في جهاد الصحابة.. الحلقة الثانية والعشرون بعد المائة.. عياش بن أبي ربيعة المخزومي..” البار بقسم أمه ” -2
في جهاد الصحابة..
الحلقة الثانية والعشرون بعد المائة.. عياش بن أبي ربيعة المخزومي..” البار بقسم أمه ” -2
بقلم/ مجدي سـالم
ثالثا.. قرآن نزل في عياش رضي الله عنه..
- لم يزالا أبو جهل وأخوه بعياش حتى عصى نصيحة عمر رضي الله عنه.. وخرج معهما.. فلما أخرجوه من المدينة وانتهوا إلى البيداء أوثقوه بنِسْعٍ -وهو سَيْرٌ عريض- ثم جَلَدَهُ كلُّ واحد منهم مائةَ جلدةٍ.. ثم قدموا به على أمِّه فقالت: “والله لا أُحِلُّكَ من وثاقك حتى تكفر بالذي آمنت به”.. ثم تركوه موثقًا في الشمس..
- فأتاه الحارث بن يزيد ورضي الله عنه وهو من بني عامر وقال:
- “يا عياش.. والله لئن كان الذي كنت عليه هدى لقد تركت الهدى.. وإن كان ضلالة لقد كنت عليها”..
- فغضب عياش من مقاله وقال: “والله لا ألقاك خاليًا إلا قتلتُك”..
- ثم إن الحارث بن يزيد أسلم وهاجر بعد ذلك إلى رسول الله بالمدينة.. ولم يكن عياش يومئذ حاضرًا ولم يشعر بإسلامه.. فبينما كان يسير بظهر قباء إذ لقي الحارث بن يزيد.. فلما رآه حمل عليه عياش فقتله..
- فقال له الناس: “أيُّ شيءٍ صنعت؟ إنه قد أسلم”.. فرجع عياش إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: “يا رسول الله.. كان من أمري وأمر الحارث ما قد علمت.. وإني لم أشعر بإسلامه حين قتلته”.. فنزل قوله تعالى: ” وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ ( سورة النساء: 92)
- وهي الآية التي بيَّنَتْ أحكام القتل الخطأ.. ومقدار الدية.. والكفارة الواجبة في هذا الشأن..
- وما كادت تأتي بدر الكبرى حتى قتل أبو جهل وأمية بن خلف ومجموعة أخرى من صناديد الكفر.. الذين فعلوا بالمؤمنين ما فعلوا..
- ويروي ابن عياش كما جاء في القرطبي..” كنت أنا وأمي ممن عنى الله بهذه الآية وذلك أنه كان من الوالدان إذ ذاك وأمة هي أم الفضل بنت الحارث (واسمها لبابة) وهي أخت ميمونة وأختها الأخرى (لبابة الصغرى) وهن تسع أخوات قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهن:”الأخوات مؤمنات”..
وجاء في تفسير القرطبي – أيضًا- أن الآيات {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} [العنكبوت: 1.. 2].. أحسبوا {أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: 2].. قال ابن عباس وغيره:
” يُريد بالناس قومًا من المؤمنين كانوا بمكة.. وكان الكفار من قريش يؤذونهم ويعذبونهم على الإسلام.. كسلمة بن هشام.. وعياش بن أبي ربيعة.. والوليد بن الوليد.. وعمار بن ياسر.. وياسر أبوه.. وسمية أمه.. وعدة من بني مخزوم.. وغيرهم.. فكانت صدورهم تضيق لذلك وربَّما استنكر أن يُمكِّن الله الكفار من المؤمنين.. فنزلت هذه الآية مسلية معلمة.. أنَّ هذه هي سيرة الله في عباده اختبارًا للمؤمنين وفتنة.. - ونزلت: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [العنكبوت: 8]. وقال ابن عباس: نزلت في عياش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل لأمه وقد فعلت أمه مثل ذلك..
رابعا.. عياش يخرج في سرايا النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبائل كنانة:
أنه لما كان يومُ فتح مكة بعث رسول الله بالجيوش إلى قبائل بني كنانة حوله فبعث إلى بني ضمرة نميلة بن عبد الله الليثي وإلى بني الدئل عمرو ابن أمية الضمري وبعث إلى بني مدلج عياش بن أبي ربيعة المخزومي..
خامسا.. في روايته للحديث النبوي..
فعن الزهري قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحارث ومسروح ونعيم بن عبد كلال من “حمير”: “سلام.. أنتم ما آمنتم بالله ورسوله.. وأنَّ الله وحده لا شريك له.. بعث موسى بآياته وخلق عيسى بكلماته.. قالت اليهود عزير بن الله وقالت النصارى الله ثالث ثلاثة عيسى بن الله”.. - ثم بعث بالكتاب مع عياش بن أبي ربيعة المخزومي وقال..” إذا جئت أرضهم فلا تدخلنَّ ليلًا حتى تصبح.. ثم تطهر فأحسن طهورك.. وصل ركعتين وسل الله النجاح والقبول.. واستعذ بالله وخذ كتابي بيمينك وأدفعه بيمينك في أيمانهم فإنهم قابلون..
- واقرأ عليهم “لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين.. الآية” فإذا فرغت منها فقل:
آمن محمد وأنا أول المؤمنين.. فلن تأتيك حجَّة إلَّا دحضت.. ولا كتاب زخرف إلا ذهب نوره.. - وهم قارئون عليك فإذا رطنوا.. فقل: ترجموا.. وقل: “حسبي الله آمنت بما أنزل الله من كتاب.. وأمرت لأعدل بينكم.. الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم.. لا حجة بيننا وبينكم.. الله يجمع بيننا وإليه المصير”.. فإذا أسلموا فسلهم قضبهم الثلاثة التي إذا حضروا بها سجدوا وهي من الأثل قضيب”.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.