في جهاد الصحابة الحلقة الثامنة والستون”زيد بن حارثة “..حب النبي… مجدى سالم
في جهاد الصحابة.. الحلقة الثامنة والستون.. زيد بن حارثة.. حِبُ النبي …
بقلم مجدى سالم
خامسًا.. بقية.. تطليق السيدة زينب بنت جحش من زيد بن حارثة وزواجها من النبي– صلى الله عليه وسلم:
كان هذا هو حكم الله في الأنبياءِ قبل نبينا صلى الله عليه وسلم.. لم يكن عليهم من حرج حين يأْمرهم الله بشرعه أو بأي شيءٍ في النكاح أو في غيره.. وكان أَمر الله الذي يقدره كائنًا لا محالة.. وواقعًا لا معدل عنه.. وجاءت الآية الكريمة لترد على من توهم من المنافقين نقصًا في تزوجه امرأَة زيد مولاه ودعيِّهِ الذي كان قد تبناه.. ولتصبح تشريعا سرمديا للبشر من بعد..
سادسا.. وفي المؤاخاة..عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ زَيْدَا قَال..” يَا رَسُولَ اللهِ.. آخَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ حَمْزَة”.. ولما أذن الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة هاجر زيد إلى المدينة.. وآخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين أسيد بن حضير..
سابعا.. في إنفاق زيد.. مثال في مسارعة الصحابة في الإنفاق.. نقل أن زيد بن حارثة كانت له فرس تسمى (سبل) وكانت أثيرة عنده مقربة لديه.. فلما أنزل الله جل وعلا قوله.. ” لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ” ( سورة آل عمران) جاء زيد رضي الله عنه إلى نبينا صلى الله عليه وسلم وقال.. “يا نبي الله.. إن فرسي (سبل) هي أحب مالي إلي.. وقد أشهدتك أني جعلتها صدقة في سبيل الله”.. وأعطاها النبي عليه الصلاة والسلام ليتصدق بها.. فدعا النبي عليه الصلاة والسلام أسامة بن زيد وأعطاه الفرس.. فلما أعطاه الفرس قال.. ” اقبضه يا أسامة”.. فتغير وجه زيد لإنه ما كان يريد أن يأخذها ولده.. حتى يشعر أنه أنفق في جهة بعيدة.. فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم تغير وجه زيد قال..” يا زيد.. إن الله جل وعلا قد قبل صدقتك منك”.. فالمقصود هو إخراج حب المال من القلوب..
ثامنا.. في جهاد زيد بن حارثة.. كان صلى الله عليه وسلم يؤمر زيد بن حارثة.. فعن عائشة رضي الله عنها قالت” ما بعث رسول الله زيدا في جيش قط إلا أمره عليهم .. ولو بقي بعده استخلفه”..
- ومن ذلك أنه كانت أم قرفة قد جهزت أربعين راكبا من ولدها وولد ولدها إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ليقاتلوه.. فأرسل إليهم زيدا فقتلهم وقتلها.. وأرسل بدرعها إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – .. فنصبه بالمدينة بين رمحين..
- كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا لَمْ يَغْزُ أَعْطَى سِلَاحَهُ زَيْدًا.. فعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ.. عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.. “خَيْرُ أُمَرَاءِ السَّرَايَا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ أَقْسَمُهُمْ بِالسَّوِيَّةِ.. وَأَعْدَلُهُمْ فِي الرَّعِيَّةِ”..
- وعَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي قِصَّةِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ.. ” وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ”..
- وفي هدية النبي صلى الله عليه وسلم لزيد: عَنْ جَبَلَةَ بْنِ حَارِثَةَ أَخِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ.. قَالَ..” أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّتَانِ فَأَخَذَ إِحْدَاهُمَا.. وَأَعْطَى زَيْدًا الْأُخْرَى” (منقول)
تاسعا.. في استشهاد زيد بن حارثة: ففي السنة الثامنة للهجرة.. خرج زيد بن حارثة – رضي الله عنه – قائدًا للجيش الإسلامي إلى (مؤتة).. يقود جيشًا قوامه ثلاثة آلاف مقاتل.. ولادراك الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأهمية هذه الغزوة اختار لها ثلاثة من رهبان الليل وفرسان النهار .. فقال عندما ودع الجيش..” عليكم زيد بن حارثة .. فان أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب .. فان أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة “.. - وما إن وصل الجيش إلى معان (بالأردن أو بالشام الآن) حتى هب هرقل ملك الروم على رأس مائة ألف مقاتل وانضم إليه مائة ألف مقاتل من مشركي العرب.. فقُتل زيد – رضي الله عنه -.. فتولى قيادة الجيش بعده جعفر بن أبي طالب – رضي الله عنه – فقُتل.. فتولى قيادة الجيش عبد الله بن رواحة فقُتل.. فاختار المسلمون خالد بن الوليد الذي انحاز بالجيش وأنقذه من الفناء.. كما سيرد في سيرة خالد.. رضي الله عنهم أجمعين..
- ويقص الواقدي: عقد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لزيد على الناس في غزوة مؤتة .. وقدمه على الأمراء.. فلما التقى الجمعان كان الأمراء يقاتلون على أرجلهم.. فأخذ زيد اللواء فقاتل وقاتل معه الناس حتى قتل طعنا بالرماح رضي الله عنه.. فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له.. وقال:
- ” استغفروا لأخيكم .. قد دخل الجنة وهو يسعى “.. وعن أبي ميسرة قال : لما بلغ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قتل زيد.. وجعفر.. وابن رواحة.. قام – صلى الله عليه وسلم – فذكر شأنهم.. فبدأ بزيد فقال..
- ” اللهم اغفر لزيد .. اللهم اغفر لزيد .. ثلاثا .. اللهم اغفر لجعفر وعبد الله بن رواحة “..- حزن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لموت زيد ورفاقه حزنًا شديدًا.. وبكى لفقد حِبِّه زيد بكاءً شديدًا.. فقال له سعـد بن عبادة.. ما هذا يا رسـول الله ؟! قال.. “شوق الحبيب إلى حبيبه”..
عاشرا.. في روايته للحديث النبوي.. روى زيد بن حارثة بعض الأحاديث النبوية عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم مباشرة وعن أنس بن مالك ورواها عنه أنس بن مالك والبراء بن عازب وعبد الله بن عباس وابنه أسامة بن زيد وأخوه جبلة بن حارثة قد روى له النسائي حديثًا في سننه وروى محمد بن ماجة له حديثًا آخر.. ألقاكم غدا إن شاء الله.
التعليقات مغلقة.