في جهاد الصحابة.. الحلقة الثامنة والثلاثون.. حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء
في جهاد الصحابة.. الحلقة الثامنة والثلاثون.. حمزة بن عبد المطلب.. أسد الله.. سيد الشهداء
بقلم.. مجدي سالم
أولا.. في نسبه.. هو حمزة بن عبد المطلب وكنيته ( أبو عمارة ) وقيل ( أبا يعلي ).. وهو عم النبي -صلى الله عليه وسلم – وأخوه من الرضاعة فهما من جيل واحد نشأ معا.. وتآخيا معا.. وهو خير أعمامه لقوله صلى الله عليه وسلم: ” خَيْرُ إِخْوَتِي عَلِيٌّ.. وَخَيْرُ أَعْمَامِي حَمْزَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا”.. (منقول)
وهو أسنُّ من الرسولِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم بسنتين.. كما أنه قريبٌ له من جهة أمه.. فأمه هي هالة بنت وهيب بن عبد مناف وهي ابنة عم آمنة بنت وهب بن عبد مناف أمِّ الرسولِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم..
ثانيا.. في صفاته.. لُقِّب بسيد الشهداء.. وأسد الله وأسد رسوله.. كان حمزة في الجاهلية فتىً شجاعاً كريماً سمحاً وكان أشدَّ فتى في قريش وأعزَّهم شكيمة.. فقد شهد في الجاهلية حرب الفجار التي دارت بين قبيلتي كنانة وقيس عيلان.. وكانت حربُ الفجار أولَ تدريب عملي لحمزة بن عبد المطلب.. حيث مارس التدريب على استعمال السلاح.. وتحمل أعباء القتال ومشقات الحروب..
- كان يتمتع بقوة الجسم.. وبرجاحة العقل.. وقوة الارادة.. فأخذ يفسح لنفسه بين زعماء مكة وسادات قريش.. وعندما بدأت الدعوة لدين الله كان يبهره ثبات ابن أخيه.. وتفانيه في سبيل ايمانه ودعوته..
ثالثا.. في قصة اسلام حمزة بن عبد المطلب.. أنه مرّ أبو جهل مرّةً بالرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو واقف على الصفا يدعو الله عز وجل ويناجيه.. فما كان منه إلا أن ذهب إليه كعادته وأخذ بسبّه وشتمه بأسوء الشتائم وأقذعها.. إلا أنّ النبي – صلى الله عليه وسلم – ظلّ صامتاً ولم يُجبه.. فازداد أبو جهل اغتراراً بنفسه وأفعاله حتى حمل حجراً فقذف به رأس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فشجّه وأسال الدم منه.. ثمّ عاد أبو جهل إلى نادي قريش ضاحكاً مُتفاخِراً بما صنع برسول الله عليه السلام.. وقد رأت إحدى الإماء ما حصل بينهما ثمّ مضت.. كان حمزة – رضي الله عنه – عائدا من القنص متوشحا قوسه.. وكان صاحب قنص يرميه ويخرج اليه.. وكان اذا عاد لم يمر على ناد من قريش الا وقف وسلم وتحدث معه.. فلما مر بذات الأمة فقالت له: ” يا أبا عمارة .. لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم بن هشام.. وجده ههنا جالسا فآذاه وسبه.. وبلغ منه مايكره.. ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد”.. فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله به من كرامته.. فخرج يسعى ولم يقف على أحد.. معدا العدة لأبي جهل اذا لقيه أن يوقع به.. - فلما وصل الى الكعبة وجد أبا جهل جالسا بين القوم.. فأقبل نحوه وضربه بالقوس فشج رأسه ثم قال له :” أتسب محمدا وأنا على دينه أقول ما يقول ؟.. فرد ذلك علي ان استطعت”.. ولم يكن حمزة قد أسلم بعد..
- فثار رجالٌ من بني مخزومٍ – وهم حيِّ أبي جهلٍ- وثار بنو هاشمٍ – حيِّ حمزةَ – فقال أبو جهلٍ: “دَعوا أبا عِمارةَ.. فإنِّي سَبَبتُ ابنَ أخيه سبًّا قبيحًا”…
- وهكذا عاد إلى بيته وهو في صراع مع نفسه.. فهو لم يقتنع بالإسلام فعلاً بعد.. وفي الوقت نفسه فقد قال كلمته أمام الناس بأنه قد دخل في الإسلام.. ثمّ قرر بفطرته السليمة الالتجاء إلى الله تعالى.. ودعاه بأن يجعل له من أمره خيراً.. فدعا الله وقال: (اللهم ما صنعتُ؟ إن كان خيراً فاجعل تصديقه في قلبي.. وإلّا فاجعل لي ممّا وقعت فيه مخرجاً).. فألهمه الله -تعالى- أن يذهب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستشيره ويرى رأيه..
- ثم غدا حمزة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فقال: يا ابن أخي إني قد وقعت في أمر ولا أعرف المخرج منه.. وإقامة مثلي على ما لا أدرى ما هو أرشد أم هو غي شديد.. فحدثني حديثًا.. فقد اشتهيت يا ابن أخي أن تحدثني.. فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه فذكره ووعظه.. وخوفه وبشره.. فألقى الله تعالى في قلبه الإيمان بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فقال: “أشهد أنك الصادق شهادة الصدق.. فأظهر يا ابن أخي دينك.. فو الله ما أحب أن لي ما أظلته السماء وأني على ديني الأول”..
- أسلم حمزة في السنة الثانية من بعثة النبي محمد.. فلمَّا أسلم علمت قريش أن الرسولَ محمداً صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع وأن حمزة سيمنعه.. فكفّوا عن بعض ما كانوا ينالون منه.. وأعز الله الإسلام بحمزة الذي وقف شامخا قويا يذود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وعن المستضعفين من أصحابه.. وكان المسلمون قبل إسلامه وإسلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- لا يجرؤون على الظهور أمام المشركين وإعلان إسلامهم.. ولكنّهم بعد إسلامهما خرجوا في صفَّيْن.. صفّ يقوده عمر وصف يقوده حمزة..
.. ألقاكم على خير غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.