في جهاد الصحابة.. الحلقة التاسعة عشر بعد المائة.. قدامة بن مظعون..”.. للتأويل حدود”
في جهاد الصحابة..
الحلقة التاسعة عشر بعد المائة.. قدامة بن مظعون..”.. للتأويل حدود”
بقلم/ مجدي سـالم
أولا.. مقدمة.. في نسبه وهجرته.. كان (أبو عمرو) قدامة من السابقين الأولين للإسلام.. وهو شقيق الصحابيين عثمان وعبد الله ابني مظعون.. والصحابية زينب بنت مظعون زوجة عمر بن الخطاب وهو خال عبد الله بن عمر وحفصة بنت عمر..
- وأمه غزية بنت الحويرث بن العنبس بن وهبان بن وهب بن حذافة بن جمح.. فهو قُدامة بن مظعون بن حبيب بن وَهْب بن حُذافة بن جُمَح القرشي الجمحي.. حسب “الإصابة في تمييز الصحابة” ويكنَى أبا عمرو.. وقيل أبا عمر.. و(الأول أشهر وأكثر) حسب” الاستيعاب في معرفة الأصحاب”..وكانت تحته صفية بنت الخطاب أخت عمر بن الخطاب.. كما تقدم..
- وقال ابن سعد أنه كان له من الولد عمر وفاطمة وأمهما هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة.. وعائشة وأمها فاطمة بنت أبي سفيان بن الحارث الخزاعية.. وحفصة وأمها أم ولد..ورملة وأمها صفية بنت الخطاب بن نفيل العدوية..
- وقد هاجر قدامة إلى الحبشة مع أخويه عثمان وعبد اللّه ابني مظعون.. ثم إلى المدينة المنورة..
ثانيا.. في جهاده رضي الله عنه.. فقد شهد بدرا وأحد وباقي المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم.. وقد ولاه عمر بن الخطاب إمارة البحرين.. ثم عزله وولى عثمان بن أبي العاص.. كما سيأتي ذكره..
ثالثا.. دروس وعبر.. من الترجمة.. فلإن جاء صحابي بخبر.. فعلى ولي الأمر أن يستوثق.. وإن أخطأ صحابي فالحد على أمير المؤمنين واجب.. وإن تأول الصحابي لخطأه بفتوى لا تصح.. فالتصحيح والوعظ واجب.. فإن تاب وأصلح فقد أصلح أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.. اقرأ ما كان من الصحابة رضي الله عنهم:
فقدم الجارود سيد عبد القيس على عمر بن الخطاب من البحرين فقال: يا أمير المؤمنين.. إن قدامة شرب فسكر وإني رأيت حدًا من حدود الله حقًّا علي أن أرفعه إليك..
فقال عمر: من يشهد معك.؟ فقال أبو هريرة. فدعي أبو هريرة فقال: بم تشهد؟ فقال: لم أره يشرب.. ولكني رأيته سكران يقيء..
فقال عمر: لقد تنطعت في الشهادة.. ثم كتب إلى قدامة أن يقدم عليه من البحرين.. فقدم..
فقال الجارود لعمر: أقم على هذا كتاب الله. فقال عمر: أخصيم أنت أم شهيد؟ فقال: شهيد. فقال: قد أديت شهادتك. قال: فصمت الجارود.. ثم غدا على عمر فقال: أقم على هذا حد الله. فقال عمر: ما أراك إلا خصمًا.. وما شهد معك إلا رجل واحد..
فقال الجارود: إني أنشدك الله قال عمر: لتمسكن لسانك أو لأسوءنك..
فقال: يا عمر.. أما والله ما ذلك بالحق.. أن يشرب الخمر ابن عمك وتسوءني.
فقال أبو هريرة: إن كنت تشك في شهادتنا فأرسل إلى ابنة الوليد فسلها وهي امرأة قدامة..
فأرسل عمر إلى هند بنت الوليد ينشدها. فأقامت الشهادة على زوجها.. (أنظر إلى فعل الزوجة الصالحة)
فقال عمر لقدامة: إني حادك. فقال: لو شربت.. كما يقولون.. ما كان لكم أن تحدوني..
فقال عمر: لم؟ قال قدامة: قال الله عز وجل: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات..} [المائدة 96] الآية..
قال عمر: أخطأت التأويل.. إنك إذا اتقيت الله اجتنبت ما حرم عليك..
ثم أقبل عمر على الناس فقال: ماذا ترون في جلد قدامة؟ فقالوا: لا نرى أن تجلده ما كان مريضًا.. فسكت على ذلك أيامًا.. ثم أصبح يومًا وقد عزم على جلده.. فقال لأصحابه: ما ترون في جلد قدامة؟ فقال القوم: ما نرى أن تجلده ما كان وجعًا.. فقال عمر رضي الله عنه: لأن يلقى الله وهو تحت السياط أحب إلي من أن ألقاه وهو في عنقي. إيتوني بسوط تام.. فأمر عمر بقدامة فجلده.. فغاضب عمر قدامة.. وهجره..
ثم حج عمر رضي الله عنه وقدامة معه مغاضبًا له.. فلما قفلا من حجهما ونزل عمر بالسقيا نام.. فلما استيقظ من نومه قال: عجلوا علي بقدامة.. فوالله لقد أتاني آتٍ في منامي فقال: سالم قدامة.. فإنه أخوك.. فعجلوا علي به.. فلما أتوه أبي أن يأتي.. فأمر به عمر رضي الله عنه إن أبى أن يجروه.. فكلمه عمر واستغفر له فكان ذلك أول صلحهما.. وقد حدثنا خلف بن سعيد عن أيوب بن أبي تميمة قال: لم يحد في الخمر أحد من أهل بدر إلا قدامة بن مظعون.. وإن كان هناك من يقول أنه قد حدَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم نعيمان في الخمر- وهو بدري- فلا حُجَّة في قول أَيوب.. رابعا.. في وفاته.. توفي قدامة سنة 36هـ.. وهو ابن ثمان وستين سنة..
.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.