في جهاد الصحابة.. بقلم/ مجدي ســالم
الحلقة الرابعة والأربعون بعد المائة.. أبو هريرة.. ( أبو الرواة ) -9
ثاني عشر.. في أبي هريرة والأحاديث التي رواها كعب الأحبار..
- روى أبو هريرة عن كعب الأحبار بعض أخبار بني إسرائيل كما أذن النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين في ذلك بقوله: “حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج” رواه البخاري من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.. فروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه.. قال: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية.. ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام.. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم.. وقولوا: ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ سورة البقرة: 136
- وكعب الأحبار كما في ترجمته في سير أعلام النبلاء للذهبي هو” كعب بن ماتع الحميري.. اليماني.. العلامة.. الحبر.. الذي كان يهوديا فأسلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.. وقدم المدينة من اليمن في أيام عمر رضي الله عنه فجالس أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.. فكان يحدثهم عن الكتب الإسرائيلية.. ويحفظ عجائب.. ويأخذ السنن عن الصحابة.. وكان حسن الإسلام.. متين الديانة.. من نبلاء العلماء. سكن بالشام بأخرة.. وكان يغزو مع الصحابة. وتوفي كعب بحمص.. ذاهبا للغزو.. في أواخر خلافة عثمان رضي الله عنه”.
وقد كان كعب يحدث بما يعلمه من أخبار بني إسرائيل ولا حرج في ذلك.. ولم ينسب شيئا من ذلك إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.. وما كان يحكيه عن الكتب القديمة ليس بحجة عند أحد من المسلمين.. ولا حرج على من روى عنه شيئا مبينا أنها من رواية كعب عن بني إسرائيل.. وهو ما يعرف عند العلماء بالإسرائيليات.. فقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم في روايتها بشرط أن لا تُصدق ولا تُكذَّب.. إلا إذا كانت مخالفة لما عندنا من القرآن والسنة الصحيحة فإنها تُكذَّب.. ولا يشك حينئذ أنها مما غيِّر وحرِّف.. لكن ما لا يخالف القرآن والسنة منها فلا بأس بروايتها بشرط أن لا نصدقها ولا نكذبها.. ورواية الصحابة رضي الله عنهم عن كعب الأحبار قليلة جدا.. - روى أحمد بسند صحيح عن القاسم بن محمد قال: اجتمع أبو هريرة وكعب.. فجعل أبو هريرة.. يحدث كعبا عن النبي صلى الله عليه وسلم.. وكعب يحدث أبا هريرة عن الكتب.. وأخرج البيهقيّ في المدخل من طريق بكر بن عبد اللَّه بن أبي رافع عن أبي هريرة أنه لقي كعب الأحبار فجعل يحدثه ويسأله.. فقال كعب: ما رأيت رجلا لم يقرأ التوراة أعلم بما في التوراة من أبي هريرة..
- وعن بسر بن سعيد.. قال: اتقوا الله.. وتحفظوا من الحديث.. فو الله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة.. فيحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثنا عن كعب الأحبار.. ثم يقوم.. فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب.. ويجعل حديث كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم..
ثالث عشر.. في وفاة أبي هريرة.. (منقول).. تعددت الروايات في تاريخ وفاة أبي هريرة.. فقال هشام بن عروة أن أبا هريرة وعائشة توفيا سنة 57 هـ.. وأيّد هذا التاريخ علي بن المديني ويحيى بن بكير وخليفة بن خياط.. بينما قال الهيثم بن عدي بأنه توفي سنة 58 هـ.. فيما قال الواقدي وأبو عبيد وأبو عمر الضرير أنه مات سنة 59 هـ.. وزاد الواقدي أن عمره يومها كان 78 سنة.. وأن أبا هريرة هو من صلى على عائشة في رمضان سنة 58 هـ.. وعلى أم سلمة في شوال سنة 59 هـ.. ثم توفي بعد ذلك في نفس السنة.. - كانت وفاة أبي هريرة في وادي العقيق وحمل بعدها إلى المدينة.. حيث صلى عليه الوليد بن عتبة أمير المدينة المنورة وقتئذ بعد صلاة العصر.. وشيعه عبد الله بن عمر وأبو سعيد الخدري.. ودُفن بالبقيع..
- وقد أوصى أبو هريرة حين حضره الموت.. فقال.. إذا مت فلا تنوحوا عليّ.. لا تضربوا عليّ فسطاطا.. ولا تتبعوني بمجمرة..وأسرعوا بي.. كما تقدم..
- كانت له قبل وفاته دارًا في ذي الحليفة.. موضع الميقات.. وقد تصدق بها على مواليه.. وقد كتب الوليد بن عتبه إلى الخليفة معاوية بن أبي سفيان وقتها يُنبأه بموت أبي هريرة.. فكتب معاوية إليه يأمره بأن يحصي ورثة أبي هريرة.. وأن يمنحهم عشرة آلاف درهم.. وأن يُحسن جوارهم.. ولم يرد ذكر لأسرة أبي هريرة أكثر من أنه كانت له زوجة اسمها “بسرة بنت غزوان”.. وقد ورد في بعض المواضع أنها كانت سيدته قبل الإسلام.. ومن الولد ابنه المحرر.. وهو ممن رووا عنه الحديث النبوي.. وعبد الرحمن بن أبي هريرة.. وبلال بن أبي هريرة.. وابنة له كانت زوجة للتابعي سعيد بن المسيب.. رضي الله عنهم أجمعين..
.. ألقاكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.