول الله.. إن بيننا وبين الرجال حبالا.. وإنا قاطعوها ـ يعني اليهود ـ.. فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك.. ثم أظهرك الله أن ترجع لقومك وتدعنا؟) .. قال: فتبسم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم قال:
” بل الدم الدم.. والهدم الهدم – (أي ذمتي ذمتكم وحرمتي حرمتكم) أنا منكم وأنتم منى.. أحارب من حاربتم.. وأسالم من سالمتم”.. ثم قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ “أخرجوا إليَّ منكم اثني عشر نقيبا.. ليكونوا على قومهم بما فيهم”..
فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبا.. تسعة من الخزرج.. وثلاثة من الأوس.. وقد طلب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ منهم الانصراف إلى رحالهم.. فقال رجلٌ منهم:
( والذي بَعَثَك بالحق لئن شئتَ لنميلن عن أهل منى غداً بأسيافنا؟) ..
فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “لم نؤمر بذلك.. ولكن ارجعوا إلى رحالكم”..
فرجعوا إلى رحالهم..( رواه أحمد) .. … أراكم غدا إن شاء الله…
التعليقات مغلقة.