في جهاد الصحابة الحلقة الخامسة والثمانون” كن أبا ذر”3… مجدى سالم
في جهاد الصحابة.. الحلقة الخامسة والثمانون.. أبو ذر الغفاري.. “كن أبا ذر” (3) ثالثا.. بقية.. ما وصاه به النبي صلى الله عليه وسلم..
بقلم.. مجدى سالم
- قَالَ: “يَا أَبَا ذَرٍّ.. أَرَأَيْتَ إِنْ أَصَابَ النَّاسَ مَوْتٌ شَدِيدٌ يَكُونَ الْبَيْتُ فِيهِ بِالْعَبْدِ – يَعْنِي الْقَبرَ.. كَيْفَ تَصْنَعُ؟”
- قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.. قَالَ: “اصْبِرْ”
- قال: “يَا أَبَا ذَرٍّ أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.. يعني: حَتَّى تَغْرَقَ حِجَارَةُ الزَّيْتِ مِنَ الدِّمَاءِ.. كَيْفَ تَصْنَعُ؟” قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.. قَالَ: “اقْعُدْ فِي بَيْتِكَ.. وَأَغْلِقْ عَلَيْكَ بَابَكَ”.. قَالَ: فَإِنْ لَمْ أُتْرَكْ؟ قَالَ: “فَائْتِ مَنْ أَنْتَ مِنْهُم.. فَكُنْ فِيهِمْ”.. قَالَ: فَآخُذُ سِلاحِي؟ قَالَ: “إِذَنْ تُشَارِكُهُمْ فِيمَا هُمْ فِيه.. وَلَكِنْ إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَرُوعَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ.. فَأَلْقِ طَرَفَ رِدَائِكَ عَلَى وَجْهِكَ حَتَّى يَبُوءَ بإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ”
- وقد اعتزل رضي الله عنه في آخر حياته بالربذة بالقرب من المدينة.. واعتزل الفتنة.. كما وصاه حبيبه صلى الله عليه وسلم..
خامسا.. في فضل ومنزلة أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ.. الذي قال عنه النبي ـ صلى الله عليه وسلم.. ” ما تُقِلُّ الغَبراءُ ولا تُظِلُّ الخضراءُ على ذي لهجةٍ أصدقَ وأوفَى من أبي ذرٍّ ـ شبيهِ عيسى بن مريم ـ فاعرِفوا له ” رواه ابن حبان.. ورغم التأثير الدعوي الكبير له.. وأنه قد أسلم قومه جميعا على يديه.. فإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأى أنه لا يصلح للإمارة.. فلكل شخص مجاله الذي يصلح له.. وميدانه الذي يقوم بواجبه فيه.. - وهنا درس نبوي يبين حكمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في تعامله وتربيته لأصحابه.. فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال: ( قلت: يا رسول الله ألا تستعملني؟.. قال: فضرب بيده على منكبي ثم قال: يا أبا ذر إنك ضعيف.. وإنها أمانة.. وإنها يوم القيامة خزي وندامة.. إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها ) رواه مسلم..
- قال النووي: ” قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ” يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة.. وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها”.. وفي الرواية الأخرى: ” يا أبا ذر إني أراك ضعيفا وإني أحب لك ما أحب لنفسي.. لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم “.. هذا الحديث أصل عظيم في اجتناب الولايات لا سيما لمن كان فيه ضعف عن القيام بوظائف تلك الولاية.. وأما الخزي والندامة فهو في حق من لم يكن أهلا لها.. أو كان أهلا ولم يعدل فيها.. فيخزيه الله تعالى يوم القيامة ويفضحه.. ويندم على ما فرط”..
سادسا.. أثر الرسول في تربية أبي ذر الغفاري:
كان للنبي صلى الله عليه وسلم أثرٌ كبير وواضحٌ في حياة أبي ذر رضي الله عنه.. وذلك لقدم إسلامه.. وطول المدة التي قضاها مع النبي صلى الله عليه وسلم.. فعن حاطب قال: قال أبو ذر: “ما ترك رسول الله شيئًا مما صبّه جبريل وميكائيل -عليهما السلام- في صدره إلا قد صبه في صدري”.. - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو ذَرّ رضي الله عنه: “يا رسول الله.. ذهب أصحاب الدثور بالأجور.. يصلون كما نصلي.. ويصومون كما نصوم.. ولهم فضول أموال يتصدقون بها”.. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. “يا أبا ذَرّ.. ألا أعلمك كلمات تدرك بهن من سبقك.. ولا يلحقك من خلفك إلا من أخذ بمثل عملك؟” قال: بلى يا رسول الله. قال: “تكبر الله دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين.. وتحمده ثلاثًا وثلاثين.. وتسبحه ثلاثًا وثلاثين.. وتختمها بلا إله إلا الله وحده لا شريك له.. له الملك وله الحمد.. وهو على كل شيء قدير”..
سابعا.. في جهاد أبي ذر الغفاري.. روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال.. لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك.. جعل لا يزال يتخلف الرجل فيقولون: يا رسول الله.. تخلف فلان. فيقول: “دعوه.. إن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم.. وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه”.. حتى قيل: يا رسول الله.. تخلف أبو ذر.. وأبطأ به بعيره.. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “دعوه.. إن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم.. وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه”. فتلوَّم أبو ذَرّ رضي الله عنه على بعيره فأبطأ عليه.. فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فجعله على ظهره فخرج يتبع رسول الله صل الله عليه وسلم ماشيًا.. ونزل رسول الله في بعض منازله ونظر ناظر من المسلمين فقال: يا رسول الله.. هذا رجل يمشي على الطريق.. فقال رسول الله: “كن أبا ذَرّ”. فلما تأمله القوم.. قالوا: يا رسول الله.. هو -والله- أبو ذَرّ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“رحم الله أبا ذَرّ.. يمشي وحده.. ويموت وحده.. ويبعث وحده”.. وهذا الحديث فيه قول.. نورده في حلقة قادمة.. بإذن الله.. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.