في جهاد الصحابة.. الحلقة الحادية عشر بعد المائة.. أبو بصير عتبة بن أسيد.. ” مسعر الحرب”
في جهاد الصحابة..
الحلقة الحادية عشر بعد المائة.. أبو بصير عتبة بن أسيد.. ” مسعر الحرب”
بقلم مجدي سـالم
أولا.. مقدمة..
- إستحق أبو بصير صفة “الفار بدينه”.. فقد بقي على إسلامه لم يرتد.. رغم هول ما لاقى من المشركين من عنت.. وترصد ومتابعة.. حتى أنهم حبسوه في مكة.. فهرب وخرج من بين ظهرانيهم إلى المدينة.. فلم يقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبقى في المدينة وفاء بشروط اتفاق صلح الحديبية.. فقتل سفير قريش الذي كان عائدا به إلى مكة.. ثم فر بدينه إلى (العيص) بالقرب من ساحل البحر الأحمر.. وطريق تجارة قريش.. فاجتمع إليه كل من فر بدينه من قريش..
- وﻗﺼﺘﻪ هي ﻣﻦ ﺃﺷﻬﺮ ﻗﺼﺺ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ.. فهو لم يرجع عن دينه رغم إرجاع الرسول له.. بل بقي متماسكا ولجأ للحيلة لكي لا يعطي الدنية في دينه..
- وارتبط إسمه وتراجم حياته بأبي جندل بن سهيل بن عمرو.. كما تقدم في تفصيل “فضل الحديبية”..
- في نسبه.. فهو عتبة بن أسيد بن جارية بن أسيد بن عبد الله بن سلمة بن عبد الله بن غيرة بن عوف بن ثقيف.. وقيل هو عبيد بن أسيد بن جارية.. وهو حليف بني زهر..
وقال الطبري: أُم أَبي بصير هي سالمة بنت عبد بن يزيد.. بينما ذكر أسد الغابة أن أمه هي سالمة بنت عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قُصيّ.. فهو قرشي النسب.. - وارتبط ذكر أبي بصير بأحداث صلح الحديبية مما وثق دقة موعد إسلامه.. وبعض تفاصيل حياته القصيرة رضي الله عنه..
ثانيا.. في إسلام أبي بصير.. كان ممّن أسلم قديما بمكة.. فهو من السابقين حسب رواية “الطبقات الكبير”.. وقد هاجر إلى المدينة المنورة كما تقدم بعد صلح الحديبية بعد أن فر من محبسه بمكة..
ثالثا.. في جهاده ما كان بعد الحديبية.. قصّةٌ ذكرها ابنُ إسحاق وغيره.. وقد رواها معمر عن ابن شهاب.. ذكر عبد الرّزاق عن معمر.. عن ابن شهاب في قصّة القضية عام الحديبية.. قال:
- حين رجع رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى المدينة بعد صلح الحديبية.. فجاءه أبو بصير ـــ وهو رجل من قريش ـــ وهو مسلم.. فأرسَلَت قريشٌ في طلبه رجلين.. فقالا لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: العهْد الذي جعلْتَ لنا أن تردَّ إلينا كلَّ منْ جاءك مُسْلمًا.. - فدفعه النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم إلى الرّجلين.. فخرجا حتى بلغَا به ذا الحُلَيْفَةَ.. فنزلوا يأكلون من تمْر لهم.. فقال أبو بَصِير لأحد الرّجلين: والله إني لأرى سفيك هذا جيِّدًا يا فلان؛ فاستلّه الآخر.. وقال: أجل والله.. إنه لجيد.. لقد جربت به ثم جربت.. فقال له أبو بَصِير: أرني أنظُرْ إليه.. فأمكنه منه.. فضربه به حتى برد..
- وفرَّ الرجل الآخر حتى أتى المدينة.. فدخل المسجد يعْدُو.. فقال له النْبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم حين رآه: ”لَقَدْ رَأَى هَذا ذُعْرًا” .. فلما انتهى إلى النّبي صَلَّى الله عليه وسلم قال: قُتل والله صاحبي.. وإني لمقتول..
- فجاء أبو بصير.. فقال: يا رسول الله.. قد والله وفْت ذمتك.. وقد رددتني إليهم.. فأنجاني الله منهم..
- فقال النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم: ”وَيَلُ أُمِّهِ مِسْعَرُ حَرْبٍ.. لَوْ كَانَ مَعَهُ أحَدٌ”..
- فلما سمع ذلك علم أنه سيردّه إليهم.. فخرج حتى أتى سيف البَحْر. قال: وانفلت منهم أبو جندل بن سهيل.. فلحق بأبي بصير.. وجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم.. إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابةٌ. قال: فوالله ما يسمعون بعيرٍ خرجت لقريش إلا اعترضوا لهم.. فقتلوهم.. وأخذوا أموالهم..
- فأرسلت قريش إلى النّبي صَلَّى الله عليه وسلم تناشدُه الله والرّحم إلّا أرسل إليهم.. فمن أتاك منهم فهو آمن..
- وذكر موسى بن عقبة هذا الخبر في أبي بصير بأتَمِّ أَلْفَاظ وَأكْمل سِيَاقِهِ.. قَالَ.. ( كَانَ أبو بصير يُصَلِّي لأصْحابِهِ.. وكان يُكثِر من قولِ الله العليِّ الأكبرِ.. “مَنْ يَنْصُرُ الله فَسَوْفَ يَنْصُرُهْ”.. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِمِ أبو جندلٍ كَانَ هُوَ يَؤمُّهم ) – ثم اجتمع إليه وإلى أبي جندل حين سمعوا بقدومه الوليد بن الوليد بن المغيرة وناسٌ من بني غفار وأسلم وجهينة وطوائف من العرب.. حتى بلغوا ثلاثمائة وهم مسلمون..
- فأقاموا مع أبي جندل وأبي بصير لا يمرُّ بهم عِيْرٌ لقريش إلّا أخذوها وقتلوا أصحابها.. وقد ذكر الراوي مرورَ أبي العاص بن الرّبيع بهم وقصَّتَه.. فقال: وكتب رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى أبي جندل وأبي بصير ليقدما عليه ومَنْ معهما من المسلمين أن يلحقوا ببلادهم وأهليهم..
رابعا.. في وفاته.. فقدم كتابُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على أبي جندل.. وأبو بصير يموت.. فمات وكتابُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بيده يقرأه.. فدفنه أبو جندل مكانه بعد أن صلَّى عليه.. وهناك خلاف على قصة بناء مسجد في هذا الموضع..
.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.