في جهاد الصحابة.. الحلقة التاسعة بعد المائة.. أبو جندل بن سهيل..”كتيبة المستحيل”
في جهاد الصحابة..
الحلقة التاسعة بعد المائة.. أبو جندل بن سهيل..”كتيبة المستحيل”
بقلم مجدي سـالم
أولا.. مقدمة.. في نسبه..
- فهو أبو جندل بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك ابن حسل… وهو شقيق عَبْدُ اللّهِ بن سُهَيل بن عَمْرو العامري.. من بني عامر بن لُؤَيّ القرشي العامري.. والمشهور أن كل أبناء سهيل بن عمرو قد أسلموا قديما.. وأن سهيل بن عمرو قد أسلم بعد فتح مكة..
- أسلم قديمًا بمكة.. وكان من السابقين إلى الإسلام.. وممن عُذِّب بسبب إسلامه. ثبت ذكره في صحيح البُخَارِيِّ في قصة الحديبية فحبسه أبوه وأوثقه في الحديد.. ومنعه الهجرة.. عذّبه أبوه سهيل بن عمرو..
- ثم فرّ إلى طريق قوافل قريش إلى الشام وهدد عير قريش.. وكان جهاده ضد قريش مع أبي بصير..
- ثم لحق بفتوح الشام.. وتوفي في طاعون عاموس..
ثانيا.. في إسلامه.. أسلم قديمًا بمكة.. فحبسه أَبُوهُ سُهَيْل بن عَمْرو وَأَوْثَقَهُ في الحَدِيد ومنعهُ الهجرةَ.. حتى التقى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في الحُدَيبِية لكنه كان أول من طبقت عليه شروط الصلح.. كما سيأتي..
ثالثا.. أبو جندل في الحديبية.. في صلح الحديبية وبينما الصحيفة تكتب إذ طلع أبو جندل بن سهيل يرسف في الحديد وكان أبوه حبسه فأفلت.. فلما رآه أبوه سهيل بن عمرو قام إليه فضرب وجهه.. وأخذ بتلابيبه وقال:
يا محمد.. قد لجت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا..
- يقص صحيح البخاري في روايته.. أنه لما أتاه سُهَيْل بن عمرو فقاضاهُ على ما قاضاه عليه.. أقبل عليه أبو جَنْدَل بن سُهَيْل يَرسفُ في قيده إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.. فلما رآهُ أبوهُ قال: يا محمدٌ.. هذا أول ما أُقَاضيك عليه.. فَرَدَّهُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عَلَى أبيه.. لأن الصلح قد كان تم بينهم.. وكان فيه: أن من جاءَ المسلمين إلى المشركين لَمْ يَرُدّوه على المسلمين.. ومن جاء من المشركين إلى المسلمين ردُّوه عليهم. فقال أبو جَنْدَل: يا معشر المسلمين أُرَدُّ إِلَى المشركين لِيَفْتِنُوني عن ديني؟! فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم..: “يا أبا جَنْدل.. إنّا قد قاضيناهم على ما قاضيناهم عليه.. وَلاَ بُدَّ من الوفاء فاصبر.. فإن الله سيجعل لك فرجًا ومخرجًا”.. واقرأ ” وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ )”النحل:91)
- وتقول الرواية أنه حين جاء أبو جندل بن سهيل يرسف في قيوده.. فقال: يا معشر المسلمين.. أردُّ إلى المشركين وقد جئتُ مسلمًا! ألا ترون إلى ما لقيت.. وكان قد عذب عذابًا شديدًا.. وكان مجيئه قبل فراغ الكتاب.. فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم لسهيل بن عمرو.. “أجزه لِي”. فامتنع.. وقال: هذا ما أقاضيك عليه. فقال:”إنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ”. قال: فوالله لا أصالحك على شيء أبدًا. فأخذه سهيل بن عمر أبوه فرجع به..
رابعا.. أبو جندل وأبو بصير.. في كتيبة الفارين بدينهم.. فقد انفلت أبو جندل بن سهيل بعد أن ردَّه صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية.. وخرج من مكة في سبعين راكبًا أسلموا بعد توقيع صلح الحديبية.. فلحقوا بأبي بصير.. وكرهوا أن يقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مدة الهدنة خوفًا من أن يردهم إلى أهلهم.. وانضم إليهم ناس من غفار وأسلم وجهينة وطوائف من العرب ممن أسلم حتى بلغوا ثلاثمائة مقاتل.. - ومن ثم لم تمر أقل من سنة حتى أصبح أبو جندل وأبو بصير ـ رضي الله عنهما ـ مع إخوانهما من المسلمين المستضعفين قوة كبيرة.. وصار كفار مكة يخشونها.. بعد أن سيطروا على طرق قوافلهم القادمة من الشام فقطعوا مارة قريش لا يظفرون بأحد منهم إلا قتلوه.. ولا تمر بهم عير إلا أخذوها.. حتى كتبت قريش له صلى الله عليه وسلم تسأله بالأرحام إلا آواهم ولا حاجة لهم بهم..
- فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي جندل وأبي بصير أن يقدما عليه.. وأن من معهم من المسلمين يلحق ببلادهم وأهليهم ولا يتعرضوا لأحدٍ مر بهم من قريش ولا لعيرهم.. وحين أرسل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إليهم.. أنزل الله ـ عز وجل..” وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً “( سورة الفتح:24).. فوصل كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما وأبو بصير مشرف على الموت لمرضٍ حصل له.. فمات وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده يقرؤه.. فدفنه أبو جندل مكانه وجعل عند قبره مسجدًا.. وأنشد أبو جندل شعرا..
أَبْلِغْ قُرَيشًا مِنْ أَبِي جَنْدَلِ أَنِّي بِذي المَرْوَةِ بِالسَّاحِلِ..
فِي مَعْشَرٍ تَخْفِقُ أَيْمَـانُهُم بِالبِيْضِ فِيهَا وَالقَنَى الذَّابِلِ..
يَأْبَوْنَ أَنْ تَبْقَى لَهُمْ رُفْقَةٌ مِنْ بَعْدِ إِسْلَامِهِمِ الوَاصِلِ..
.. .. أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُمْ مخْرَجًا وَالحَقّ لا يُغْلَبُ بِالبَاطِلِ..
أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.