في جهاد الصحابة.. بقلم/ مجدي سـالم
الحلقة الرابعة والتسعون.. المقداد بن الأسود.. “إنفروا خفافا وثقالا”(3)
- كان المقداد يحب أهل البيت.. فقد أوصى للحسن والحسين بستة وثلاثين ألفًا.. ولأمهات المؤمنين لكل واحدة سبعة آلاف درهم.. ويذكر أنه قد آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين جبار بن صخر.. وقيل بينه وبين عبد الله بن رواحة..
- وتوضيحا للموقف في حب المقداد رضي الله عنه للإسلام.. وما ملأ قلبه بمسئولياته عن حماية الإسلام.. ليس فقط من كيد أعدائه.. بل ومن خطأ أصدقائه.. فقد خرج يومًا في سريَّة تمكن العدو فيها من حصارهم.. فأصدر أمير السرية أمره بألا يرعى أحد دابته.. ولكن أحد الجنود لم يحِط بالأمر خُبْرا فخالفه.. فتلقى من الأمير عقوبة أكثر مما يستحق.. أو لا يستحقها على الإطلاق.. فمر المقداد بالرجل يبكي ويصيح فسأله فأنبأه ما حدث.. فأخذ المقداد بيمينه ومضيا صوب الأمير.. وراح المقداد يناقش الأمير حتى كشف له خطأه.. كما تقدم..
ثالثا.. في جهاده.. - فقد شهد بدرا.. وله الموقف الشهير كما تقدم.. وقاتل على فرس له تدعى “سَبْحَة”.. فكان أول من عدا به فرسه في سبيل الله.. وشهد أُحدًا أَيضًا والمشاهد كلها مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم..
- أَخبرنا غير واحد بإِسنادهم عن أَبي عيسى الترمذي قال.. عن ابن بُريدة.. عن أَبيه قال:
قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم..” إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَنِي بِحُبِّ أَرْبَعَةٍ.. وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُحِبُّهُمْ”. قيل: يا رسول الله سمهم لنا. قال: “عَلِيُّ مِنْهُمْ ـــ يَقُولُ ذَلِكَ ثَلَاثًا وَأَبُو ذَرٍّ.. وَالْمِقْدَادُ.. وَسَلْمَانُ”.. (منقول) - وروى علي بن أَبي طالب عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم أَنه قال: “لم يكن نبي إِلا أَعطى سبعة نجباء وزراء ورفقاء.. وإِني أَعطيت أَربعة عشر: حمزة.. وجعفر.. وأَبو بكر.. وعمر.. وعلي.. والحسن والحسين.. وابن مسعود.. وسلمان.. وعمار.. وحذيفة.. وأَبو ذر.. والمقداد.. وبلال”..
- وشهد المقداد فتح الشام.. وفتح مصر.. وظل يقاتل في سبيل الله حتى صار مسنا كبيرا.. ويحدث أبو بلال عن أبي راشد الحبراني أنه وافى المقداد بن الأسود.. وهو يتجهز.. فقلت: يا أبا الأسود قد أعذر الله إليك.. أو قال: قد عذرك الله.. (يعني في القعود عن الغزو).. فقال: أتت علينا سورة براءة.. {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً} [التوبة: 41]..
رابعا.. في روايته للحديث.. روى المقداد عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم.. وروى عنه من الصحابة: علي.. وابن عباس.. والمستورد بن شداد.. وطارق بن شهاب.. وغيرهم. ومن التابعين: عبد الرحمن بن أَبي ليلى.. وميمون بن أَبي شَبِيب.. وعبيد اللّه بن عدي بن الخِيَار.. وجُبير بن نُفَير.. وغيرهم.. - أروى إِبراهيم بن محمد الفقيه وغيره عن سُلَيم ابن عامر.. حدثنا المقدادُ صاحبُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال: سمعتُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: “إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أُدْنِيَتِ الْشَّمْسُ مِنَ الْعِبَادِ.. حَتَّى تَكُونَ قِيْدَ مِيلٍ أَوْ اثْنَيْنِ” ـــ قال سليم: لا أَدري أَيّ الميلين عَنَى.. أَمسافة الأَرض أَم المِيلُ الذي يُكْحل به العين قال: “فَتَصْهَرُهُمُ الْشَّمْسُ.. فَيَكُونُونَ فِي الْعَرَقِ بِقَدْرِ أَعْمَالِهِمْ.. فَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُهُ إِلَى عَقِبَيْهِ.. وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُهُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ.. وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُهُ إِلَى حَقْوَيهِ.. وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ إِلْجَامًا” ـــ فرأَيت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يُشِير بيده إِلى فِيه.. أَي: يلجمه إِلجامًا..(منقول)..
- روى ثابت البناني عن أنس بن مالك عن المقداد بن الأسود أنه قال: والله لا أشهد لأحد أنه من أهل الجنة حتى أعلم ما يموت عليه.. فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “لقلب ابن آدم أسرع انقلابًا من القدر إذا استجمعت غليًا”..
- عن أبي النضر.. عن المقداد بن الأسود: أن علي بن أبي طالب أمره أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل إذا دنا من امرأته فخرج منه المذي: ماذا عليه؟ فإن عندي ابنته وأنا أستحي أن أسأله.. فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: “إذا وجد أحدكم ذلك فلينضح فرجه وليتوضأ وضوءه للصلاة”..
- وفيما قال صلى الله عليه وسلم عن المقداد بن عمرو.. عن عبد الله بن بُرَيدة.. عن أبيه.. عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله أمرني بحب أربعة.. وأخبرني أنه يحبهم: علي.. والمقداد.. وأبو ذر.. وسلمان”.. أخرجه التِّرمِذي وابن ماجه؛ وسنده حسن..(منقول)..
خامسا.. توفي المقداد سنة 33 هـ بالجرف.. فحُمل إلى المدينة.. وصلى عليه عثمان بن عفان.. ودُفن في البقيع.. وكان عمره عند وفاته 70 سنة.. وقيل أن سبب موته أنه شرب دهن الخروع.. وقيل فَتَقَ بطنه.. فخرج منه الشحم.. فمات.. والطريف أنه قيل أنه كان عظيم البطن.. وكان له غلام رومي.. فقال له..”أشقّ بطنك فأخرج من شحمة حتى تلطف”.. فشقّ بطنه ثم خاطه.. فمات المقداد.. وهرب الغلام.. وكان للمقداد ابنتين هما كريمة وضباعة…. أراكم على خير إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.