في جهاد الصحابة.. الحلقة التاسعة والستون.. عبد الله بن رواحة.. القائد الشاعر (1)..
في جهاد الصحابة..
الحلقة التاسعة والستون.. عبد الله بن رواحة.. القائد الشاعر (1)..
بقلم/ مجدي سالم
أولا.. مقدمة.. قال عمر بن الخطاب..” يا بن رواحة أفي حرم الله وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول هذا الشعر؟”.. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم..” خل عنه يا عمر.. فو الذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبل”.. فهو عبد الله بن رواحة بن امرئ القيس بن ثعلبة.. الخزرجي.. وأمه كبشة بنت واقد الخزرجية كذلك.. ويقال أبو رواحة.. ويقال أبو عمرو.. وهو أحد الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة الأولى.. تلك البيعة التي مهّدت للهجرة العظمى ولإقامة دولة الإسلام الأولى.. وقد جعله النبي صلى الله عليه وسلم أحد النقباء الاثني عشر الذين أمّرَهم على قومه.. فنِعْمَ المؤمِّر ونعم الأمير.
- قال الذهبي رحمه الله.. ” كان شاعر النبي صلى الله عليه وسلم.. وأخا أبي الدرداء لأمه”..
- وقضى عبد الله حياته بعدها عابداً مجاهداً.. صوّاماً قوّاماً حتى ختم الله له بالشهادة.. وما أعظمها خاتمة.. وكم كان خليقاً بهذه الخاتمة وقد شهد بدراً وأحداً والخندق والحديبية وخيبر.. وكان أحد قادة غزوة مؤتة حيث كتب الله له الشهادة هناك..
ثانيا.. في جهاده رضي الله عنه.. قالوا: “وكان عبد الله أول خارج إلى الغزو.. وآخر قافل”..
- قال بن سعد: “كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم.. وهو الذي جاء ببشارة غزوة بدر إلى المدينة..
- وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثين راكباً إلى أسير بن رفرام اليهودي بخيبر فقتله.. وكانت اليهود قد أمّرتْ عليها أُسَيراً هذا بعدما قُتل زعيمها أبو رافع سلّام بن أبي الحقيق.. وبعث بعد فتح خيبر فخرص عليهم”.
ثالثا.. في فضائله وزهده وورعه.. ما جاء في حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “نعم الرجل عبد الله بن رواحة”.. عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: “تزوج رجل امرأة عبد الله بن رواحة فسألها عن صنيعه فقالت: “كان إذا أراد أن يخرج من بيته صلى ركعتين.. وإذا دخل بيته صلى ركعتين لا يدع ذلك”..
- ويشهد النبي صلى الله عليه وسلم لابن رواحة فيقول: “يرحم الله ابن رواحة.. إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة”. رواه أحمد..
- وروى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.. قَالَ.. ” لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ.. حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ.. وَمَا مِنَّا أَحَدٌ صَائِمٌ.. إِلَّا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ”.. (منقول)
رابعا.. في عبد الله الشاعر.. وذكر ابن سعد بسنده عن هشام عن أبيه قال: ” لما نزلت {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء:224].. أخذ عبد الله بن رواحة في البكاء لأنه كان شاعرًا يقول الشعر.. ويدافع به عن الإسلام والمسلمين وقال: “قد علم الله أني منهم”.. فأنزل الله: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} [الشعراء:227].. - وعن مدرك بن عمارة قال: “قال عبد الله بن رواحة: “مررت في مسجد الرسول.. ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس.. وعنده أناس من الصحابة في ناحية منه فلما رأوني قالوا: “يا عبد الله بن رواحة”.. فجئت.. فقال: “اجلس هاهنا”.. فجلست بين يديه.. فقال: “كيف تقول الشعر؟”.. قلت: أنظر في ذلك ثم أقول.. قال: “فعليك بالمشركين”.. ولم أكن هيأت شيئاً.. فنظرت ثم أنشدته.. فذكر الأبيات فيها..
- ” فثبت الله ما آتاك من حسن تثبيت موسى.. ونصراَ كالذي نصروا”..
- قال: فأقبل بوجهه متبسماً.. وقال: “وإياك فثبتك الله”.. وأخرج أبو يعلى بسند حسن عن أنس قال: “دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة في عمرة القضاء.. وابن رواحة بين يديه.. وهو يقول: “خلوا بني الكفار عن سبيله.. اليوم نضربكم على تأويله ضرباً يزيل الهام عن مقيله.. ويذهل الخليل عـن خليله..
- فقال عمر: “يا بن رواحة أفي حرم الله وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول هذا الشعر؟”.. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خل عنه يا عمر.. فو الذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبل”..
فهو أحد شعراء رسول الله صلى الله عليه وسلم.. قال ابن سيرين كان شعراء رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة.. وحسان ابن ثابت.. وكعب بن مالك. وقال ابن سيرين: “كان حسان وكعب يعارضان المشركين بمثل قولهم بالوقائع والأيام والمآثر.. وكان ابن رواحة يعيرهم بالكفر وينسبهم إليه.. فلما أسلموا وفقهوا كان أشد عليهم”.. بل لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمثل بشعره.. فعن عائشة رضي الله عنها أنه كان يتمثل النبي صلى الله عليه وسلم بشعر بن رواحة.. وربما قال: ويأتيك بالأخبار من لم تزود.. .. أراكم إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.