في جهاد الصحابة.. بقلم/ مجدي سـالم
الحلقة الثانية بعد المائة.. فضل صلح الحديبية (3)
- أذكر بإنه صلى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأصحابه في عسفان صلاة الخوف..
ثامنا.. بقية.. في رسل قريش.. عروة بن مسعود الثقفي..
- وهنا مثل أعلى للحب وللإيمان.. فقد كان عروة يحاول أن يتناول لحية رسول الله وهو يكلمه.. والمغيرة بن شعبة واقف على رأس رسول الله وهو مدجّج في السلاح.. فجعل يقرع يد عروة بنعل سيفه ويقول له: اكفف يدك عن وجه رسول الله قبل ألاتصل إليك.. فاغتاظ عروة وقال: من هذا يا محمد (صلى الله عليه وسلم)!
- قال: “هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة” فقال: بسوء أدب.. أي غدر.. وهل غسلت سوأتك إلا بالأمس..؟
- لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فطن إلى محاولته استدراج المغيرة.. فكلمه صلى الله عليه وسلم الله بنحو ما كلم به من سبقه وأنه ما جاء يريد حربا.. وكان عروة يرمق أصحاب رسول الله ويتعرف أحوالهم.. فرأى أمرا عجيبا..
- رأى رسول الله لا يتنخّم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده!! وإذا أمرهم ابتدروا أمره: أيهم ينفذه أولا!! وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه!! وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده.. وما يحدّون النظر إليه تعظيما له.. فرجع عروة إلى قريش فقال: (يا معشر قريش.. إني قد جئت كسرى في ملكه.. وقيصر في ملكه.. والنجاشي في ملكه.. وإني والله ما رأيت ملكا في قومه قط مثل محمد في أصحابه.. لقد رأيت قوما لا يسلمونه لشيء أبدا.. وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها.. فإني لكم ناصح..
- فقالت قريش: لا تتكلم بهذا.. ولكن نرده عامنا هذا ويرجع من قابل.. (كانت النية قد استقرت لدى قريش)
تاسعا.. بشائر الصلح.. لم يكن بدّ لقريش وقد جرى ما جرى من أن تفكر في الصلح جديا.. وأن تنتهي هذه الحالة التي قد تدور بسببها الدائرة عليهم.. فأرفى سلوا سهيل بن عمرو إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا له: ائت محمدا وصالحه.. ولا يكن في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا.. فو الله لا تتحدث العرب أنه دخلها علينا عنوة أبدا.. فلما انتهى سهيل إلى رسول الله وراه تفاءل به وقال:
- ” لقد سهل لكم من أمركم.. أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل “.. وتكلم سهيل فأطال الكلام.. وتراجع هو والنبي صلى الله عليه وسلم حتى انتهيا إلى صيغة الصلح.. وتم الاتفاق ولم يبق إلا الكتاب..
تاسعا.. شروط صلح الحديبية.. حيث كانت شروط الصلح على ما يأتي:
- وضع الحرب بين المسلمين وقريش عشر سنين يأمن فيهن الناس ويكف بعضهم عن بعض.. وأن بينهم عيبة مكفوفة.. فلا إسلال- أي سرقة- ولا إغلال- أي خيانة..
- من أتى محمدا من قريش بغير إذن وليه ردّه عليهم.. ومن جاء قريشا ممن مع محمد لم يردوه عليه.
- من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه.. ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهداهم دخل. فدخلت خزاعة في عقد الرسول.. ودخلت بنو بكر في عقد قريش.. أي حالف كل قبيلة منهما جانبا..
- أن يرجع النبي وأصحابه من غير عمرة هذا العام.. فإذا كان العام القابل خرج عنها المشركون.. فيدخلها المسلمون ويقيمون بها ثلاثا ليس معهم من السلاح إلا السيوف في قربها- أغمادها-.
وقبل النبي صلى الله عليه وسلم هذه الشروط على ما في بعضها بادىء الرأي من إجحاف بالمسلمين؛ لأنه يصدع بأمر الله وإلهامه ولن يضيعه الله أبدا.. ولحرصه على أن يسود السلام ويحفظ للبيت حرمته.. وجرى أثناء الجلسة الحوار الآتي:
- قال سهيل بن عمرو.. هات اكتب بيننا وبينكم كتابًا.. فدعا النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب..
- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أكتب..”بسم الله الرحمن الرحيم”..
- قال سهيل: أما الرحمن.. فوالله ما أدري ما هو! ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب..
- فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم..
- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “اكتب باسمك اللهم”.. ثم قال: “هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله”..
- فقال سهيل والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت.. ولا قاتلناك.. ولكن اكتب محمد بن عبد الله..
- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” والله إني لرسول الله.. وإن كذبتموني.. اكتب محمد بن عبد الله”.. ( قال الزهري: وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: “لا يسألونني خطة يعظمون بها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها”)
- فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به”..
- فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أُخذنا ضغطة.. ولكن ذلك من العام المقبل.. فكتب علي ذلك..
- فقال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا..
- قال المسلمون: سبحان الله كيف يُرَدُ إلى المشركين وقد جاء مسلمًا؟! فأسلم أبو جندل بن سهيل بن عمرو وعذبته قريش.. فكان إسلام إبن سهيل بن عمرو ذاته أول حالة تطبق فيها شروط الصلح.. أراكم إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.